ARTICLE AD BOX
تعمل كل من هونغ كونغ والمملكة العربية السعودية على توطيد علاقاتهما المالية، من خلال تعزيز إدراج المنتجات المالية العابرة للحدود وتداولها، بهدف دعم التكامل بين السوقين ومواجهة التحديات الناتجة من تصاعد التوترات التجارية عالمياً.
وفي خطوة تعكس هذا التوجه، بدأ اليوم الخميس التداول في بورصة هونغ كونغ على صندوق جديد يتتبع أداء السندات الحكومية السعودية. ويُعد هذا الصندوق مؤشراً على تنامي الثقة الدولية بالاقتصاد السعودي، ويعكس في الوقت ذاته سعي هونغ كونغ لتنويع أدواتها الاستثمارية.
ويمثل هذا الصندوق أحدث إضافة إلى سلسلة من صناديق المؤشرات المتداولة التي تتبع الأسهم السعودية والصينية، والتي بدأ إدراجها منذ عام 2023 في بورصات هونغ كونغ، شنتشن، شنغهاي، والرياض. ورغم أن أحجام التداول لا تزال محدودة نسبيًا، إلا أن هذه الخطوة تُعد مؤشراً على تنامي التعاون المالي بين الطرفين.
وخلال مشاركتها في "منتدى الأسواق المالية" الذي نظمته مجموعة "تداول" السعودية في هونغ كونغ، أعلنت جوليا ليونغ، الرئيسة التنفيذية لهيئة الأوراق المالية والعقود الآجلة، أن العمل جارٍ لإدراج مزيد من المنتجات المالية، من بينها صكوك وصناديق استثمار عقاري. وأكدت ليونغ وجود "ارتياح كبير" إزاء الإدراج المتبادل، معتبرة أن هذه الخطوات ستسهم في توسيع فرص الاستثمار وزيادة السيولة في السوقين.
وكانت هونغ كونغ قد أطلقت في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 أول صندوق مؤشرات في آسيا يتتبع الأسهم السعودية، في إطار تعزيز تدفقات رؤوس الأموال بين البلدين، وتوسيع الشراكة المالية بالتوازي مع تنامي العلاقات الدبلوماسية بين بكين والرياض.
توتر عالمي وسعي للاستقرار
يأتي هذا التقارب المالي وسط تصاعد التوترات التجارية العالمية، خصوصاً بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب في إبريل/نيسان الماضي فرض رسوم جمركية شاملة على واردات الدول التي تحقق فائضاً تجارياً مع الولايات المتحدة. وقد أثار القرار قلقاً واسعاً في الأسواق، ودفع المستثمرين إلى البحث عن وجهات أكثر استقراراً وتنظيماً، مثل هونغ كونغ والسعودية. غير أن محكمة تجارية أميركية أصدرت يوم أمس الأربعاء حكماً بتعليق تنفيذ هذه الرسوم، معتبرة أن ترامب تجاوز صلاحياته الدستورية حين فرضها دون موافقة الكونغرس، ما ترك الأسواق في حالة ترقب.
وضمن جهودها لتعزيز الحضور المالي في المنطقة، أعلنت بورصة هونغ كونغ في أكتوبر/تشرين الأول الماضي نيتها افتتاح مكتب تمثيلي لها في العاصمة السعودية الرياض عام 2025، بهدف توطيد "الترابط المالي بين الصين ومنطقة الخليج"، وفق بيان رسمي. وفي الشهر ذاته، بدأت شركة "كاثي باسيفيك" للطيران بتسيير ثلاث رحلات مباشرة أسبوعياً بين هونغ كونغ والرياض. وتشير البيانات إلى أن بورصة هونغ كونغ بدأت تشهد انتعاشاً ملحوظاً منذ زيارة الرئيس التنفيذي للمدينة، جون لي، منطقة الخليج مطلع عام 2023، ضمن جهود بكين لتعزيز مكانة هونغ كونغ مركزاً مالياً دولياً يخدم الشركات الصينية.
نشاط اكتتابي قياسي
في هذا السياق، عاد النشاط إلى سوق الاكتتابات العامة الأولية في هونغ كونغ هذا العام، حيث سجلت شركة "كاتل" الصينية، الرائدة في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية، أكبر طرح عام أولي على مستوى العالم لعام 2025، بعد أن جمعت نحو 4.6 مليارات دولار أميركي في إصدار جديد بدأ التداول عليه يوم الثلاثاء الماضي. وبذلك، ارتفعت حصيلة مبيعات الأسهم في بورصة هونغ كونغ هذا العام إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2021.
تعاون استراتيجي طويل الأمد
على صعيد العلاقات الثنائية، تسعى الصين لجذب مزيد من الاستثمارات الخليجية، فيما تعمل السعودية على توسيع قاعدتها من المستثمرين الدوليين، ولا سيما من آسيا، بهدف تعميق سوقها المالي ضمن رؤية 2030.
وقد سجل مؤشر "هانغ سنغ" الرئيسي في هونغ كونغ ارتفاعًا بنسبة 16% منذ بداية العام، ما يجعله من بين الأفضل أداءً عالميًا، مقارنة بتراجع بنحو 8% في مؤشر السوق السعودية "تاسي". ورغم توقيع مذكرة تفاهم بين بورصتي الرياض وهونغ كونغ في عام 2023 لاستكشاف فرص الإدراج المتبادل، لم تُسجل حتى الآن أي عمليات إدراج فعلية.
وبحسب خبراء ماليين، إن تعميق الشراكة بين السوقين يعزز من جاذبيتهما للاستثمارات الأجنبية، ويفتح المجال أمام أدوات تمويل مبتكرة تدعم خطط التنويع الاقتصادي لدى الطرفين، في ظل طموحات السعودية التنموية، وسعي هونغ كونغ لاستعادة زخمها مركزاً مالياً عالمياً يتمتع بالشفافية والانفتاح.
(رويترز، العربي الجديد)
