ARTICLE AD BOX

<p class="rteright">ملياردير التكنولوجيا يخطط لإطلاق أول مهمة لمركبة "ستارشيب" وعلى متنها روبوت "تيسلا أوبتيموس" (أ ف ب)</p>
قبل أيام قليلة، وتحديداً في الـ29 من مايو (أيار) الماضي، نشرت وكالة "مترو" الأميركية للأنباء خبراً بقلم الصحافية جيسيكا كوونغ تحت عنوان "إيلون ماسك يكشف عن تفاصيل جديدة في خطته لاستعمار المريخ بعد مغادرته البيت الأبيض وتنحيه عن منصب رئيس إدارة كفاءة الحكومة (DOGE)". وفي الخبر أكدت كوونغ أنه في وقت مبكر من ذلك اليوم، رد ماسك على سؤال على منصته "إكس" حول ما إذا كان عرضه التقديمي المنتظر لمشروع المريخ 2026 قد ألغي، قائلاً إن عرضه التقديمي "سينشر غداً"، مما يعني أن مشروعه لم يُلغَ حتى تلك اللحظة، بل تؤكد الصحافية أن إيلون ماسك بدأ العمل على قدم وساق في مهمته لاستعمار المريخ، بعد مغادرته البيت الأبيض في ظل علاقة متوترة مع إدارة الرئيس دونالد ترمب.
تفاصيل جديدة
كشف ماسك عن تفاصيل جديدة ضمن خطة شركته "سبيس إكس" لإرسال بشر إلى الكوكب الأحمر في فعالية عقدت في اليوم ذاته (الخميس الـ29 من مايو). وصرح ملياردير التكنولوجيا بأنه يخطط لإطلاق أول مهمة لمركبة "ستارشيب" وعلى متنها روبوت "تيسلا أوبتيموس" بحلول العام المقبل. وقال ماسك، وفقاً لصحيفة "ديلي ميل"، "بعد عامين من الإطلاق سنرسل بشراً بافتراض نجاح المهام الأولى". وأضاف أن منشأة "سبيس إكس" في تكساس ستنتج 1000 مركبة "ستارشيب" سنوياً، مما سينشئ "أكبر منشأة في العالم" لنقل ملايين البشر إلى المريخ.
مشكلة هذا الحلم
من المؤكد أن مشكلة هذا الحلم هي مشكلة علمية تماماً. فعلم الفلك لا يزال يؤكد خيالية هذا المشروع. وفي هذا الوقت من عمر رئاسة دونالد ترمب وبعد انتهاء خدمات إيلون ماسك، تزايدت الأسئلة حول نجاح الضغوط التي تريد بشدة إلغاء خطة ماسك لاستعمار المريخ. ووفق خبراء في الفضاء، "كان استعمار المريخ هدفاً نبيلاً نصب أعين قادة أميركا لأكثر من جيل"، إذ استهل الرئيس دونالد ترمب ولايته الثانية بإعادة تأكيد هدفه المتمثل في الوصول إلى الكوكب الأحمر. وقال خلال خطاب تنصيبه في الـ20 يناير (كانون الثاني) الماضي "نسعى إلى تحقيق مصيرنا المحتوم، بإطلاق رواد فضاء أميركيين لغرس العلم الأميركي على كوكب المريخ".
تقرير شبكة "أي بي سي نيوز"
وفي هذا السياق أكد خبراء لشبكة ABC News في تقرير نشر في مارس (آذار) الماضي أن الأمر سيتطلب جهداً جباراً من "ناسا" لجعل مهمة المريخ حقيقة واقعة. ويرى هؤلاء أن حلم استعمار المريخ كان يجب أن يبنى على برنامج "أرتميس" الذي أطلقه ترمب عام 2017 لبناء وجود بشري على القمر ولتشجيع الناس على الهبوط على المريخ، لكن هذا لم يحدث وفقاً لوكالة "ناسا". وأشار التقرير الذي كتبه خبراء عدة منهم جيو بينيتيز وجون شلوسبيرغ وتومي بروكس بانك وجينا سنسيري وشون كين إلى أن آراءهم حول هذا الموضوع نابعة من حقائق علمية متعلقة بالرحلة إلى الكوكب الأحمر، مؤكدين أن ماسك الرئيس التنفيذي لشركة "سبيس إكس" لتكنولوجيا الفضاء، حظي باهتمام الرئيس الأميركي هذه المرة أكثر من علماء "ناسا"، لأنه يروج دائماً إلى أن العاملين في قطاع الفضاء الخاص الأميركي قادرون بدعم من الرئيس ترمب و"ناسا" على بذل جهد أكبر للقيام برحلة الـ140 مليون ميل إلى المريخ في غضون فترة قصيرة من الزمن. لذلك قال ماسك في يوم التنصيب مداعباً مشاعر الأميركيين كعادته: هل يمكنك أن تتخيل مدى روعة أن يغرس رواد الفضاء الأميركيون العلم على كوكب آخر للمرة الأولى!
"هناك من يبيعنا الوهم"
أكدت أكثر من قصة إخبارية وموضوع علمي نشر أخيراً حول حلم المريخ وبصورة غير قابلة للتأويل أن شريحة كبيرة من علماء الفضاء الأميركيين المتمرسين لا يدعمون مشروع ماسك لاستعمار المريخ، بل إن بعض الكتابات العلمية تصف ما يحدث "وكأن هناك من يصر على أن يبيعنا الوهم"... فحلم المريخ غير قابل للتحقق ونحن، ووفقاً لما كتبه واحد من علماء "ناسا" على موقع لعلماء أميركا المتخصصين بالفضاء وهو بول م. سوتر، "لن نذهب إلى المريخ قريباً على رغم تصريحات ماسك". ويرى بول وهو عالم فلكي في جامعة جونز هوبكنز، إضافة إلى كونه مؤلفاً ومقدماً تلفزيونياً وسفيراً ثقافياً للولايات المتحدة، أنه: حتى لو أعلن ماسك وترمب عن خطط طموح لإرسال مهمة إلى المريخ في عامي 2026 و2028 إلا أن هذا لن يحدث. وجاء هذا في مقالة رأي وتحليل نشرتها مجلة "ساينتفك أميركان" تحت بند حرية التعبير، مؤكدة أنها آراء يعبر عنها الكاتب أو المؤلفون ولا تعكس بالضرورة آراء المجلة.
هدف ماسك الحقيقي
ويقول بول في مقالته: الطريقة الوحيدة للوصول إلى المريخ هي إنفاق مبالغ طائلة، ربما تصل إلى تريليونات الدولارات. ويضيف، ربما يكون هذا هو هدف ماسك الحقيقي وهو تحويل مبالغ طائلة من المال من أرصدة الباحثين في "ناسا" وشركائها إلى شركته الخاصة من دون الحاجة إلى الرد على المساهمين أو الوفاء بالجداول الزمنية الموعودة. ووفق بول أيضاً، فإن "ادعاءً جريئاً مثل هذا من قبل الملياردير الأميركي ماسك سيزيد ثروته الهائلة بالفعل بصورة كبيرة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لغة العلم لا المال
يمكن القول إن آراء بول سوتر تمثل غالبية علماء "ناسا" تماماً، في حين أن التصريحات التي يبثها ماسك قد تلقى استحساناً لدى "المتملقين" على وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أنها بعيدة كل البعد من كونها خطة فعلية للذهاب إلى المريخ، لا سيما بالنظر إلى الدعوات لخفض موازنة "ناسا" العلمية بنسبة تصل إلى 50 في المئة. فمهمة الذهاب إلى المريخ ليست مستحيلة، لكنها صعبة تماماً من وجهة نظر علمية، إذ لا توجد قوانين فيزيائية تمنعها، بل إن أشد المعارضين لهذه الفكرة لا يستطيع أن ينكر أنه وبالفعل، قطعت "سبيس إكس" شوطاً هائلاً في تطوير معززات صاروخية قابلة لإعادة الاستخدام. وكثير من العلماء واثقون من أن مركبة "ستارشيب" بفضل إيقاع إطلاقها المذهل، ستصل إلى مدارها وتهبط بسلام على الأرض في وقت قصير.
لا يزال الطريق طويلاً
على رغم ذلك، لا يزال الطريق طويلاً للوصول إلى المريخ. وتتلخص وجهة نظر العلماء بأن هناك فارقاً جوهرياً بين مشروع استعمار المريخ ومشاريع الوصول إلى القمر مثلاً، لأن ما حدث في ستينيات القرن الماضي، كان انتقال برنامج "أبوللو" من مرحلة التخطيط إلى الهبوط على سطح القمر في أقل من عقد، لكن المريخ كوكب عملاق آخر، وفي أقرب نقطة له من الأرض، يبعد عنا 56 مليون كيلومتر، أي ما يعادل 150 ضعف المسافة من الأرض إلى القمر تقريباً. ولذلك لا تستطيع مركبة "ستارشيب" الانطلاق مباشرة من الأرض والوصول إلى المريخ دفعة واحدة، بل يجب إعادة تزويدها بالوقود في المدار، وهي تقنية لا تزال في بدايات تطويرها. وبينما تتفاوت التقديرات، من المرجح أن تتطلب إعادة تعبئة مركبة "ستارشيب" بالكامل ما بين 10 و20 عملية إطلاق إضافية للوقود. بعد ذلك، يتعين على مركبة ستارشيب اختراق الغلاف الجوي الرقيق للمريخ والهبوط على سطحه المليء بالفوهات في هبوط متحكم به، وهو أمر لم تحققه أي مركبة هبوط من قبل.
أخيراً، كانت "سبيس إكس" قد تعاقدت بالفعل لتوفير مركبة الهبوط القمرية لمهمة "أرتميس"، ولكن في العام الماضي، وجد تقرير لمكتب المحاسبة الحكومية "مشكلات كبيرة" في الأدلة الداعمة لنظرية "سبيس إكس"، والتي تثبت إمكان إنجاز مهمتها ضمن الجدول الزمني وضمن مستوى الإخطار المقبول.