ARTICLE AD BOX
فقدت جمعية فلسطين لكرة القدم (البتر) لاعبها أحمد الدالي (33 عاماً)، إثر استشهاده رفقة زوجته وأبنائه في غارة جويّة "إسرائيليّة" استهدف مدينة خان يونس جنوبيّ قطاع غزّة، في التاسع عشر من الشهر الجاري. "العربي الجديد" التقى مؤسِّس جمعية فلسطين لكرة القدم (البتر) فؤاد أبو غليون، الذي كان مقرّباً من الدالي، إلى جانب إشرافه على عمل الجمعيّة الذي اختلف في هذه الأيام، في ظلّ حرب الإبادة المستمرّة التي شنّتها قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من شهر أكتوبر على الفلسطينيين دون توقّف.
صف لنا ظروف تأسيس جمعية فلسطين لكرة القدم (البتر)؟
أنا فؤاد أبو غليون، مؤسِّس جمعية فلسطين لكرة القدم (البتر)، وأحد الناشطين في رياضة ذوي الإعاقة، وعضو اللجنة البارالمبيّة الفلسطينية. في عام 2017 تابعت مباراة جمعت منتخبي إنجلترا وتركيا لكرة القدم (البتر) فاستهوتني اللعبة، والفكرة، خاصة وأن قطاع غزّة يحتوي على كثير من الشباب الذين يعانون من البتر، فصمّمت أن أنقل هذه اللعبة إلى فلسطين. البداية كانت صعبة لأن عدداً قليلاً من اللاعبين انضمّوا للفريق، بدأنا بسبعة لاعبين في منطقة دير البلح وسط قطاع غزّة، ثم ازداد العدد يوماً بعد يوم. انطلقنا رسمياً وتحصّلنا على الترخيص الدّولي نهاية العام 2018، ومع نهاية ذلك العام وبداية عام 2019 أصبح لدينا 75 لاعباً، قمنا بتوزيعهم على خمسة فرق تمثّل خمس مناطق في قطاع غزّة، وأسّسنا أول دوري للاعبي كرة القدم (البتر) في عام 2019. الصليب الأحمر كان من أوائل الداعمين لنا في مشروع كرة القدم (البتر) وساعدنا على استقدام مدرّب من خارج البلاد، وهو الإيرلندي سيمون بيتر.
ما هي الأرقام التقريبيّة لعدد لاعبي كرة القدم (البتر) نتيجة الحروب على قطاع غزّة؟ وهل تغيّرت الأرقام خلال الحرب الحالية؟
في المرحلة الأخيرة كان عدد لاعبي الكرة في فلسطين حوالى 75 لاعباً منتظماً في بطولة الدوري، والتدريبات، وكان لدينا منتخب كذلك، إلى جانب 35 طفلاً وطفلة يمارسون اللعبة، أما اليوم فالأعداد تزايدت بالعشرات، وحسب معلوماتنا فإن هناك أكثر من 3500 حالة بترة في قطاع غزّة، وهذا سيشكّل عبئاً كبيراً على الرياضة، وإمكانية استيعاب اللاعبين.
ودّعتم قبل أيام لاعبكم أحمد الدالي (33 عاماً).. كيف تصفه؟ وكيف استشهد؟
أحمد الدالي من خان يونس، وهو من أوائل اللاعبين الذي انضمّوا لجمعية فلسطين لكرة القدم (البتر)، وكان لاعباً جيّداً، ومثابراً، إذ كان يحضر التمارين قادماً من دير البلح، ويلعب في جميع المراكز، وكان ضحوكاً، يساهم في رسم الابتسامة على وجه زملائه. هو أحد لاعبي فريق خانيونس، وشارك مع المنتخب الوطني في تصفيات بطولة غرب آسيا في إيران عام 2022 المؤهلة إلى بطولة كأس العالم- تركيا 2022. للمفارقة أحمد تواصل مع زملائه ومدرّبه قبل يومين من استشهاده، وكان يسألهم عن المشاركة في بطولة غرب آسيا التي كانت ستحتضنها إيران كذلك في شهر سبتمبر/ أيلول المقبل، لكن القدر كان أسرع منّا ومن مشاركتنا، ومشاركة أحمد تحديداً الذي استشهد في حزام ناري استهدف منطقة "الكتيبة" في خانيونس.
ما هي أبرز النشاطات التي كنتم تقومون بها قبل حرب الإبادة "الإسرائيليّة"؟
هدفنا الأساسي الذي تأسّسنا لأجله هو ممارسة كرة القدم للمبتورين في أطرافهم العلويّة، أو السفليّة، ولذلك قمنا بتدريب الشباب والأطفال، وقمنا بإنشاء دوري، وبطولات، ونقوم بعمل تمارين تخصّ المنتخب الوطني من أجل تمثيل فلسطين خارجياً. ولم يكتفِ دور جمعة فلسطين لكرة القدم (البتر) على ممارسة كرة القدم، وإنما قمنا بأعمال ترفيهية، ورحلات إلى الشواطئ، وتأهيل نفسي للأشخاص، وقمنا بتكوين فريق لقصار القامة في قطاع غزّة، واستشهد منه اللاعب أحمد عوض (25 عاماً)، وكل ذلك كان من أجل دعم الرياضات النوعيّة، إذ بدأنا قبل الحرب أيضاً بتكوين فريق كرة قدم للمكفوفين.
ما هي أبرز النشاطات التي قمتم بها أثناء حرب الإبادة.. وما هي أهدافكم من ذلك؟
في بداية الحرب اقتصر عملنا على إغاثة النازحين، ومن ذلك أننا فتحنا مقرّ الجمعيّة ليسكن فيه أُناس نازحون وصل عددهم إلى أكثر من 300 شخص أغلبهم من منطقة الشجاعيّة. استهدفنا في البداية إغاثة "ذوي البتر" من ناحية تقديم المأكل، والملبس، لكن مع توسّع العمل الإغاثي توجّهنا لعمل نشاط رياضي في مخيّمات النزوح، من أجل رفع الرّوح المعنويّة، وتقديم الدّعم النفسي، لدى الأطفال والشباب والنساء، وساعدتنا في ذلك إحدى الجمعيّات الفرنسية تحت مسمّى التغيير الاجتماعي من خلال الرياضة. لاحقاً انتشرنا في حوالى 6 مخيّمات للنزوح، من خلال ممارسة لعبة كرة الطائرة، وألعاب القوى، وكرة القدم (البتر)، وكرة القدم، بهدف رسم الابتسامة، والسعادة، ومساعدة الناس في ظلّ الظروف الصعبة. نعمل على تأهيل الأطفال، ودعمهم نفسياً، ورفع الروّح المعنويّة لدى الناس عموماً.
ما هو نوع الدعم الذي تحتاجه الجمعيّة لتخدم قسماً أكبر من أهل قطاع غزّة؟
اليوم أصبح الوضع أكثر صعوبة، إذ نتوقّع ضغطاً أكبر علينا بسبب ارتفاع إعداد الأشخاص الذين يعانون من البتر سواء من الأطفال، أو الشباب، ومن ذلك مثلاً: يتواجد في مصر وحدها أكثر من 20 شاباً من مبتوري الأطراف يطلبون منّا أن نقيم لهم معسكراً تدريبياً في مصر من أجل أن يخرجوا من الحالة التي هم فيها. نأمل مستقبلاً أن يكون لدينا ملعب مناسب في قطاع غزّة ليخدم هذه الفئة، ولكن لكي نعمل بصورة جيّدة نحن بحاجة إلى مساعدات ماليّة، ومن ذلك أن يكون لدينا راعٍ سخي يعمل من أجل خدمة هذه الفئة.
