ARTICLE AD BOX

<p class="rteright">بموجب قاعدة "حاج واحد لكل ألف مسلم من السكان" يربط عدد تأشيرات الحج الرسمية بعدد المسلمين في كل دولة (رويترز)</p>
مع تجاوز عدد المسلمين حول العالم حاجز ملياري نسمة، ورغبة ملايين منهم في أداء الركن الخامس من الإسلام، تقف طاقة مكة المكرمة والمدينة المنورة الاستيعابية أمام تحد لاستضافة "أكبر تجمع بشري إسلامي" لأداء فريضة الحج سنوياً.
فحتى أواخر الثمانينيات ظلت أعداد الحجاج مفتوحة من دون ضابط موحد، ومن هنا لم يكن أمام العالم الإسلامي سوى اللجوء إلى تنظيم مشترك وأن يوازن بين رغبة التدفق البشري الهائل الذي يزداد شيئاً فشيئاً والطاقة الاستيعابية للمشاعر المقدسة.
وفي عام 1988 قدمت السعودية مقترحاً لمنظمة التعاون الإسلامي لتنظيم الأعداد بما يواكب مشاريع التوسعة في الحرمين الشريفين، نوقش المقترح في مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية الذي عقد في العاصمة الأردنية عمان.
ومنذ ذلك الحين وضع ما يعرف بـ"نظام الحصص" أو "كوتة الحج"، الذي تحدد بموجبه لكل دولة حصة سنوية لعدد الحجاج، تحسب وفق قاعدة "حاج واحد لكل ألف مسلم من السكان".
ويهدف إلى تنظيم الموسم لتقليل أخطار الزحام والتدافع، إذ تمنح الدول حصصاً تتناسب مع أعداد المسلمين فيها، فمثلاً تخصص 10 آلاف تأشيرة حج لدولة يبلغ عدد سكانها المسلمين 10 ملايين.
الطريق إلى مكة
ومع بدء تدفق الحجيج إلى مكة لهذا العام، كشف وزير الحج والعمرة الدكتور توفيق الربيعة، خلال مؤتمر صحافي أمس الإثنين، عن وصول نحو مليون و70 ألف حاج من مختلف دول العالم، 94 في المئة منهم قدموا عبر المنافذ الجوية، إذ تمت جميع مراحل رحلتهم بيسر وطمأنينة، وينعمون بوضع صحي مميز ومستويات رضا مرتفعة.
من جانبه أكد وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري خلال المؤتمر أن عدد الحجاج القادمين من الخارج وصل منهم عبر مبادرة "طريق مكة" نحو 250 ألف حاج، حتى أمس.
وتشير البيانات الرسمية لموسم الحج الماضي (2024) إلى أن إجمالي عدد الحجاج بلغ 1.8 مليون حاج، من بينهم 1.6 مليون قدموا من خارج المملكة.
وأظهرت الإحصاءات للعام الماضي أن النسبة الأكبر من الحجاج القادمين من الخارج ينتمون إلى الدول الآسيوية غير العربية، إذ شكلوا 63.3 في المئة من إجمالي حجاج الخارج، تلتهم الدول العربية بنسبة 22.3 في المئة، ثم الدول الأفريقية غير العربية بنسبة 11.3 في المئة، في حين شكل حجاج أوروبا وأميركا وأستراليا النسبة الأقل، ولم تتجاوز نسبتهم 3.2 في المئة.
وبموجب قاعدة "حاج واحد لكل ألف مسلم من السكان"، يربط عدد تأشيرات الحج الرسمية بعدد المسلمين في كل دولة، مما يمنح الأفضلية للدول ذات الكثافة السكانية الإسلامية الكبرى.
إذ تشير البيانات الرسمية بأن إندونيسيا، صاحبة أكبر عدد من المسلمين في العالم، تحظى بالحصة الأكبر من تأشيرات الحج، إذ بلغت مخصصاتها للموسم في العام الماضي 2024 نحو 241 ألف حاج، وهي أعلى حصة في تاريخ البلاد منذ بدء تنظيم مواسم الحج.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تليها دولة باكستان بنحو 179 ألف حاج، ثم الهند بنحو 175 ألف تأشيرة، وعلى رغم أنها ليست دولة إسلامية رسمية، لكنها تضم أحد أكبر التعدادات السكانية من المسلمين في العالم.
قرعة الحج
وفي ظل محدودية الحصص المخصصة لكل دولة، إلا أن آليات التنفيذ تختلف من بلد إلى آخر، وتخضع كل عملية تنظيم لمزيج من المعايير الإدارية والقرارات السيادية داخل الدول نفسها.
وتعتمد كثير من الحكومات نظام "القرعة" كآلية لتوزيع فرص الحج بين المتقدمين، فتحولت الفريضة في نظر كثيرين إلى حلم مؤجل، ينتظر اسمه أن يسحب من بين آلاف الأسماء المتكدسة على قوائم الانتظار.
وبينما تحظى إندونيسيا بالحصة الأكبر ضمن نظام "كوته الحج"، لأنها الدولة الأكثر اكتظاظاً بالسكان المسلمين في العالم بنحو 242 مليون نسمة، إلا أن ذلك جعل من الحصول على تأشيرة الحج حلماً مؤجلاً لعقود في بعض الأقاليم، إذ يمتد الانتظار بين 31 و41 عاماً بسبب الإقبال الكثيف وكثرة المسجلين سنوياً.
وعلى رغم ذلك لا تزال جاكرتا ملتزمة بالآلية التي حددتها منظمة التعاون الإسلامي، إذ صرح وزير الشؤون الدينية نصر الدين عمر لوسائل إعلام محلية في ديسمبر (كانون الأول) 2024 بأن بلاده "لا تنظر في زيادة الحصة"، مؤكداً أن "المناقشات حول رفع العدد لم تدرج ضمن أولويات الحكومة حتى الآن".
وفي السعودية التي تنظم الحج وتستضيفه طُبق نظام المسار الإلكتروني على مواطنيها والمقيمين داخل أراضيها، إذ يجري اختيار الحجاج عبر قرعة أيضاً، وتمنح الأولوية لمن لم يسبق له الحج.
أما في مصر فتشرف وزارة الداخلية على إجراء قرعة علنية تنقل وقائعها مباشرة في المحافظات، ويشترط ألا يقل عمر المتقدم عن 25 سنة، مع تقديم شهادة طبية تثبت لياقته، أما في المغرب فتتولى وزارة الأوقاف عملية التسجيل الإلكتروني سنوياً، مع منح الأولوية لمن لم يسبق له أداء الفريضة خلال السنوات الـ10 الأخيرة.
وفي الجزائر جرى اعتماد بوابة إلكترونية حديثة للتسجيل، مع تخصيص 2000 تأشيرة إضافية للحجاج الذين تجاوزوا الـ70، أما الأردن فتخصص وزارة الأوقاف حصة منفصلة للفلسطينيين القادمين من داخل أراضي 1948.