ARTICLE AD BOX

<p class="rteright">أدت الأزمة الداخلية الحادة التي يعانيها "اتحاد الشغل" إلى تراجع غير مسبوق بدوره في المشهد العام التونسي (رويترز)</p>
أثار قرار الهيئة الإدارية لـ"الاتحاد العام التونسي للشغل"، المركزية النقابية ذات النفوذ الواسع، بترحيل موعد المؤتمر الوطني إلى مارس (آذار) من عام 2026، تكهنات واسعة النطاق في شأن ما إذا كان ذلك سيفاقم الأزمة التي يئن تحت وطأتها، منذ أشهر، خصوصاً أن المعارضة النقابية داخله سارعت إلى رفض هذا القرار.
في الأشهر الماضية تصاعدت حدة الخلافات داخل "اتحاد الشغل"، مما انعكس على دوره السياسي الذي كان يؤديه، إذ بدا وكأنه في تآكل مستمر، وتمحورت الخلافات بصورة رئيسة حول أداء النقابة التونسية، وخصوصاً أمينها العام نور الدين الطبوبي الذي واجه دعوات علنية إلى الرحيل. ولسنوات، كان "اتحاد الشغل" يحظى بنفوذ واسع في تونس، وساهم، شأنه شأن منظمات أخرى وازنة، في تجنيب البلاد تصعيداً سياسياً وأمنياً، في عام 2013، عندما شهدت تونس اغتيالين سياسيين بارزين هما شكري بلعيد ومحمد براهمي (معارضان)، لكن دوره بدأ يتقلص، مما عجل بالانتقادات لقيادته الحالية، خصوصاً في علاقتها بالسلطة السياسية وحقوق العمال.
لا ترحيب
لكن الخلافات داخل "الاتحاد العام التونسي للشغل" لا تقتصر على تلك المسائل، إذ فجر، أيضاً، تعديل الفصل الـ20 من النظام الداخلي للاتحاد، الذي يحدد مدة نيابة العضو بالمكتب التنفيذي بدورتين فقط وهو شرط تم إلغاؤه، نزاعاً واسعاً داخل الاتحاد. وقال المتحدث باسم المعارضة النقابية في الاتحاد الطيب بوعائشة إن "المعارضة النقابية لا ترحب بهذا القرار وهي تدرس خيارات للرد عليه، لأن هذا القرار لا يعالج جوهر الأزمة المتمثل في التسيير البيروقراطي الذي تتحمل القيادة الحالية مسؤوليته من خلال تعديل الفصل الـ20". وتابع بوعائشة أن "الأطراف التي تسببت في هذه الأزمة منذ أربع سنوات، وهي أزمة عطلت الاتحاد بصورة تكاد تكون كاملة من خلال تجاهل ملف العمال، وعلاقة غير متكافئة مع السلطة، يجب أن تتم محاسبتهم، وأول خطوة في المحاسبة هي رحيل المكتب التنفيذي الحالي لأن ذلك يعطي ثقة للقواعد النقابية لأن العمال والقواعد فقدوا الثقة في الاتحاد"، وشدد على أن "الاتحاد يحتاج إلى رجَّة لإعادة الروح له من خلال محاسبة المسؤولين عن الأزمة الراهنة التي يعيشها. يجب أن يرحل المكتب التنفيذي الحالي برمته والمتألف من 15 عضواً، ويجب تفعيل القوانين التي وقع الانقلاب عليها وتجاوزها".
الأزمة لم تُحل
أضاف بوعائشة أن "أزمة الاتحاد العام التونسي للشغل لم تحل بعد ولا يمكن حلها إطلاقاً بمجرد تحديد موعد المؤتمر الوطني، وما يحدث الآن داخل الاتحاد هو صراع على المواقع والنفوذ وليس إنقاذ العمل النقابي"، وبين أن "ما حدث هو تأجيل للصراع بين شقين داخل المكتب التنفيذي، وأعتقد أن فرص عقد المؤتمر ضئيلة للغاية لأسباب داخلية وأخرى خارجية".
ولم يعلق بعد "الاتحاد العام التونسي للشغل" على رفض المعارضة النقابية لتوجهه عقد المؤتمر الوطني في مارس، لكن الاتحاد الجهوي بولاية (محافظة) صفاقس جنوب البلاد دعا، في وقت سابق، إلى إيقاف الطبوبي عن النشاط النقابي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
خطوة مهمة
يأتي هذا التطور في وقت تسود فيه قطيعة بين "الاتحاد العام التونسي للشغل" والسلطات بقيادة الرئيس قيس سعيد، إذ تراجع بصورة كبيرة نفوذ الاتحاد السياسي ودوره الذي كان يلعبه في السنوات الماضية.
الباحث السياسي التونسي هشام الحاجي قال "في اعتقادي، قرار الھيئة الإدارية الوطنية للاتحاد العام التونسي للشغل بتحديد موعد المؤتمر الوطني في شهر مارس من السنة المقبلة، يمثل خطوة مهمة نحو تهدئة الأزمة التي لا تخدم، بكل تأكيد، مصلحة القيادة الحالية، حتى وإن كانت هناك تباينات طفيفة، وتكفي متابعة ردود فعل القطاعات والجهات بعد القرار للتأكد من ذلك". وتابع الحاجي في تصريح خاص أن "المؤتمر آلية ضرورية داخل المنظمات والأحزاب، وكل مؤتمر يعكس موازين قوى اللحظة، وتنجر عنه قرارات لا تحظى بالإجماع، لكن لا أرى أن المعارضة النقابية، بحجمها الحالي، قادرة على التأثير بصورة حاسمة في مجريات الأحداث".
مغادرة محتملة للطبوبي
وثمة تساؤلات ملحة تخامر المنضوين تحت لواء "اتحاد الشغل" والمراقبين للشأن السياسي في تونس، وهي أن المكتب التنفيذي الحالي بما في ذلك رئيسه نور الدين الطبوبي سيترشح خلال المؤتمر الوطني المقبل لتولي قيادة النقابة التونسية؟
أجاب الحاجي أن "الطبوبي سيغادر القيادة في أعقاب المؤتمر، وما هو مؤكد أن ذلك يمثل حلاً يساعد الجميع ويرضيهم، لأن الطبوبي استوفى قانونياً عدد المرات التي يحق له فيها أن يتحمل المسؤولية في المكتب التنفيذي، بالتالي مغادرته أمر مفروغ منه".
ومن غير الواضح من سيخلف الطبوبي في حال مغادرته، على رغم أن هناك تكهنات سرت في الأيام الماضية بأن أنور قدور، وهو من بين أشد المعارضين للمكتب التنفيذي الحالي، الأوفر حظاً لخلافة الطبوبي.
وفي اعتقاد الحاجي فإنه "يصعب حالياً تقديم اسم كأمين عام محتمل، لأن المؤكد أن هناك في الاتحاد العام التونسي حسابات وتحالفات يتقاطع فيها ما هو جهوي مع ما هو قطاعي إلى جانب المسار الشخصي".