ARTICLE AD BOX

<p>اجتمعت الأطراف الكردية بدعم دولي في القامشلي وأصدروا رؤية سياسية موحدة لمستقبل البلاد (اندبندنت عربية)</p>
خلال الأيام القليلة الماضية عادت عجلة المحادثات وتطبيق الاتفاق التاريخي بين قوات سوريا الديمقراطية "قسد" ودمشق بالدوران، بعدما دخلت حالاً من الجمود والعرقلة لا سيما في تبادل الأسرى بين الطرفين ضمن إطار الاتفاق الفرعي الخاص بحيي الشيخ مقصود والأشرفية بحلب.
التحرك الأبرز لهذه المحادثات كان لقاء وفد الإدارة الذاتية الخاص بتنفيذ اتفاق الـ10 من مارس (آذار) 2025 مع نظيره الحكومي من اللجنة المتخصصة والمكلفة من الرئيس السوري أحمد الشرع، وجرى ذلك في الأول من يونيو (حزيران) الجاري في العاصمة دمشق، وهو الأول من نوعه منذ إعلان تشكيل الوفد الخاص بالإدارة الذاتية الذي التقى نظيره من اللجنة المركزية المكلفة من الرئاسة السورية لمتابعة تنفيذ الاتفاق مع "قسد".
وعقب اللقاء الذي دام أكثر من ساعتين قال عضو اللجنة الحكومية العميد زياد العايش إن ثمة توافقاً بين اللجنة المتخصصة في إتمام الاتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية مع وفد منها على عدد من الملفات المهمة، وإن الاجتماع عقد في "أجواء إيجابية اتسمت بروح المسؤولية والحرص المتبادل على المصلحة الوطنية"، مضيفاً أن أبرز ما توُوفق عليه في الاجتماع من الملفات المهمة تشكيل لجان فرعية تخصصية لمتابعة تنفيذ اتفاق الـ10 من مارس الماضي، الموقع بين الرئيس أحمد الشرع والجنرال مظلوم عبدي.
ملفات مستعجلة
من جهته أكد المتحدث الرسمي، عضو وفد الإدارة الذاتية، ياسر سليمان، إيجابية أجواء اللقاء الأول مع الحكومة السورية وأنه اتسم بحفاوة الاستقبال وحسن الضيافة، وأوضح في تصريح لـ"اندبندنت عربية" أن الجانبين تطرقا إلى ملفات عدة، منها ملف التربية والتعليم الخاص بالاختبارات لأنه ملف مهم، و"كان الأمل هو زرع عوامل الثقة في ما بين الجانبين، وكون هذا الملف هو من الأولويات بالنسبة إلى أبناء شمال وشرق سوريا"، فبحسب المعلومات المتوافرة فإن نحو 25 ألف طالب من شهادتي التعليم الأساسي والثانوي الحكومي بانتظار معالجة ملف السماح بتقديم الاختبارات التابعة لوزارة التربية الحكومية في مناطق شمال وشرق سوريا.
وأوضح سليمان أن وفد شمال وشرق سوريا أبدى استعداد الإدارة الذاتية لتقديم كل التسهيلات وتسخير كل الإمكانات المادية والمعنوية واللوجستية وتحمل كل التبعات والنفقات المادية والمعنوية من أجل تقديم أبناء شمال وشرق سوريا اختباراتهم في مناطقهم "كون التقديم خارج هذه المناطق يثقل كاهل أولياء الأمور وأبنائهم"، مشيراً إلى أن وفد الحكومة السورية وعد بنقل هذه المطالب إلى المسؤولين الحكوميين، وأن يعمل على استصدار قرار في القريب العاجل من أجل السماح للطلاب بالتقديم في هذه المناطق، مناطق شمال وشرق سوريا.
وفي هذا السياق لفت العميد العايش إلى التوافق أيضاً على السعي إلى حل المشكلات العالقة في ملف الاختبارات والمراكز الاختبارية، بما يضمن حقوق الطلبة وسلامة العملية التربوية.
وفي سياق تعزيز الثقة بين الطرفين جرى الاتفاق على تفعيل اتفاق الشيخ مقصود والأشرفية حول الحيين الكرديين في حلب، وفق ما أكد المسؤولان اللذين حضرا الاجتماع، مما انعكس مباشرة على إتمام عملية تبادل الأسرى بين الطرفين في اليوم التالي، إذ أطلقت قوات سوريا الديمقراطية سراح 293 أسيراً من الفصائل الموالية لتركيا التي انضمت أخيراً للحكومة السورية مقابل 176 أسيراً من قوات سوريا الديمقراطية بينهم عدد من المقاتلات الأسيرات، إذ كان من المقرر تنفيذ الخطوة في الـ28 من مايو (أيار) الماضي إلا أن عدم تضمين الأسيرات في الدفعة كان سبباً في عرقلتها وفق مصادر مقربة من الإدارة الذاتية.
وفي سياق اتفاق الحيين الحلبيين الذي يتضمن في أحد بنوده تسهيل إعادة المهجرين لا سيما من مناطق عفرين، أشار العميد العايش إلى أن الاجتماع بحث آليات تسهيل عودة المهجرين إلى مناطقهم، والعمل على إزالة المعوقات التي تعوق هذه العودة، في حين أوضح الناطق باسم وفد الإدارة الذاتية أن الاجتماع بحث عودة المهجرين من جميع المناطق السورية بما فيها عفرين ورأس العين وتل أبيض وغيرها من المناطق "والعمل على تذليل الصعوبات وتسهيل العودة بكل الإمكانات المتاحة".
لجان تخصصية
خلال الاجتماع الذي ضم الطرفين جرى الاتفاق على تشكيل لجان تقنية تخصصية وهي لجان فرعية لمتابعة تنفيذ الاتفاق الموقع بين قائد قوات سوريا الديمقراطية الجنرال مظلوم عبدي والرئيس السوري أحمد الشرع، وبحسب عضو وفد الإدارة الذاتية فإن هذه اللجان شبه جاهزة وأنهم نقلوا ذلك للوفد المفاوض عن الحكومة السورية "بأنها ستكون جاهزة على وجه السرعة من أجل إيجاد آليات لتطبيق الاتفاق الموقع".
مصادر مطلعة أكدت أن الأيام القليلة المقبلة التي تلي عيد الأضحى ستشهد نشاطاً في لقاءات الطرفين لبحث الملفات المستعجلة والتأسيس لملفات أكثر تعقيداً، وبحسب سليمان فإن الجانبين توافقا على ضرورة عقد جلسات تفاوضية جديدة في القريب العاجل "سوف يتم الإعلان عنها لاحقاً وقريباً"، في حين أشار العضو في اللجنة المتخصصة من الحكومة السورية العميد العايش إلى أن الطرفين أكدا التزامهما الحوار البناء والتعاون المستمر، "بما يصب في خدمة وحدة سوريا وسيادتها، وتحقيق تطلعات الشعب السوري في الأمن والاستقرار".
المسألة الدستورية
لم يكن الاجتماع في حدود التوافق والمجاملات فقط بل تطرق في نقاش أولي إلى مسائل خلافية بين الحكومة السورية والإدارة الذاتية، لا سيما الإعلان الدستوري الذي أبدت أطراف الإدارة الذاتية اعتراضها وتحفظاتها على جملة من البنود والأفكار فيه، وأكد وفد شمال وشرق سوريا من جهته على أن الإعلان الدستوري جاء "قاصراً عن تلبية طموحات السوريين وفيها العيش بحرية وكرامة وضمان الحريات وضمان التمثيل العادل لجميع الأطياف".
وبحسب المتحدث باسم الوفد فإن النقاش بين الطرفين تطرق إلى ضرورة العمل على تشكيل لجنة دستورية، على أن تشمل كل الأطياف السورية والإثنيات والمعتقدات والأديان والأعراق والقوميات لكتابة "دستور وطني ليقوي سوريا المستقبل ويضمن حرية وكرامة السوريين".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في حين عاد الحديث والتركيز في الاجتماع إلى ضرورة تسيير الملفات التي تلامس حياة السكان في شمال وشرق سوريا وغياب المؤسسات الحكومية عنها واستمرار إغلاقها، إذ تناول الطرفان ملفات السجل العقاري الذي أدى توقف عمل دوائره إلى عدم توثيق عمليات البيع والشراء للأراضي والمنازل والعقارات في عموم مناطق شمال وشرق سوريا، إضافة إلى السجل المدني الذي توقف كلياً في مناطق الإدارة الذاتية، وعلى أثره لم تسجل فيه منذ سقوط نظام بشار الأسد أية ولادات أو توثق فيه الوفيات، ناهيك بحالات معاملات الزواج وتوقف إصدار الوثائق الخاصة بالسجل، وهو ما يضطر كثيراً من السكان للجوء إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية في دمشق وحلب وغيرهما.
سليمان أكد في حديثه أن هذه الملفات تأتي ضمن اللجان التي سيتم العمل على تشكيلها من أجل تنفيذ الاتفاق وتحويله إلى دمج للمؤسسات الحكومية "ستناقش هذه اللجان آليات الدمج بما يضمن حقوق الموظفين والعاملين والمواطنين في كل أرجاء سوريا".
مسار كردي آخر
تضمنت الوثيقة الموقعة في الـ10 من مارس الماضي بين الرئيس السوري وقائد قوات سوريا الديمقراطية بنداً لضمان حقوق الكرد في سوريا، لكن الاتفاق لم يبحث في الآليات سوى إشارة إلى ضمانة دستورية لحقوقه كمجتمع أصيل وحقوق المواطنة، في حين أن القوى السياسية الكردية البارزة وبرعاية أميركية وفرنسية كان تخوض محادثات لتوحيد صفوفها والخروج برؤية سياسية موحدة لمستقبل سوريا وحل القضية الكردية فيها وعلى أثرها عقد "كونفرانس وحدة الصف والموقف الكردي في سوريا" في الـ26 من أبريل (نيسان) الماضي الذي قرر بدوره تشكيل وفد يمثل القوى المشاركة في المؤتمر والمؤمنة برؤيته السياسية التي أثارت حفيظة الرئاسة السورية، لا سيما في اعتمادها اللامركزية لنظام الحكم وشكل الدولة في البلاد، وجاء في بيان الرئاسة "نرفض بشكل واضح أي محاولات لفرض واقع تقسيمي أو إنشاء كيانات منفصلة تحت تسميات الفيدرالية أو الإدارة الذاتية دون توافق وطني شامل".
وقد أعلن في الرابع من يونيو الجاري عن استكمال تشكيل الوفد الكردي وعقد اجتماعه الأول بحضور القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، وصدر عن الوفد تصريح صحافي جاء فيه أنه سيباشر مهامه خلال الأيام القليلة المقبلة، ويتكون الوفد الكردي المشترك من قياديين في الرئاسة المشتركة وسبعة آخرين في عضويته.
القائد عام لـ"قسد" مظلوم عبدي أوضح على منصة "إكس" أن تشكيل الوفد الكردي الموحد يأتي في إطار تنفيذ اتفاق الـ10 من مارس الذي أكد تثبيت حقوق الشعب الكردي دستورياً في سوريا موحدة. وأضاف "نؤمن أن الاعتراف بحقوق المكونات هو الأساس لبناء سوريا ديمقراطية وعادلة يشارك فيها الجميع"، متابعاً أن للوفدين، الوفد الممثل لشمال وشرق سوريا والوفد الكردي الموحد، "مساراً متكاملاً، يجسد التزامنا الحوار الوطني كخيار إستراتيجي نحو مستقبل يحقق العدالة والمساواة".