إجراءات حكومية لمحاصرة السوق الموازية في الجزائر

14 hours ago 1
ARTICLE AD BOX

تتجه حكومة الجزائر نحو اعتماد مزيد من التدابير لمحاصرة السوق الموازية التي تقول السلطات إنها "تخنق اقتصاد البلاد"، من خلال إجراءات جديدة لمنع الدفع نقدا لكل المعاملات التي تفوق 500 ألف دينار (3800 دولار)، في إطار خطة وطنية للرقمنة تمتد حتى العام 2030. وجاءت هذه التدابير ضمن الخطة الوطنية للرقمنة للحد من البيروقراطية وزيادة الشفافية في تسيير الشأن العام ودعم اقتصاد البلاد. وتسعى السلطات من خلال هذا الإجراء إلى محاربة الاقتصاد الموازي، وتشجيع المواطنين والمؤسسات على استخدام وسائل الدفع الإلكترونية.

وتندرج هذه الخطوة ضمن جملة أهداف حددتها الحكومة في وثيقة التحول الرقمي، التي تحوز "العربي الجديد" على نسخة منها، أبرزها رقمنة جميع الخدمات العمومية والإجراءات الإدارية بنسبة 100%، بهدف تقليص البيروقراطية وتحسين العلاقة بين الإدارة والمواطن، من خلال تسهيل الولوج إلى الخدمات عبر منصات رقمية موحدة وآمنة. ونصت الوثيقة التي حملت عنوان "الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي في الجزائر.. من أجل جزائر رقمية في أفق 2030"، على أن الخطة تستهدف إلغاء المعاملات المالية المدفوعة نقدا (كاش)، مع وضع هدف إلغاء كافة العمليات التي تتجاوز 500 ألف دينار (الدولار = 132 دينارا بسعر صرف البنك الرسمي). وحسب الوثيقة ذاتها، "يهدف هذا الإجراء إلى تشجيع استخدام وسائل الدفع الإلكتروني في المعاملات المالية من أجل ترقية الشمول المالي".

مراكز بيانات ضخمة

كما تشمل الخطة، وفق الوثيقة الحكومية، إطلاق خمسة مراكز بيانات وطنية ضخمة بمعايير دولية، تكون مخصصة لتخزين ومعالجة المعطيات محليا، ما يسمح بتعزيز السيادة الرقمية وضمان أمن المعلومات. وتسعى الحكومة من خلال هذه المراكز إلى توفير بنية تحتية رقمية متقدمة، تدعم مختلف مشاريع الرقمنة في القطاعات الحيوية.

وفي سياق مواز، تسعى الجزائر إلى التموقع إقليميا بصفة مورد للخدمات الرقمية، حسب الحكومة، من خلال تصدير خدمات الحوسبة السحابية نحو بلدان الجوار، خاصة في منطقة الساحل الأفريقي، اعتمادا على قدراتها الوطنية في مجال الربط بالإنترنت والبنية التحتية الرقمية. وتركز الخطة الحكومية أيضاً على دعم رأس المال البشري، عبر هدف طموح لتكوين 500 ألف مختص في تكنولوجيات الإعلام والاتصال بحلول عام 2030، بهدف تغطية حاجات السوق وضمان تنفيذ ناجح لمشاريع التحول الرقمي في القطاعين العام والخاص. كما تشمل الإجراءات المقترحة تقليص ظاهرة هجرة الكفاءات الرقمية بنسبة 40%، من خلال تحسين بيئة العمل وتوفير فرص مهنية محفزة داخل البلاد.

4 معاملات ممنوعة من الدفع نقداً

وكانت السلطات قد شرعت في مطلع العام الجاري في منع البيع نقدا (كاش) في أربع معاملات تجارية بموجب تدابير وردت ضمن قانون الموازنة العامة لسنة 2025، واشترطت إتمامها عبر المصارف ومؤسسة البريد، في إجراء يهدف لزيادة التحصيل الضريبي ومحاصرة السوق الموازية بعدما قارب حجمها 90 مليار دولار، وكشف حالات محتملة لتبييض الأموال.

وحسب تعميم صادر عن وزارة المالية (الخزانة)، في يناير/ كانون الثاني الماضي، فإن المعاملات الممنوعة من استخدام الدفع نقدا هي العمليات العقارية التي تشمل أملاكاً مبنية وغير مبنية، ومعاملات البيع التي يجريها وكلاء وموزعو السيارات والآلات والمعدات الصناعية، وشراء اليخوت وقوارب النزهة، واستخراج وثائق التأمين الإجبارية، على غرار المركبات مثلا، بحكم أن التأمين على البيوت والحقول الزراعية ليس إلزاميا في الجزائر.

محاصرة السوق الموازية

السلطات الجزائرية تسعى منذ عدة سنوات إلى محاصرة السوق الموازية التي زاد انتشارها وبلغ مستويات مقلقة باعتراف الرئيس عبد المجيد تبون، الذي صرح قبل فترة بأن حجمها فاق 90 مليار دولار.
وينتشر الاقتصاد الموازي في الجزائر على نطاق واسع، سواء في القطاعات التجارية التي لا تصرح بنشاطها للسلطات ولا بموظفيها، أو الشركات، وبدرجة أولى في القطاعات الخاصة، التي توظف عمالة بدون تغطية اجتماعية (ضمان).
وجراء الاقتصاد غير الرسمي، تنتشر في الجزائر ظاهرة اكتناز الأموال في البيوت أو ما يعرف محليا بـ"الشكارة" أو الأكياس المملوءة بالأموال، والتي تتأتى خصوصا من نشاطات تجارية واقتصادية غير مصرح بها، معظمها يتم تحويله إلى نقد أجنبي باعتباره من الملاذات الآمنة.
وبالنظر لاتساع رقعة الاقتصاد الموازي، انتشر الدفع نقدا (كاش) بعيدا عن الفواتير أو الدفع الإلكتروني أو المعاملات البنكية. ونتيجة لهذا الانتشار، ارتفع حجم الكتلة النقدية المتداولة في الأوساط الموازية.

Read Entire Article