ARTICLE AD BOX
شهد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، اليوم الأحد، مراسم التوقيع على عقود مشروع "جريان" العقاري الضخم بمنطقة الشيخ زايد، غربي العاصمة القاهرة، والذي تُقدَّر مساحته الإجمالية بنحو 1600 فدان، وتتشارك فيه الدولة، ممثلة بجهاز "مستقبل مصر للتنمية المستدامة" التابع للجيش، مع شركات بارزة في القطاع الخاص مثل "بالم هيلز" و"ماونتن فيو".
وقال مدبولي في مؤتمر صحافي بمناسبة تدشين المشروع، "إن المشروع يأتي في إطار شراكة استراتيجية بين الدولة والقطاع الخاص، بمشاركة شركات كبيرة في مجال التطوير العقاري"، مضيفًا أن المشروع سيمثل جزءًا من أراضي الدلتا الجديدة، المستهدف أن تمتد على مساحة مليونين ونصف المليون فدان، بما يعادل مساحة أربع أو خمس محافظات مصرية.
وتابع مدبولي أن المشروع العقاري الجديد يمتاز بقربه من الطريق الدائري الأوسطي، ما يسهل عملية الوصول إليه، وأيضًا من نقاط جذب رئيسية وحيوية مثل المتحف المصري الكبير، ومطار سفنكس الدولي، مستطردًا بأنه أول مشروع عقاري في الدلتا الجديدة، وجاء استجابة لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بتطوير هذه المنطقة من خلال الشراكة بين الدولة وشركات العقارات العملاقة في القطاع الخاص.
وأضاف أن المشروع سيكتمل خلال خمس سنوات ليكون بمثابة نواة عمرانية كبيرة، ومن شأنه توفير نحو 250 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، مشيرا إلى تمتع المشروع بإطلالات مباشرة على مياه النيل، إثر مد تفريعة جديدة من نهر النيل عبر الصحراء الغربية بهدف تعظيم الاستفادة من الأراضي الصحراوية.
واستدرك مدبولي: "لسان حال المواطن أننا نرى مشروعًا لا يخاطب الأسر من الشباب ومتوسطي الدخل، ولكنني أؤكد أن المشروع يعد جزءًا من منظومة عمرانية متكاملة، وستتضمن في ما بعد مدنًا وقرى تخدم كل المستويات"، على حد تعبيره.
أما الشركة المالكة لأرض المشروع، هي "نيشنز أوف ذا سكاي"، التي أسسها جهاز "مستقبل مصر" - بالتعاون مع المخابرات العامة - العام الماضي، وستكون مسؤولة بالكامل عن عملية البناء، بينما تتولى شركتا "بالم هيلز" و"ماونتن فيو" مهام تسويق وإدارة التجمعات السكنية (الكومباوندات) الخاصة بهما.
من جانب آخر، قال نائب رئيس مجلس إدارة شركة "نيشنز" الوليدة تامر نبيل في كلمته بالمؤتمر، إن المشروع يعكس رؤية الدولة إزاء تطوير منطقة الدلتا الجديدة، واستغلال الموارد الطبيعية بشكل مبتكر، مضيفًا أن الفكرة بدأت حين رصدت الدولة قطعة أرض للمشروع غير صالحة للزراعة، تقع في موقع استراتيجي يمر من خلاله نهر النيل، وذلك بغرض تحويلها إلى مدينة عقارية ذكية ومستدامة. وتابع أن المشروع لا يستهدف التوسع العمراني فحسب، وإنما تقديم نموذج حديث للتنمية المتكاملة التي تراعي البيئة، وتستخدم الموارد بأعلى كفاءة ممكنة. وستوظف الشركة خبرات محلية ودولية من أجل وضع تصور شامل للمدينة، يراعي فيه أحدث معايير الاستدامة الذكية والتنمية الحضرية الحديثة.
ووفقًا لبيان صادر عن مجلس الوزراء، فإن "جريان" هي أول مدينة سكنية صديقة للبيئة، تجمع بين خبرات كبار المطورين العقاريين في مشروع واحد، وستُخصّص لها الحكومة ثلاثة مصادر للري، منها تفريعة من نهر النيل تبدأ من فرع رشيد مرورًا بمحور الشيخ زايد، على أن يتراوح عرض المجرى المائي داخل المدينة ما بين 50 و240 مترًا. وتحتوي المدينة على أكثر من 20 ألف وحدة سكنية بمساحات متنوعة، تبدأ أسعارها من 7.6 ملايين جنيه للوحدة المكونة من غرفة واحدة (استوديو)، وصولًا إلى 175 مليون جنيه للفيلات الفاخرة، أي ما يعادل نحو 3.51 ملايين دولار(الدولار = 49.77 جنيهًا).
كما تشمل المدينة مراكز تجارية، وفنادق عالمية، وجامعات دولية، ومستشفى، ومدينة إعلامية، وأندية رياضية عالمية. وتستحوذ المسطحات المائية على حوالي 20% من إجمالي مساحة "جريان"، والمساحات الخضراء على نحو 30%، والمباني السكنية على 50%، وفقًا للمخطط العام للمدينة. وقد انتعشت الشركات التي يملكها الجيش والجهات السيادية في عهد السيسي، ما يثير قلق رجال الأعمال والمستثمرين المحليين والأجانب، بالإضافة إلى صندوق النقد الدولي، الذي أوصى مرارًا بضرورة تخارج شركات الدولة من الاقتصاد المصري، وإفساح المجال للقطاع الخاص.
وتأسس جهاز "مستقبل مصر" بموجب قرار جمهوري في عام 2022، وهو الذراع التنموية للقوات المسلحة. ورغم تركيزه في بادئ الأمر على مشروعات استصلاح الأراضي، إلا أنه توسع في نطاق عمله ليشمل قطاعات رئيسية في الاقتصاد، فضلًا عن توليه مسؤولية بعض المشروعات الهامة من مؤسسات عسكرية أخرى، وكذلك هيئات مدنية. وبموجب قرارات متتالية من السيسي، استحوذ الجهاز على مشروعات في المجال الزراعي بإجمالي أربعة ملايين فدان، وفي المجال الصناعي عبر أكبر مدينة لمشروعات التصنيع الزراعي بمحور الضبعة، وسوق لوجستي على مساحة 500 فدان، وأكبر صوامع في مصر بسعة تخزينية تصل إلى 2.5 مليون طن من القمح.
كما منح السيسي الجهاز كامل مساحة بحيرة البردويل الواقعة شمالي سيناء، بدعوى البدء في أعمال التنمية الاقتصادية وتطوير مراسي الصيد لزيادة الإنتاجية السمكية. وتنتج البحيرة كميات كبيرة من الأسماك تصل إلى أربعة آلاف طن سنويًا، وهي بحيرة شديدة الملوحة يبلغ طولها نحو 90 كيلومترًا، وعرضها نحو 22 كيلومترًا، ويفصلها عن البحر المتوسط ممر رملي ضيق. وتتوسع الحكومة المصرية في نقل ملكية الأراضي للشركات المملوكة للجيش بدلًا من القطاع الخاص، بما يتعارض مع حديثها المتكرر عن الالتزام بتعزيز دور القطاع في النشاط الاقتصادي، وتنفيذ بنود وثيقة سياسة ملكية الدولة المتعلقة بتقليص دور الدولة في الاقتصاد تدريجيًا.
