ما الدوافع وراء خوض عشيرة صدام حسين الانتخابات العراقية؟

1 day ago 3
ARTICLE AD BOX

غطّى الحديث حول مشاركة أفراد من عشيرة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في الانتخابات التشريعية العراقية المقرّر إجراؤها في 11 من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، على المشهد السياسي السياسي في البلاد خلال الأيام الماضية. وكشف السياسي العراقي ورئيس تحالف "العزم" مثنى السامرائي، أنّ عشيرة البو ناصر، التي ينتمي إليها صدام حسين، حدّثت جميع بيانات أبنائها تمهيداً للمشاركة في الانتخابات، مطالباً في حديث لمحطة تلفزيون محلية عراقية، بـ"إعادة سكان قرية العوجة (مسقط رأس صدام حسين) إلى منازلهم التي يسكنون على بعد 200 متر منها فقط".

والعوجة هي المدينة التي ولد فيها صدام حسين وهي مفرغة من سكانها منذ نحو 11 عاماً، حيث لا تسمح فصائل مسلحة بعودة أهلها إليها، بذرائع يتم ربطها بالوضع الأمني والعشائري. ولم تنف مشيخة عشيرة البو ناصر أو أي من الواجهات الرئيسية لها في تكريت المعلومات التي أدلى بها السامرائي. وخلال الأسابيع الماضية جرت زيارات عدة لقادة أحزاب شيعية وسنية، إلى مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين، آخرها رئيس جماعة "عصائب أهل الحق"، قيس الخزعلي، وعدد من شيوخ وشخصيات تكريت، وقد فتحت هذه الزيارة باب التكهنات حول نيّات التحالف الانتخابي مع عشيرة البو ناصر التي ينتمي إليها صدام حسين.

وتواصل "العربي الجديد" مع ثلاثة مصادر سياسية من مدينة تكريت، وأكدت جميعها أنّ "زيارة الخزعلي إلى تكريت واللقاء بشخصيات عشائرية ووجهاء المدينة لا تهدف إلى التحالف مع عشيرة صدام حسين، وأنّ الخزعلي يرفض المجازفة في هذا الشأن، لكن قد يكون هناك تحالفات بين الخزعلي وشخصيات من تكريت، وهو أمر طبيعي في ظل الجهود الانتخابية، لكنها ليست من أقرباء الرئيس الراحل صدام حسين". وقالت المصادر، اليوم الجمعة، "هناك تنافس بين الأحزاب الشيعية والسنية على التحالف مع العشائر في محافظة صلاح الدين، لا سيما أنّ قادة الأحزاب مكّنوا بعض وجهاء وشيوخ العشائر بالمال والنفوذ".

وأضافت المصادر أنّ "الوضع السياسي في محافظة صلاح الدين، معقّد إلى حدٍّ ما، لا سيما أنّ معظم مدن المحافظة مقسمة بين الأحزاب، بالتالي فإنّ خلق تحالفات عابرة للطائفية أمر وارد"، مشيرة إلى أنّ "عشيرة صدام حسين كانت قد اجتمعت خلال الفترة الماضية لأكثر من مرة، وقررت أن تدخل السياسة عبر بوابة الانتخابات، لكنها لم تصل إلى تحالفات نهائية، لكن الأقرب لها هو زعيم تحالف العزم مثنى السامرائي".

ولفتت إلى أنّ "الغاية من الدخول إلى البرلمان ومحاولة التأثير في السلطة التنفيذية (الحكومة) هي محاولة حلّ المشكلات التي تعانيها العشيرة ومن ضمنها أزمة النازحين والمناطق منزوعة السكان تحت ذريعة القرابة من صدام حسين والإرهاب وغيرها من الذرائع التي لم تعد العشيرة تقبلها"، موضحة أنّ "العشيرة لديها مخاوف حقيقية من مضايقة وتهديد مرشحيها، لذلك قررت دخول العمل السياسي، مع تأكيد أنّ حراكها الجديد لا علاقة له بمشروع جمال مصطفى (زوج ابنة صدام، أُفرج عنه عام 2021 بعد سنوات من الاعتقال)".

من جهته، أشار الناشط السياسي من محافظة صلاح الدين محمد العيادة، إلى أنّ "معظم العشائر العربية السنية التي كان لديها وجود وحضور في نظام ما قبل عام 2003 جرى تهميشها والضغط عليها وترويعها، وبقيت لأعوام بلا قدرة على التحرك أو إثبات الوجود والمشاركة في العمل السياسي، بضمنها عشيرة صدام حسين"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أنّ "الخلاف مع حزب البعث وصدام حسين ونظامه لا ينسحب إلى أفراد عشيرته الذين لم يتورّطوا في ارتكاب الجرائم أو الاشتراك في النظام السابق، بالتالي فإنّ من حقهم الاشتراك في الانتخابات".

وأكمل العيادة أنّ "وجهة نظر بعض العشائر بما فيها عشيرة صدام حسين هو سحب محافظة صلاح الدين تدريجياً من سيطرة الأحزاب والفصائل المسلحة"، مضيفاً أنّ "الدخول في العمل السياسي سيكون له ضريبة على العشائر التي لم تتوغل في السياسة بعد عام 2003، لكن يبدو أنّ هذه العشائر تدرس الموقف وتلجأ إلى تحالفات مع أحزاب تقليدية معروفة لأجل الحصول على الحماية".

من جانبه، بيَّن الكاتب والباحث العراقي إياد الدليمي، أنّ "موضوع عشيرة الرئيس الراحل صدام حسين وتكريت والعوجة مسقط رأسه، تحوّل إلى موضوع سياسي وانتخابي بامتياز، ليس الآن وإنما منذ اللحظة الأولى لسقوط النظام السابق عام 2003، وصارت غالبية الأحزاب التي تصدرت المشهد السياسي تتاجر به لأغراضها الخاصة ومصالحها الحزبية، وليس الأمر بجديد، ولكن الجديد هذه المرة هو المتاجرة العكسية بهذا الموضوع فبعد أن كان موضوع إقصائهم من أي نشاط سياسي أو حتى اجتماعي واقتصادي هو الأبرز من قبل تلك الأحزاب، الآن باتت عملية إعادتهم إلى الواجهة ولو بدرجة بسيطة هو الذي يدفع بعض الأحزاب إلى التعامل مع ملف العوجة وتكريت وعشيرة الرئيس الراحل".

ورأى الدليمي في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "الأحزاب الحالية خاصة المتصدرة للعمل السياسي منذ 2003، باتت في مأزق كبير، وهي تدرك ذلك جيداً، بعد خسارتها المدوية في 2021"، مضيفاً أنّ "هذه الأحزاب على استعداد اليوم للتحالف مع من تعتقد أنه قد يوفر لها مقعداً في هذه الدائرة أو تلك ومن هنا جاء تحالف كتلة صادقون مع عشائر من تكريت من بينها عشيرة صدام حسين". وقال إنّ هذا التحالف دفع خصوم كتلة صادقون التي يقودها قيس الخزعلي إلى مهاجمة الكتلة من أجل كسب نقاط في جولة الانتخابات المقبلة. وعلّق قائلاً "أمر مؤسف جداً أن يتحول هذا إلى ملف انتخابي خالٍ من أي قيمة إنسانية، خاصة أن عشيرة الرئيس الراحل وعشائر مدينة العوجة الأخرى تعاني الإقصاء والتهميش بلا أي سبب أو ذنب".

ولفت إلى أن "مشاركة أحد أبناء عشيرة صدام حسين يفترض أن تكون أمراً عادياً فهو مواطن وبما أنه بلا جريمة تمنعه من المشاركة فالأصل أن ذلك حق بلا منّة من أحد، إلا أنه في العراق يصبح حتى ماء الشرب منجز للأحزاب والسلطة"، ختماً بالقول إنّ "الانتخابات العراقية في كثير من وجوهها هي انتخابات بلا قيم إنسانية ويباح فيها كل شيء وكأنها ساحة حرب".

Read Entire Article