من أوروبا إلى أميركا: "تسلا" تواجه ضغوط السوق والسياسة معاً

1 day ago 7
ARTICLE AD BOX

تشهد شركة "تسلا" العملاقة في صناعة السيارات الكهربائية تحولاً دراماتيكياً في عام 2025، حيث تتراكم عليها التحديات من مختلف الاتجاهات. فبينما كانت في طليعة الابتكار والهيمنة السوقية خلال العقد الماضي، تواجه اليوم تراجعاً حاداً في مبيعاتها داخل الأسواق الغربية، في ظل صعود متسارع لمنافسين جدد على رأسهم شركة "BYD" الصينية. ومع تعقّد المشهد نتيجة ارتباطات سياسية مثيرة للجدل لرئيسها التنفيذي إيلون ماسك، تتصاعد التساؤلات حول مستقبل الشركة واستراتيجيتها في مواجهة واقع عالمي أكثر تنافسية وحساسية.

 

 

 أوروبياً... انخفاض حاد في مبيعات "تسلا" 


وفقاً لبيانات رابطة مصنعي السيارات الأوروبية (ACEA)، تراجعت مبيعات "تسلا" في نيسان / أبريل 2025 بنسبة 49% مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، حيث باعت الشركة حوالي 7,261 سيارة فقط، مقابل 14,228 سيارة في نيسان / أبريل 2024. أما خلال الفترة من كانون الثاني / يناير إلى نيسان/ أبريل 2025، فقد بلغت مبيعات "تسلا" في أوروبا 61,320 سيارة، بانخفاض بنحو 39% عن نفس الفترة من 2024.

في المملكة المتحدة، تأثرت "تسلا" أيضاً بشدة، حيث تراجعت المبيعات بنسبة 62% في نيسان / أبريل، بتسجيل 512 سيارة فقط، مقارنة بـ1,352 سيارة في نيسان / أبريل من العام السابق، حسب بيانات جمعية مصنّعي وتجار السيارات البريطانية (SMMT). ويأتي هذا التراجع رغم نمو السوق العام للسيارات الكهربائية في البلاد بنسبة 8%.

أما في ألمانيا، فقد بلغت مبيعات "تسلا" 885 سيارة في نيسان / أبريل، مقارنة بـ1,637 سيارة في نيسان / أبريل 2024، بانخفاض قدره 45.9%، حسب إحصاءات هيئة النقل الفيدرالية (KBA).

 

التراجع يمتد إلى السوق الأميركية


في الولايات المتحدة، سجلت "تسلا" أول انخفاض سنوي في المبيعات منذ 12 عاماً. وتشير بيانات Cox Automotive إلى تراجع بنسبة 8.6% في الربع الأول من عام 2025، حيث تم تسليم 128,100 سيارة فقط، مقابل 140,187 سيارة في الربع الأول من 2024.

يعود جزء من هذا التراجع إلى حالة النفور الجماهيري المتزايد تجاه الشركة، نتيجة ارتباطات الرئيس التنفيذي إيلون ماسك السياسية المثيرة للجدل، مما أدى إلى احتجاجات أمام معارض تسلا في عدة ولايات أميركية.


"BYD" تتفوق على "تسلا" لأول مرة


في سابقة هي الأولى من نوعها، تفوقت شركة BYD الصينية على "تسلا" في عدد السيارات الكهربائية المسجلة في أوروبا خلال نيسان / أبريل 2025، حيث سجلت BYD نحو 7,231 سيارة، مقارنة بـ7,165 سيارة لـ "تسلا"، وفقاً لبيانات JATO Dynamics. وقد حققت BYD نمواً سنوياً بنسبة 169% في المبيعات خلال نيسان / أبريل، بينما سجلت تسلا تراجعاً بنسبة 49%.

 

BYD

 

ويرى محللون أن أحد أسباب تراجع "تسلا" هو تأخرها في طرح النسخة الجديدة من Model Y، مما أدى إلى ضعف تنافسية طرازاتها في الأسواق الأوروبية.


التأثير السياسي لماسك يضعف صورة "تسلا"


بدأت توجهات إيلون ماسك السياسية تلقي بظلالها الثقيلة على صورة "تسلا". في ألمانيا، عبّر عدد من المشترين المحتملين عن امتناعهم عن شراء سيارات الشركة بسبب دعم ماسك لحزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) اليميني المتطرف. أما في فرنسا، فقد تراجعت مبيعات تسلا بنسبة تقدر بـ63% بعد تصريحات ماسك المؤيدة للأحزاب اليمينية ومهاجمته لليسار.

في الولايات المتحدة، أثار ماسك الجدل بإعلانه دعمه للرئيس دونالد ترامب، وبتأييده لمقترحات حكومية أثارت الجدل، مثل ما يُعرف بوزارة "كفاءة الحكومة (DOGE)". وقد أدى ذلك إلى دعوات متزايدة لمقاطعة الشركة، فيما أطلق عدد من المستثمرين البارزين، مثل روس غيربر، دعوات صريحة لتنحي ماسك عن منصبه، أو على الأقل وقف تدخله السياسي.

وفي خضم هذه الضغوط، أعلنت وكالة "رويترز" في 29 مايو/أيار 2025 أن الملياردير إيلون ماسك سيغادر إدارة الرئيس دونالد ترامب بعد أن قاد حملة عاصفة لتعزيز الكفاءة قلب خلالها عدة وكالات اتحادية، لكنه فشل في خفض الإنفاق كما كان يطمح. جاءت مغادرته بشكل سريع وغير رسمي بعد انتقاده لمشروع قانون الضرائب الجديد، مما أثار حفيظة بعض كبار المسؤولين في البيت الأبيض. ووفقاً لمصدر مطلع، لم يُجرِ ماسك محادثة رسمية مع ترامب قبل الإعلان عن خروجه، لكنه شكر الرئيس الأميركي في منشور على منصة "إكس" وأكد أن "مهمة إدارة كفاءة الحكومة الاتحادية ستكون أقوى بمرور الوقت، إذ ستصبح أسلوب حياة في الحكومة".

مستقبل ضبابي... وتساؤلات حول القيادة


لم تُصدر "تسلا" توجيهاً رسمياً بشأن مبيعاتها المتوقعة لعام 2025، غير أن بعض المحللين، مثل غوردون جونسون من GLJ Research، يتوقعون أن يكون الربع الثاني من العام "كارثياً"، بعد الأداء الضعيف في الربع الأول.

في موازاة هذه التحديات، يركز ماسك على مشروعات مستقبلية مثل Robotaxi (سيارات الأجرة ذاتية القيادة) وOptimus (الروبوت البشري)، ما يثير مخاوف بشأن تشتيت الأولويات وتراجع تركيز الشركة على سوق السيارات الأساسي.

تواجه "تسلا" حالياً أزمة وجودية تتجاوز الأداء المالي، لتشمل تحديات تتعلق بسمعة الشركة، وتغير ولاء المستهلكين، واشتداد المنافسة، خاصة من الشركات الصينية. وبينما كانت ريادة تسلا التقنية كافية في السابق، فإن المرحلة القادمة تتطلب إعادة هيكلة استراتيجية شاملة تشمل الفصل بين قيادة ماسك والشركة، إلى جانب تعزيز الابتكار، وتكييف الخطاب العام لتلبية تطلعات سوق عالمي أكثر حساسية للسياقين السياسي والاجتماعي.

Read Entire Article