واشنطن تريد من "يونيفيل" محاربة حزب الله وإلا المغادرة

3 hours ago 1
ARTICLE AD BOX

يعود ملف قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) إلى الواجهة، بعد بروز تقارير إعلامية إسرائيلية، أول من أمس الأحد، جاء فيها أن هناك توافقاً أميركياً ـ إسرائيلياً على إنهاء عمل القوة الأممية في لبنان، وذلك قبل شهرين من مناقشة مجلس الأمن تمديد مهمتها عاماً إضافياً في أواخر شهر أغسطس/ آب المقبل، كما في كل عام، منذ بدء مهمتها في لبنان في عام 1978، بعد الاجتياح الإسرائيلي الأول لجنوب لبنان. واكتفت مصادر في "يونيفيل" بالقول لـ"العربي الجديد"، إننا "مستمرّون في أداء مهامنا، ونحن نلتزم بتكليف مجلس الأمن، بموجب قراره وبناءً على طلب الحكومة اللبنانية". في المقابل، كشفت مصادر رسمية لبنانية لـ"العربي الجديد"، أن "لبنان لم يتبلغ رسمياً بموضوع حصول توافق أميركي إسرائيلي على إنهاء مهمة القوة الأممية في الجنوب"، مؤكدة أن "لبنان يعمل على تقديم رسالة لمجلس الأمن للتجديد والفرنسيين يساعدونه لتبقى المهام كما هي رغم الضغوطات".

مساعٍ لتغيير صلاحيات "يونيفيل"

وقالت المصادر إن "الأميركيين والإسرائيليين يضغطون كل عام مع اقتراب موعد التجديد لقوات الطوارئ الدولية، من أجل تغيير صلاحياتها والرئيس الأميركي دونالد ترامب ضغط في هذا السياق أيضاً في ولايته الأولى (2017 ـ 2021) لعدم تمويل الولايات المتحدة الحصّة التي تدفعها ليونيفيل (بين 25% و30% من المبلغ السنوي الذي يتراوح بين 500 و550 مليون دولار)، كونه يعتبر أنها لم تقم بالمهمة كما يجب، وهذه السنة المشهد يتكرّر، لكن الموضوع اليوم أكثر جدّية بعد الحرب والتطورات الأخيرة". كذلك، كشفت المصادر نفسها أن "الأميركيين سيرسلون وفداً عسكرياً لإجراء تقييم وبناءً عليه سيتخذون القرار، لكن لا معلومات بعد حول موعد مجيء الوفد، ولبنان يعمل على التجديد".

الفرنسيون يسعون لأن تبقى مهام يونيفيل كما هي رغم الضغوطات
 

وبالنسبة إلى الإدارة الأميركية، إما يتم توسيع صلاحيات يونيفيل لتصبح قادرة على محاربة حزب الله، أم أنه لا جدوى من بقائها بمثابة شاهد دائم على انتهاكات إسرائيل وعدوانها على لبنان. بدوره، فإنّ حزب الله لا يكنّ وداً لليونيفيل، وهو ما يترجَم هجمات دورية تُنسب إلى "الأهالي" في قرى جنوبية تدخلها دوريات القوة الدولية، فيتم اعتراضها والاعتداء على عناصرها، وهو ما زادت وتيرته في الفترة الأخيرة. وقبل الحرب الأخيرة، قُتل عنصر أيرلندي من "يونيفيل" عام 2022 في قرية العاقبية على يد خمسة عناصر من حزب الله بحسب القضاء العسكري اللبناني.

ومن شأن إنهاء مهمة "يونيفيل"، في حال حصوله، أن يولّد فراغاً أمنياً بالغ التأثير بين لبنان وإسرائيل. ويعود ذلك إلى أن القوة الأممية، الموجودة منذ عام 1978، تحولت إلى قوة أكبر حجماً بعد العدوان الإسرائيلي في صيف 2006، حتى أن عديدها بلغ في بعض الأحيان نحو 14 ألف عنصر، قبل أن يستقر في السنوات الأخيرة على نحو عشرة آلاف عنصر. وساهمت "يونيفيل" في منع بعض الأنشطة العسكرية الإسرائيلية في العدوان الأخير على لبنان بين سبتمبر/ أيلول ونوفمبر/تشرين الثاني الماضي، رغم تكرار رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو دعواته للقوة الدولية إلى الانسحاب من مواقعها، خصوصاً في القطاع الغربي لجهة الشواطئ الجنوبية اللبنانية، وهو ما رفضته "يونيفيل"، وهو ربما ما كلفها استهدافاً إسرائيلياً مباشراً مراراً خلال الحرب الماضية أوقع إصابات عديدة في صفوفها. وإنهاء مهمة "يونيفيل" سيؤثر بالسلب على تطبيق قرار مجلس الأمن 1701 (وضع حداً للعدوان الإسرائيلي على لبنان صيف 2006)، ما يعني عملياً إسقاطه من المعادلات الإسرائيلية.

مع العلم أن "يونيفيل" جزء من لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية، أي اتفاق وقف النار المقرّ بين إسرائيل ولبنان في 27 نوفمبر الماضي، والتي تترأسها الولايات المتحدة، وتضمّ فرنسا ولبنان وإسرائيل أيضاً. ويعني سحب قوة يونيفيل أن المراقبة الدولية بين لبنان وإسرائيل ستقتصر على الأميركيين والفرنسيين، مع تغييب دور الأمم المتحدة بالكامل. ويُفسح ذلك إن حصل المجال أيضاً لمزيد من الاضطرابات الأمنية في الجنوب اللبناني. ودائماً ما تخرج إلى العلن سيناريوهات عديدة مع اقتراب موعد التجديد لـ"يونيفيل" قبل إقراره، فتزداد الضغوطات، خصوصاً الأميركية، لتوسعة حركة القوات الدولية وتعزيز حضورها في الأماكن التي تُعرف بأنها خاضعة لحزب الله، مع مطالبات تصل إلى نقل مهامها من الفصل السادس، وفقاً لقرار مجلس الأمن 1701، الداعي إلى حل النزاعات بالطرق السلمية، إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي ينظّم حل النزاعات بالقوة، وهو ما يرفضه لبنان.

في المقابل، تعمل فرنسا على إتمام التمديد للقوة الدولية بتقديمها صيغاً مقبولة مع تمسّكها ببقاء "يونيفيل" جنوباً، علماً أنه بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان بين سبتمبر ونوفمبر الماضيين، تكرست وقائع جديدة على الأرض، عبر استمرار الخروقات الإسرائيلية اليوم، واحتلال إسرائيل خمسة مواقع في الجنوب اللبناني. في السياق، من المقرر أن يبدأ الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، زيارة إلى بيروت، اليوم الثلاثاء، من أجل بحث وقف إطلاق النار مع إسرائيل وإعادة الإعمار والإصلاحات. وقالت مصادر رسمية لبنانية لـ"العربي الجديد"، إن "فرنسا مهتمّة بالملف اللبناني... وتعدّ من رعاة اتفاق وقف إطلاق النار، وممثلة بلجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية، وهي تسعى لتفعيل عمل هذه اللجنة، خصوصاً على ضوء استمرار الخروقات الإسرائيلية، واحتلال إسرائيل المواقع الخمسة في الجنوب".

مصادر رسمية لبنانية: الأميركيون سيرسلون وفداً عسكرياً لإجراء تقييم وبناءً عليه سيتخذون القرار في موضوع "يونيفيل"

وأردفت المصادر أن "لبنان سيدعو الفرنسيين إلى تكثيف الضغط الدولي على إسرائيل للجم اعتداءاتها والانسحاب من المواقع التي تحتلها وإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين، لأن استمرار خروقاتها من شأنه أن يبقي مصير الاتفاق مهدّداً، كما يعرقل عمل الجيش اللبناني". كذلك لفتت إلى أن "لبنان سيناقش موضوع لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية، خصوصاً بعد تلويح الجيش اللبناني بتجميد التعاون معها، في ظلّ رفض إسرائيل التجاوب معها، وذلك عقب الخروقات المستمرة، وآخرها الغارات التي شنتها على الضاحية الجنوبية لبيروت، مساء الخميس الماضي". وكانت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية قد أفادت، مساء الأحد، بأن إسرائيل والولايات المتحدة قررتا إنهاء مهمة "يونيفيل"، مشيرة في تقرير إلى أن "إسرائيل قررت الانضمام إلى موقف الإدارة الأميركية الداعي إلى إنهاء مهمة يونيفيل".

تكاليف تشغيل "يونيفيل"

وبحسب التقرير، فإن "الولايات المتحدة تسعى إلى تقليص التكاليف المرتبطة بتشغيل القوة التابعة للأمم المتحدة"، فيما ذكر أن الأسابيع الأخيرة شهدت نقاشات مكثفة في إسرائيل، حول جدوى استمرار مهمة "يونيفيل"، في ظل ما وصفه التقرير بأنه "فشل تاريخي في تنفيذ تفويضها بمنع تسليح حزب الله". واعتبر تقرير الصحيفة أن التقديرات الإسرائيلية السابقة كانت ترى أن "وجود يونيفيل على الأرض، رغم ضعفه، أفضل من غيابه"، إلا أن هذا التقدير تغيّر في الأشهر الأخيرة، بعدما "أبدى الجيش الإسرائيلي ارتياحه للإجراءات التي اتخذها الجيش اللبناني ضد تسليح حزب الله، وهي خطوات غير مسبوقة منذ بدء وقف إطلاق النار". إلا أن التقرير أشار إلى أن "هذه الجهود لا تزال بعيدة عن الكمال"، مضيفاً أنه "في الأسبوع الماضي، قصف سلاح الجو الإسرائيلي مستودعات تابعة لحزب الله (في الضاحية الجنوبية لبيروت)، بعدما رفض الجيش اللبناني التعامل معها رغم حصوله على المعلومات الاستخبارية". ونقلت "يسرائيل هيوم" عن مصدر مطلع قوله إن "تسوية قد تُطرح، تشمل تقليصاً تدريجياً لنشاط يونيفيل"، لكنه أكد أن "القرار النهائي سيعود في نهاية المطاف إلى الرئيس الأميركي ترامب".

Read Entire Article