ليبيا: استمرار وقف إطلاق النار في طرابلس

2 weeks ago 14
ARTICLE AD BOX

ما يزال وقف إطلاق النار في العاصمة الليبية طرابلس متماسكاً، منذ أن دخل حيز التنفيذ، ظهر اليوم الأربعاء، إذ لا تزال قوة جهاز الردع ملتزمة بتمركزاتها حول قاعدة معيتيقة، معقلها الرئيسي شمال العاصمة، بينما تراجعت قوة اللواء 444 قتال إلى تمراكزاتها جنوب شرق العاصمة.

وفي الوقت الذي نشرت فيه قوة دعم المديريات أفرادها وآلياتها في الطرقات الرئيسية وسط طرابلس وخلالها، كخط فاصل بين الطرفين المتقاتلين، بدأت لجنة حكومية في حصر أضرار الاشتباكات في عديدٍ من الأحياء التي شهدت قتالاً بين الفصيلين خلال ساعات البارحة وصباح اليوم، دون أن يُعلن حتى الآن عن حجم الضحايا في صفوف المدنيين.

وباستثناء الإعلانات التي نشرها جهاز طب الطوارئ والدعم وجهاز الهلال الأحمر عن انتشال أربع جثث لمدنيين في مناطق متفرقة، لم يعلن حتى الآن عن حجم الإصابات وإذا ما كان ثمة ضحايا آخرون من المدنيين، خاصة أن القتال طاول بضراوة أغلب أحياء العاصمة صباح اليوم.

وفي أحياء زاوية الدهماني والظهرة وباب بن غشير والفرناج، وسط العاصمة، تضررت ممتلكات المدنيين بشدّة جراء تطاير القذائف العشوائية والرصاص، فتصاعدت أعمدة الدخان من بعض الشقق والسيارات المحترقة، بالإضافة لأعمدة الدخان المتصاعدة من كبريات المباني في العاصمة، وأبرزها فندق كورنثيا ومجمع ذات العماد التجاري، اللذان أصيبا على نحو بالغ بالقذائف العشوائية.

ورغم تبعية اللواء 444 قتال لوزارة الدفاع، والقوات التي قدمت له دعماً، كقوة العمليات المشتركة وقوة مكافحة الإرهاب وقوة الأمن العام واللواء 111 مجحفل لوزارة الداخلية، إلا أن الحكومة تبنت إعلان وقف إطلاق النار والبدء بتنفيذه عبر وزارة الدفاع دون أن تحدد موقفها الواضح من التصعيد العسكري، ومن جانبه تبنى المجلس الرئاسي الذي يتبعه طرف القتال الآخر، وهو جهاز قوة الردع، وقف إطلاق النار، دون أن يحدد موقفه أيضاً. وأصدر رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وخالد المشري، بصفته رئيس المجلس الأعلى للدولة، بيانين منفصلين، حملا فيه الحكومة في طرابلس مسؤولية الأحداث الدامية التي شهدتها العاصمة.

وفي بيانه دعا صالح المجلس الأعلى للدولة التواصل مع مجلس النواب لتشكيل حكومة موحدة للبلاد "في أسرع وقت، لتتولى تهدئة الأوضاع وإحلال الأمن والسلام". وانتقد صالح ما وصفه بـ"سعي حكومة الوحدة الوطنية منزوعة الثقة للتمسك بالسلطة، واستمرارها في العبث بمؤسسات الدولة، ورغبتها في تعطيل جهود مجلسي النواب والدولة وبعثة الأمم المتحدة لإنهاء الانقسام في ليبيا، ما أدى إلى جر البلاد إلى حالة من الاقتتال بين الإخوة"، وفقاً لبيانه، محمّلاً حكومة الوحدة "المسؤولية الوطنية والقانونية والأخلاقية" حيال الحرب التي شهدتها طرابلس اليوم.

كذلك انتقد صالح موقف المجتمع الدولي والبعثة الأممية "لعدم ممارسة الضغط الدولي الكافي على حكومة الوحدة للتخلي عن السلطة وتسليمها لحكومة موحدة، وسحب الاعتراف الدولي بشرعيتها ودعم ومساندة مجلسي النواب والدولة لتشكيل حكومة جديدة محددة الولاية مهمتها إنهاء الانقسام المؤسساتي ودعم المفوضية الوطنية العليا للانتخابات لتنظيم الانتخابات البرلمانية والرئاسية المتزامنة طبقاً لمقترح ورأي اللجنة الاستشارية" التي كلفتها البعثة الأممية بمعالجة القضايا في القوانين الانتخابية.

ومن جانبه، حمّل المشري حكومة الوحدة الوطنية مسؤولية المواجهات التي شهدتها طرابلس اليوم، معتبراً أن القرارات التي أصدرتها الحكومة أمس الثلاثاء بشأن إقالة عدد من الشخصيات وتكليف بديل عنها في الأجهزة الأمنية، هي السبب في المواجهات. وأوضح المشري أن حكومة الوحدة الوطنية "لم تحسب حساباً لعواقب القرارات المتهورة، وما قد تحمله من تبعات كارثية على أمن طرابلس وسلامة أرواح سكانها، وعلى الممتلكات العامة والخاصة". ودعا المشري مجلس النواب إلى "البدء فعالياً بإجراءات تشكيل حكومة جديدة موحدة لكل الليبيين، بالتنسيق مع مجلس الدولة ورئاسته الشرعية؛ لإنقاذ البلاد من شبح الحرب والفوضى والاقتتال في أقرب وقت ممكن، فالأمر لم يعد يحتمل مزيداً من الوقت لإضاعته، ولا المقامرة بدماء الشعب الليبي وأمنه وسلامته".

وفي الغضون، حمل مجلس حكماء وأعيان طرابلس المركز، مساء اليوم الأربعاء، المجلس الرئاسي الحكومة ورئاسة الأركان "مسؤولية حماية أرواح المدنيين وممتلكاتهم"، مطالباً بضرورة سحب التشكيلات المسلحة كافة خارج طرابلس، كما طالب عميد البلدية باتخاذ موقف حاسم برفض الحرب وإخراج التشكيلات من وسط العاصمة. ونظم عدد من أهالي منطقة سوق الجمعة بطرابلس، التي ينتمي إليها جهاز الردع، وقفة احتجاجية مساء اليوم، أكدوا فيها دعمهم لجهاز الردع، وطالبوا بضرورة تشكيل حكومة موحدة للبلاد، وحملوا الحكومة في طرابلس مسؤولية "الصدام الدامي" الذي شهدته العاصمة.

وفي مقابل هذه المواقف، لم يصدر عن الحكومة أي بيان يبرر عملياتها القتالية حتى الآن.
وعقب عملية عسكرية نفذتها قوات الحكومة ضد جهاز دعم الاستقرار انتهت بإسقاطه، أصدرت حكومة الوحدة الوطنية عدداً من القرارات التي وصفتها بـ"الحاسمة" ضمن "إجراءات تعزيز هيبة الدولة وبسط سلطة القانون"، في خطوة تستهدف إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية المرتبطة سابقاً بجهاز دعم الاستقرار، من بينها إلغاء "إدارة العمليات والأمن القضائي" المرتبط بجهاز دعم الاستقرار وجهاز قوة الردع، بالإضافة إلى قرار آخر يقضي بحل جهاز الردع، إثر تصاعد التوتر والتحشيد العسكري بين قوة جهاز الردع وقوة اللواء 444 قتال أمس الثلاثاء.

وسريعاً تحوّل التصعيد الى مواجهات مسلحة بين الطرفين في أحياء وسط العاصمة، فتوسعت دائرة القتال مع الساعات الأولى لصباح اليوم لتشمل أغلب أحياء العاصمة باستخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة. وانضمت الى القتال قوات قدمت من مدينة الزاوية، غرب طرابلس، لدعم جهاز الردع، وانضمت قوة العمليات المشتركة وقوة مكافحة الإرهاب وقوة الأمن العام وقوة اللواء 111 مجحفل، لدعم اللواء 444. وفي الوقت الذي خسرت فيه قوة الردع عدداً من مواقعها وتراجعت في اتجاه معقلها في قاعدة معيتيقة، أعلنت وزارة الدفاع بالحكومة عن وقف إطلاق النار، وبدء انتشار قوة دعم المديريات في مواقع القتال للفصل بين الطرفين.

ودعت سفارات فرنسا وإيطاليا وبريطانيا وأميركا وألمانيا، الحكومة المجلس الرئاسي في طرابلس باتخاذ كافة التدابير اللازمة لحماية المدنيين، واستعادة الهدوء على الفور بما يخدم مصالح جميع الليبيين. وفي الوقت الذي أعربت فيه الدول الخمس، في بيان مشترك نشرته سفارة الولايات المتحدة على منصاتها الالكترونية، عن قلقها العميق حيال أعمال العنف التي شهدتها طرابلس، رحبت باتفاق وقف إطلاق النار، وشددت على ضرورة "احترامه بالكامل ودون قيد أو شرط".

ومن جانبه دعا الاتحاد الأوروبي إلى "ضمان المساءلة الكاملة للمسؤولين" عن الأحداث الدامية التي شهدتها طرابلس، مشددة على ضرورة انخراط الأطراف المعنية في حوار حقيقي لحل الخلافات العالقة دون تأخير. وأكد الاتحاد الأوروبي، في بيان نشرته بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، على دعمه "القوي للإعلان الأخير عن الهدنة وما تلاها من تخفيف حدة التوتر في طرابلس"، وعبر عن قلقه "إزاء التقارير التي تفيد بوقوع إصابات في صفوف المدنيين والدمار الكبير الذي لحق بالبنية التحتية بالمناطق السكانية".

Read Entire Article