أبو الهيجاء.. مضرب في سجون السلطة الفلسطينية بعد حرمانه من وداع أمه

13 hours ago 3
ARTICLE AD BOX

يخوض المعتقل السياسي في سجون السلطة الفلسطينية عماد أبو الهيجاء من مخيّم جنين شمالي الضفة الغربية، إضراباً عن الطعام لليوم الحادي عشر على التوالي احتجاجاً على عدم الإفراج عنه بعد حصوله على قرار "إخلاء سبيل" في الثاني عشر من الشهر الجاري، لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة على والدته التي توفيت. وكان أبو الهيجاء خاض في يوليو/تموز 2022 إضراباً مماثلاً داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، لمدّة أسبوع، بهدف السماح له بلقاء والده المعتقل منذ عام 2002.

ويقبع عماد أبو الهيجاء منذ الثاني من ديسمبر/كانون أول العام الماضي، في سجون الأجهزة الأمنية، ويُنقل على نحوٍ متكرّر بين سجن جنيد في نابلس، وسجون الأمن في جنين، وذلك للحيلولة دون تمكّن المحامي الخاص به من زيارته أو حضور جلسة محاكمته. وتقول دانيا قبها زوجة أبو الهيجاء، في حديث مع "العربي الجديد"، إن المحامي حضر طوال الأشهر الماضية ثلاث محاكمات لزوجها المعتقل، فيما عقدت الجلسات الأخرى غيابياً، دون علمه أو حضوره، وغالباً قبل الموعد المحدّد لها، إذ لم يتمكن عماد من لقاء محاميه سوى في الجلسات الثلاث، بل منعت السلطة الفلسطينية المحامي نفسه من زيارة موكله في المعتقل.

وطوال فترة اعتقال عماد كانت والدته تعاني من ظروفٍ صحية صعبة وتتلقى العلاج في مستشفيات مدينة رام الله، ولم يكن يعلم عماد عن مرض والدته إلّا في الثامن من الشهر الجاري، أيّ قبل وفاتها بأربعة أيام فقط. وفي نفس الوقت، علم أيضاً أن شقيقته بنان، التي كانت ترافق والدته في المستشفى، قد اعتقلها الاحتلال وحوّلها للاعتقال الإداري. كان هذا عبر اتصال هاتفي تسمح به الأجهزة الأمنية مرة كل أسبوعين أو ثلاثة، ويمتد لدقيقة واحدة فقط، يجريه عماد مع عائلته، بحسب زوجته.

وتشير قبها إلى أن عائلة المعتقل السياسي قدمت عشرات الطلبات لإخلاء سبيل زوجها، ولم تجرِ تلبيةُ أيّ طلب منها، إلّا في يوم وفاة والدته إذ صدر قرار قضائي بالإفراج عنه. وقالت: "انتظرنا حتى ساعات عصر ذلك اليوم على أمل أن يتمكّن من المشاركة في دفنها، لكن الأجهزة الأمنية لم تنفذ قرار الإخلاء"، وتقول قبها: "رفضوا الإفراج عنه، فدخل في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجاً على ذلك. عرفنا عن إضرابه من خلال طواقم مؤسّسة الضمير لحقوق الإنسان، التي زارت السجن وليس عماد نفسه، لكنه أبلغهم بإضرابه خلال الزيارة تعبيراً عن رفضه عدم الإفراج عنه، وعلى منعه من وداع والدته، واستمرار اعتقاله دون أي مسوغ قانوني".

وحاولت الأجهزة الأمنية مساومة عماد في اعتقاله، وتدخل بعض الوسطاء عارضاً عليه إحضار جثمان والدته إلى السجن كي يودّعها لكنّه رفض ذلك رفضاً قاطعاً، وردّ عليهم: "لا أودّع أمي إلا خارج السجن". وهذا موقفه الذي لم يتزحزح عنه وبدأ بالإضراب عن الطعام بناءً عليه، كما تروي زوجته. وتقول الزوجة: "وصلتنا رسائل عبر وسطاء أن عماد فكّ إضرابه عن الطعام، لكننا لا نثق بهذه الأنباء، لأنّ زيارة المحامي ما زالت ممنوعة، ولم يصلنا منه أي اتصال حتى الآن. وعماد ليس غريباً على الإضراب؛ فقد خاض إضراباً مشابهاً في سجون الاحتلال الإسرائيلي عام 2022، للمطالبة بلقاء والده المعتقل منذ 2002، واستمر أسبوعاً. واليوم، يضرب عن الطعام مجدداً، لكن من داخل سجون السلطة، كي يودّع جثمان والدته!".

تعود زوجة عماد إلى الوراء قليلاً لتشرح السياق الأوسع لمأساة العائلة، إذ قضى عماد سابقاً سبع سنوات في سجون الاحتلال خلال ستة اعتقالات سابقة. وكان يعيل زوجته وأطفاله الخمسة براتبه بصفته أسيراً محرّراً، والذي يبلغ 2400 شيكل (حوالي 685 دولاراً)، لكن هذا الراتب قُطع منذ اعتقاله الأخير، بل شُطب اسمه تماماً من سجلات الأسرى المستحقين للرواتب، وفق زوجته.

تروي زوجته قائلة: "عندما خرج من سجون الاحتلال آخر مرة في مارس/آذار الماضي، كان عماد حريصاً على أن لا يُقدم على أي خطوة قد تعود به مجدداً للاعتقال. فقد أصبح المعيل الوحيد لعائلة شقيقيه المعتقلَين إدارياً لدى الاحتلال: عاصم، المعتقل منذ عامين ونصف العام، وعبد السلام، المعتقل منذ ثلاث سنوات. كما كان عماد المسؤول عن متابعة حالة والدته الصحية ومرافقتها في المستشفيات، لكن اعتقاله ألقى بمتابعة ظروف والدته الصحية إلى شقيقته بنان التي اعتقلها الاحتلال لاحقًا". وتتوقف زوجة عماد عند تفاصيل تذكرها بأسى، إذ وضعت طفلتها الخامسة بعد اعتقال زوجها بنحو شهر، ولم يعرف الأب بالخبر إلا متأخراً، ولم يعرف اسم ابنته الجديدة إلّا بعد بضعة أشهر، ولم يرَها حتى اليوم.

وتقول: "تخيّلوا هذا المشهد، أن يعتقل والد العائلة جمال أبو الهيجاء منذ 23 عاماً في سجون الاحتلال ولا يعرفون عنه شيئاً منذ عام ونصف العام، وأن يكون له ابنان في السجن أيضاً، وابن آخر في سجون السلطة الفلسطينية، وابنة تعتقل على حاجز إسرائيلي بعد أن كانت تمكث عند والدتها، ثم تتوفى الوالدة في المستشفى وجميع أبنائها وزوجها مغيّبون إلّا ابنة واحدة تواسي نفسها". وتعمل مؤسّسة "الضمير" الحقوقية الفلسطينية على رفع دعوى قانونية من أجل تمكين عماد من لقاء محاميه، وهو أبسط حقوقه، لأنه حتى هذه اللحظة محروم منها، بحسب زوجته التي تشير إلى أن عماد تعرض للاعتقال لدى السلطة سابقاً أكثر من مرة، وكانت أول مرة حين كان عمره 17 عاماً، وهو الآن يبلغ 37 عاماً. خلال تلك الاعتقالات، عانى من آلام مزمنة في الظهر، ما تزال تلازمه حتى اليوم، ومجموع ما قضاه في سجون السلطة يقدّر بنحو عامٍ تقريباً، على مراحل متقطعة.

Read Entire Article