ما يعنيه انضمام مصر إلى "الرباعية" الخاصة بالسودان

3 hours ago 1
ARTICLE AD BOX

كشفت مصادر دبلوماسية مصرية لـ"العربي الجديد"، أن القاهرة كثّفت خلال الأسابيع الأخيرة، تحركاتها الإقليمية والدولية على خط حرب السودان الدائرة منذ 15 إبريل/ نيسان 2023، بين الجيش وقوات الدعم السريع، وذلك بالتوازي مع تنسيقها المباشر مع القيادة العامة للجيش السوداني. كما رفعت مصر منسوب دعمها السياسي والإعلامي والعسكري، "بما لا يخرج عن الإطار الدبلوماسي العلني، ولكن بما يكفي لتعديل موازين القوى".

وأضافت المصادر أن "القيادة المصرية كانت تنظر بعين القلق إلى تمدد قوات الدعم السريع في بعض المناطق الحدودية، إضافة إلى نفوذ بعض الأطراف الإقليمية التي كانت تدفع في اتجاه شرعنة الانقسام داخل السودان". وأشارت إلى أن هذا التحرك من جانب القاهرة، لم يقتصر على الجانب العسكري، بل شمل أيضاً "جهداً دبلوماسياً عالي المستوى في العواصم الفاعلة في الملف السوداني". توّج هذا الأمر، بحسب المصادر، بانضمام مصر رسمياً إلى المجموعة الرباعية الخاصة بالسودان، والتي تضم كذلك الولايات المتحدة والسعودية والإمارات، لتحل محل بريطانيا، التي كانت تراجعت مشاركتها في الأسابيع الأخيرة بسبب خلافات داخلية حول تقييم الموقف السوداني.

انضمام مصر إلى الرباعية

برأي السفير حسام عيسى، مساعد وزير الخارجية الأسبق لشؤون السودان، فإن انضمام مصر إلى الرباعية الدولية المعنية بالسودان "خطوة طبيعية ومنطقية"، بالنظر إلى الأهمية الاستراتيجية الكبرى التي يمثلها السودان لمصر، باعتباره دولة نيلية (على نهر النيل) تطل على البحر الأحمر، فضلاً عن عمق العلاقات التاريخية بين البلدين. وأوضح لـ"العربي الجديد"، أن "مصر أثبتت خلال الحرب الراهنة فعاليتها الكبيرة في الملف السوداني، ليس فقط من خلال موقفها الواضح والداعم لكيان الدولة السودانية والمؤسسة العسكرية، بل أيضاً عبر استضافتها نحو 70% من السودانيين الفارين من الحرب، أي ما يقارب مليوني لاجئ، دون أن تضعهم في معسكرات احتجاز كما تفعل دول أخرى".

حسام عيسى: الحديث عن تفاهمات إقليمية جديدة أو مبادرات كبرى  فيه شيء من المبالغة

وأكد عيسى أن "الحرب في المقام الأول مسؤولية سودانية، وعلى الأطراف السودانية أن تتحمل مسؤولية إنهائها، فيما يقتصر دور القوى الإقليمية والدولية على تسهيل هذا المسار ودعمه". وشدد على أن "المجتمع الدولي يسعى حالياً لتأمين المساعدات الإنسانية ووقف الانتهاكات، لكن القرار بشأن وقف الحرب يظل سودانياً بالكامل". وتطرق عيسى إلى زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للإمارات، الأسبوع الماضي"، قائلاً إنها "بلا شك تطرقت إلى الوضع في السودان، وكذلك إلى أمن البحر الأحمر الذي يمثل ممراً مائياً حيوياً لكل من مصر والإمارات، سواء في ما يتعلق بقناة السويس أو بصادرات النفط الإماراتية (في ظل هجمات الحوثيين في اليمن منذ نهاية 2023 إسناداً لغزة)". واعتبر أن "الحديث عن تفاهمات إقليمية جديدة أو مبادرات كبرى في هذه المرحلة فيه شيء من المبالغة، في ظل انشغال الطرفين بتطورات الحرب التي باتت تشكل أولوية قصوى".

أكدت الرباعية، في بيان عقب اجتماع رفيع المستوى في واشنطن، يوم الثالث يونيو/ حزيران الحالي، ضم كلاً من نائب وزير الخارجية الأميركي كريستوفر لاندو، والمستشار الأميركي للشأن الأفريقي مسعد بولس، وسفراء مصر والإمارات والسعودية (لدى واشنطن)، أن "الحل العسكري لن يُنهي الأزمة في السودان". وشددت على ضرورة تعزيز المساعي الدبلوماسية والحوار السياسي. ولم يغب عن المراقبين أن هذا الاجتماع عُقد بالتزامن مع زيارة السيسي للإمارات المتهمة بدعم قوات الدعم السريع لوجستياً وسياسياً. ورغم وجود سفير الإمارات في الولايات المتحدة، يوسف العتيبة، ضمن الاجتماع، لم يتطرق البيان إلى تلك الاتهامات، مكتفياً بالتأكيد على ضرورة احترام القانون الدولي الإنساني ووقف إطلاق النار.

الخضر هارون: مصر والإمارات والسعودية تتفق على ضرورة استبعاد الإسلاميين من السلطة في السودان

تباين رؤى

وفي السياق، قال السفير السوداني السابق لدى واشنطن، الخضر هارون، لـ"العربي الجديد"، إن "مصر والإمارات والسعودية تتفق -بدرجات متفاوتة- على ضرورة استبعاد الإسلاميين من السلطة في السودان بعد الحرب، وهو موقف تشاركهم فيه الولايات المتحدة وإسرائيل"، لكنه لا يخفي "تباين الرؤى في ملفات أخرى". وأوضح هارون أن "مصر ترفض استبدال الجيش السوداني بمليشيا الدعم السريع، بينما تسعى الإمارات لإقناع القاهرة بالعكس، عبر تقديم ضمانات بشأن مستقبل تلك المليشيا"، مشيراً إلى وجود تضارب في المصالح الإقليمية بشأن من يحكم السودان. وعلّق هارون على بيان الخارجية الأميركية بشأن الاجتماع الرباعي الذي حضره سفراء السعودية والإمارات ومصر، قائلاً إن "البيان لا يوضح ما إذا كانت مصر قد حلت مكان بريطانيا في الرباعية، أم أنها أُضيفت إليها مؤقتاً"، لافتاً إلى أن الغموض لا يزال يكتنف الشكل النهائي لهذه الترتيبات. ومن الملاحظ، وفق هارون، أن الاجتماع قد يكون أقرب إلى جلسة تعريفية بالوضع السوداني للمسؤولين الأميركيين، "خصوصاً في ظل غياب سياسة واضحة لإدارة (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب حول الحرب في السودان، وهو ما أقرّ به سابقاً، مسعد بولس، عندما سُئل عن هذا الملف".

من ناحيته قال الخبير العسكري والاستراتيجي معتصم عبد القادر، لـ"العربي الجديد"، إن "الرباعية الدولية في تشكيلها القديم، والتي ضمت الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات، نشأت خلال الثورة السودانية بهدف تغيير النظام السياسي القائم آنذاك (عام 2019 ضد نظام عمر البشير)". وأضاف ان هذه الرباعية تطورت لاحقاً "لتبني مشروعاً سياسياً خاصاً تمثل في إخراج الاتفاق الإطاري، الذي كان يسعى لاستبعاد بقايا نظام الرئيس السابق عمر البشير، سواء على مستوى الأفراد أو المنظومة السياسية بأكملها". وأضاف عبد القادر أن "انضمام مصر إلى الرباعية يعكس حاجة هذا التكتل إلى طرف إقليمي له علاقات متوازنة وبنّاءة مع المؤسسة الحاكمة في السودان، وهو ما يمكن أن يسهم في تسريع إنهاء الحرب".

 

Read Entire Article