"أحزاب الظل".. أدوات التمويه السياسي لإعادة تدوير السلطة وتفتيت الأصوات

1 hour ago 3
ARTICLE AD BOX

 بغداد/ محمد العبيدي

تثير ظاهرة "أحزاب الظل" قلقاً متصاعداً في الأوساط السياسية والرقابية، وسط تحذيرات من تحولها إلى أدوات بيد القوى المتنفذة لإعادة إنتاج نفسها في كل دورة انتخابية، حيث تتهم هذه الكيانات، التي غالباً ما تظهر قبيل الانتخابات وتختفي بعدها، بأنها واجهات مموّهة تستخدم لتفتيت الأصوات المنافسة، وتضليل الناخبين، وتوسيع النفوذ السياسي تحت عناوين جديدة.
ومع حلول الموسم الانتخابي تصاعد تأسيس الأحزاب بشكل لافت حيث يعلن بين الحين والآخر عن ولادة حزب جديد لا يرى فيه أغلب الناخبين أي خروج عن الإطار العام أو المنتظم السياسي الحاكم بل يُنظر إليه كامتداد لأحزاب السلطة بأسماء جديدة وشعارات مكررة.
ويرى مراقبون أن أغلب هذه الأحزاب تفتقر إلى مشروع حقيقي أو برنامج واضح وتقتصر مهمتها على لعب أدوار ثانوية داخل التحالفات الكبرى وجمع الأصوات التي تصب بالنهاية في صالح القوى التقليدية.
"
تضخم حزبي" غير مسبوق!
وتشير بيانات مفوضية الانتخابات إلى تسجيل أكثر من ٣٤٠ حزباً مجازاً حتى الآن، إلى جانب عشرات الكيانات قيد التأسيس، في زيادة تؤشر إلى تضخم غير مسبوق في المشهد الحزبي العراقي وتثير تساؤلات واسعة حول جدوى هذه الكثرة ومدى واقعيتها على الأرض، خاصة وأن أغلبها لا تملك تمثيلاً جماهيرياً حقيقياً ولا تظهر لها أي أنشطة فعلية خارج موسم الانتخابات.
بدوره، أكد الباحث في الشأن السياسي علي الحبيب، أن "ولادة أحزاب صغيرة مرتبطة بالكيانات السياسية الكبيرة في العراق تمثل أدوات تكتيكية تهدف إلى تعزيز النفوذ السياسي دون الظهور المباشر في الواجهة"، مضيفاً أن "مهمة هذه الأحزاب تشتيت الأصوات، واستقطاب شرائح معينة من الناخبين، أو حتى للتحايل على نظام الدوائر الانتخابية المتعددة، كما حصل في الانتخابات البرلمانية الخامسة".
وأوضح الحبيب لـ(المدى) أنه "رغم ضعف تأثير هذه الأحزاب على الأرض، إلا أنها تسهم في إرباك المشهد الانتخابي، وتمنح الكيانات الكبرى فرصة للتحكم بتوزيع المقاعد عبر تحالفات غير معلنة”، مشيراً إلى أن "نظام سانت ليغو المعدل يكرّس هذا التوجه من خلال تفضيل الكتل الكبيرة".
وأكد أن "مشاركة أحزاب الظل في الانتخابات تؤثر بشكل مباشر على تشكيل التحالفات داخل البرلمان، إذ تُستخدم لتأمين مقاعد إضافية أو لإضعاف المنافسين المستقلين، ما يقصي القوى الناشئة".

تمويل غامض
ويُثار الكثير من الجدل حول مصادر تمويل هذه الأحزاب التي تظهر فجأة وتدخل السباق الانتخابي دون أن يعرف أحد كيف تُموَّل أو من يقف خلفها فعلياً، وبينما ينص قانون الأحزاب على ضرورة الكشف عن التمويل والتبرعات، إلا أن ضعف الرقابة وعدم وجود تدقيق حقيقي سمحا بمرور عشرات الكيانات دون مساءلة، في وقت يخشى كثيرون من أن يكون المال السياسي، أو حتى المال العام، يُستثمر في إنتاج أحزاب شكلية تعمل كأذرع إضافية لأحزاب السلطة.
وتتهم أحزاب الظل بتفتيت الأصوات المنافسة، وخلق زحام انتخابي مشوش يمنع القوى المستقلة أو الناشئة من تحقيق نتائج حقيقية، وبحسب مختصين، فإن هذه الكيانات تُستخدم كحواجز مصطنعة أمام تشكيل بدائل سياسية، كما تُربك الناخب في صناديق الاقتراع وتضعف فرص التغيير، ما يُكرّس هيمنة نفس القوى المهيمنة على مفاصل الدولة.
بدوره، قال الباحث في الشأن السياسي، والكاتب حمزة مصطفى، إن "لجوء العديد من الأحزاب المتنفذة إلى تأسيس (واجهات حزبية) أو ما يُعرف بـ(أحزاب الظل)، يعود إلى قناعة راسخة بأن الانتخابات المقبلة ستكون الأصعب منذ ٢٠٠٣، سواء من حيث التنافس أو من حيث نظرة الشارع للطبقة السياسية".
وأوضح لـ(المدى) أن "هذه الأحزاب باتت تدرك أن ظهورها المباشر سيقابل بالرفض الشعبي، لذا تلجأ إلى التمويه السياسي عبر أسماء جديدة كي تعود إلى الساحة من أبواب خلفية، وبذلك تضمن حصد أصوات إضافية دون خسارة صورتها المهزوزة أمام الجمهور".

The post "أحزاب الظل".. أدوات التمويه السياسي لإعادة تدوير السلطة وتفتيت الأصوات appeared first on جريدة المدى.

Read Entire Article