أوكرانيا: تطور كبير في صناعة الأسلحة لكنه غير كاف بعد لصد روسيا

6 days ago 4
ARTICLE AD BOX

شهدت قدرات أوكرانيا على تصنيع الأسلحة تقدماً كبيراً منذ بدء روسيا اجتياحها في فبراير/شباط 2022، وبعد الاعتماد الكبير على الأسلحة الغربية مع بدء الحرب، باتت كييف تنتج أسلحة أكثر من أي وقت مضى. وارتفعت قيمة الأسلحة التي يُمكن لأوكرانيا إنتاجها من مليار دولار في عام 2022 إلى 35 مليار دولار على مدار ثلاث سنوات من الحرب، وذلك رغم تعرض مصانعها للاستهداف من قبل روسيا.

وتقول صحيفة وول ستريت جورنال في تقرير، نُشر اليوم الأحد، إن أوكرانيا لم تكن تملك سوى نموذج أولي واحد من مدفع "هاوتزر بوهدانا" المُصنع محلياً عندما غزتها روسيا، ولكن كييف أعلنت في العام الماضي أنها أنتجت مدافع هاوتزر أكثر من جميع دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) مجتمعة.

ومع تراجع الدعم الأميركي، تتزايد أهمية صناعة الأسلحة في أوكرانيا، سواء لمواصلة القتال ضد روسيا أو تحقيق شروط أفضل في حال التوصل إلى اتفاق سلام. وترى الصحيفة الأميركية أنه كلما زادت قدرة أوكرانيا على إنتاج أسلحتها الخاصة، قل تأثرها بتقلبات السياسة الدولية أو ثغرات سلاسل التوريد العابرة للحدود. كما أن الصناعات الدفاعية ستشكل مصدراً للدخل ما بعد الحرب لاقتصاد أوكرانيا المنهك ووسيلةً لمزيد من الاندماج في الغرب.

وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قال: "ستحتاج أوكرانيا دائماً إلى أسلحتها القوية حتى نتمكن من بناء دولتنا الأوكرانية القوية"، موضحاً أن أكثر من 40% من الأسلحة المستخدمة على خط المواجهة مع روسيا تُصنع في أوكرانيا. وفي بعض المجالات، مثل الطائرات من دون طيار والأنظمة الأرضية غير المأهولة والحرب الإلكترونية، تقترب النسبة من 100%. كما يُنتج المُصنعون الأوكرانيون أيضاً كميات متزايدة من الأسلحة التقليدية، مثل أنظمة المدفعية والمركبات المدرعة والألغام والذخيرة من جميع العيارات.

وقال روب لي، الزميل البارز في معهد أبحاث السياسة الخارجية المتخصص في السياسة الخارجية، لوول ستريت جورنال: "في الدول الغربية، هناك منافسة أكبر على أفضل خريجي علوم الحاسوب أو تكنولوجيا المعلومات. في أوكرانيا، اتجهت معظم أفضل المواهب إلى قطاع الدفاع".

الضائقة المالية في أوكرانيا تؤثر على التصنيع

ولكن الصحيفة الأميركية تقول إنه رغم تطور الصناعات الدفاعية الكبير في أوكرانيا، فإن ذلك لن يكون كافياً لصد قوات موسكو، حيث تحتاج كييف إلى واشنطن وحلفاء غربيين آخرين لمواجهة آلة الحرب الروسية. فهي لا تستطيع إنتاج ما يكفي من الذخيرة للحفاظ على إطلاق مدافعها، أو أي من صواريخ الدفاع الجوي الاعتراضية التي تحتاجها للحماية من الصواريخ الروسية.

من جهة أخرى، تتسبب الضائقة المالية التي تعاني منها أوكرانيا في التأثير على إنتاج الأسلحة، وقال أوليكساندر كاميشين، مستشار زيلينسكي ووزير الصناعات الاستراتيجية السابق، إن الحكومة لن تتمكن هذا العام من شراء سوى أقل من نصف ما تستطيع شركات تصنيع الأسلحة إنتاجه، وأضاف: "إنه لأمر مؤلم أن تعجز عن الإنتاج من دون أن يكون لديك ما تقاتل به، ويتضاعف الألم عندما تتمكن من الإنتاج من دون أن تتمكن من تمويل المشتريات".

وتمول بعض الحكومات الغربية مشتريات الأسلحة من شركات الدفاع الأوكرانية وفقاً لما يسمى بالنموذج الدنماركي، حيث تُوفر الأموال لشراء الأسلحة من شركات تصنيع الأسلحة الأوكرانية بدلاً من تزويد كييف بالأسلحة الغربية، وقال روب لي: "قد يكون الاستثمار المباشر في هذه الشركات هو أفضل استخدام للأموال المتاحة من حيث تحقيق تأثير إيجابي في ساحة المعركة".

وورثت أوكرانيا قطاعاً واسعاً من صناعة الأسلحة السوفييتية عند استقلالها، إلا أن قدراتها التصنيعية سرعان ما تراجعت، ولكن الحرب ضد روسيا كانت بمثابة حقل تجارب لمجموعة من الأسلحة التي لم تكن مستخدمة سابقاً، ما وفّر لدول الناتو دروساً قيّمة حول أدائها في المعارك.

وتنقل الصحيفة عن فيتالي زاغوداييف، المدير العام لمصنع كراماتورسك لتصنيع الآلات الثقيلة، قوله إن شركة خاصة طورت مدفع "هاوتزر بوهدانا" عام 2016، لكنها لم تتلقَ أي طلبات قبل الغزو الروسي حيث كانت هناك مخاوف عند بدايته من استيلاء روسيا على النظام، ما دفع السلطات الأوكرانية لإبلاغ زاغوداييف بتفكيك النموذج الأولي الوحيد خشية وقوعه بأيدي الروس. ولكن سرعان ما تلقى زاغوداييف تعليمات بإعادة تركيب المدفع لاستخدامه على خط المواجهة، وبنشره إلى جانب مدفع هاوتزر ذاتي الحركة من طراز "قيصر" فرنسي الصنع، وفعلاً استُخدم نظام "بوهدانا" في قصف المواقع الروسية بجزيرة "سنيك" في البحر الأسود، ما أجبر موسكو على التخلي عن هذه البقعة الصخرية في أول صيف من الحرب.

بدأت طلبات شراء "بوهدانا" بالتدفق، لكن المصنع الواقع في شرق أوكرانيا كان في مرمى نيران روسيا. وتحت وطأة القصف، بدأ العمال نقل الإنتاج إلى منشآت جديدة في غرب البلاد، ولكن ليس قبل تدمير أكثر من نصف المعدات. ولما كانت المهل الزمنية اللازمة لطلبات الاستبدال طويلة جداً، قامت الشركة بتصنيع معداتها بنفسها. وجرى توزيع الإنتاج لتقليل تأثير أي هجوم روسي، إذ إنه إذا نجح صاروخ في إصابة منشأة واحدة، فإن المنشآت الأخرى لا تزال قادرة على مواصلة الإنتاج.

وقال زاغوداييف إن الشركة تنتج الآن أكثر من 20 مدفع بوهدانا شهرياً. ووفقاً لدراسة أجراها معهد كيل، تستطيع روسيا إنتاج حوالي 40 مدفعاً خلال الفترة نفسها. ولا يُجمّع مدفع بوهدانا النهائي إلا في اللحظة الأخيرة لتقليل فرص استهدافه قبل الوصول إلى خط المواجهة. وأوضح زاغوداييف أنه يُنتج الآن حوالي 85% من مكونات بوهدانا محلياً، بما في ذلك السبطانة التي تتآكل بمرور الوقت.

Read Entire Article