ARTICLE AD BOX
في تطور هو الأول من نوعه منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، استهدف صاروخان أطلقا من الأراضي السورية مرتفعات الجولان المحتل مساء أمس الأول الثلاثاء، وتبنت المسؤولية عنهما مجموعة مجهولة، ليرد الجيش الإسرائيلي بقصف على جنوب سورية. وفي حين سارع الاحتلال لتحميل الرئيس السوري أحمد الشرع المسؤولية، فإن تساؤلات طُرحت حول المسؤول الفعلي عن إطلاق الصاروخين، مع توجيه البعض اتهامات لفصائل مسلحة مرتبطة بإيران تسعى لتوتير الأجواء، فيما رأى آخرون أن الحادث في مصلحة إسرائيل التي تسعى لخلط الأوراق بعد الانفتاح الأميركي على الإدارة الجديدة في دمشق.
قصف إسرائيلي على سورية
وشهدت منطقة "حوض اليرموك" في ريف درعا الغربي، مساء الثلاثاء، قصفاً إسرائيلياً مكثفاً استهدف مناطق حدودية، برره الاحتلال بأنه رد على إطلاق صاروخين باتجاه مرتفعات الجولان المحتلة. وطاولت الغارات الجوية، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، "كلا من الفوج 175 في محيط مدينة إزرع، ومحيط تل المال شمالي درعا، وتل الشعار في محيط القنيطرة". من جهته، قال الجيش الإسرائيلي في بيان إنّ طائراته "ضربت أسلحة تابعة للنظام السوري في منطقة جنوب سورية"، مشيرا إلى أنّ "النظام السوري مسؤول عن الوضع الراهن في سورية وسيستمر في تحمّل العواقب طالما استمرت الأنشطة العدائية في الانطلاق من أراضيه". وحمّل وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس الرئيس السوري أحمد الشرع المسؤولية عن إطلاق القذيفتين، قائلاً إن الشرع "مسؤول مباشرة عن كل تهديد وإطلاق نار باتجاه إسرائيل"، مضيفاً أن الجيش الإسرائيلي "سيرد على أي تهديد وإطلاق نار باتجاه إسرائيل من سورية، بكل حزم".
يسرائيل كاتس: أحمد الشرع مسؤول مباشرة عن كل تهديد وإطلاق نار باتجاه إسرائيل
وأعلنت مجموعة مسلحة سمّت نفسها "كتائب الشهيد محمد الضيف"، مسؤوليتها عن الهجوم، مشيرة في بيان مصور إلى أن العملية "رد على مجازر الاحتلال في غزة"، و"بداية لمسيرة مقاومة لن تتوقف". وأُعلنت "كتائب الشهيد محمد الضيف" في مايو/أيار الماضي، عبر بيان نشر على "تليغرام". وتصف هذه المجموعة نفسها بأنها "فعل ثوري مقاوم حر، وليست تنظيماً أو حزباً"، ووعدت خلال البيان بأن تكون "سيفاً مسلطاً على رقاب الاحتلال أينما كان". ولم تنتظر وزارة الخارجية السورية طويلاً قبل أن تصدر بيانا، قالت فيه إن "الأنباء المتداولة عن القصف باتجاه الجانب الإسرائيلي لم نتثبت من صحتها حتى هذه اللحظة"، مشيرة إلى "أن هناك أطرافاً عديدة قد تسعى إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة لتحقيق مصالحها الخاصة". وأكدت الوزارة أن "سورية لم ولن تشكل تهديداً لأي طرف في المنطقة، وأن الأولوية القصوى في الجنوب السوري تكمن في بسط سلطة الدولة، وإنهاء وجود السلاح خارج إطار المؤسسات الرسمية، بما يضمن تحقيق الأمن والاستقرار لجميع المواطنين". ودانت "بشدة" القصف الإسرائيلي الذي "استهدف قرى وبلدات في محافظة درعا، مما أدى إلى وقوع خسائر بشرية ومادية جسيمة"، مضيفة: "هذا التصعيد يمثل انتهاكاً صارخاً للسيادة السورية ويزيد من حالة التوتر في المنطقة، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى التهدئة والحلول السلمية". ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول سوري لم تسمه قوله إن الجهات التي تسعى لزعزعة الاستقرار تضم "فلول فصائل مسلحة مرتبطة بإيران من عهد الأسد، والتي تنشط منذ فترة طويلة في منطقة القنيطرة... ولديها مصلحة في إثارة رد إسرائيلي كوسيلة لتصعيد التوتر وتقويض جهود الاستقرار الحالية".
وعاود الاحتلال أمس الأربعاء قصف سورية، إذ استهدفت مسيّرة إسرائيلية قاعدة دفاع جوي ومستودعاً للصواريخ في منطقة ربيعة غرب مدينة حماة، ما أدى إلى حصول انفجارات قوية، وفق ما أفاد "التلفزيون العربي". كما نقلت وكالة الأنباء الألمانية "د. ب. أ." عن سكان في المنطقة أنهم سمعوا أصوات انفجارات دون سماع أصوات طائرات في سماء المنطقة.
غايات سياسية؟
ويرى نشطاء سياسيون أن العملية التي قام بها الفصيل المجهول مساء الثلاثاء لها غايات "سياسية أكثر منها عسكرية"، لأنها تهدف إلى "خلط الأوراق في الجنوب السوري". وقال الناشط السياسي من القنيطرة محمد البكر، لـ"العربي الجديد"، إن "أطرافاً إقليمية، وتحديداً إيران، تسعى لجرّ سورية إلى مستنقع جديد".
ووصف الصحافي والأكاديمي السوري المختص بالشأن الإسرائيلي، خالد خليل، في حديث مع "العربي الجديد" ما جرى مساء الثلاثاء في سورية بـ"التطور الخطير والمفاجئ من حيث التوقيت وهو مخالف للتوقعات"، مضيفاً: "نحن أمام تضارب في الروايات حول ما جرى. وتابع: "أعتقد أن هناك الكثير من علامات الاستفهام حول الحادث، لذا لا بد من البحث عن المستفيدين منه". وأشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "مأزوم وتتسع فجوة الخلافات بينه وبين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وهناك نبرة انتقاد غربية من دول حليفة لإسرائيل بسبب حرب الإبادة التي تشنها تل أبيب على قطاع غزة. ورأى أن اسم الفصيل الذي أعلن مسؤوليته عن إطلاق الصاروخين "يؤكد أن لها ارتباطاً بالجانب الإيراني"، مضيفا: "لطهران مصلحة في خلط الأوراق في سورية، فالتغيير الذي حدث في سورية نسف مشروع الإيرانيين الذي كان يهدف لفرض هيمنة على المنطقة". وأضاف خليل: "أعتقد أن طهران وتل أبيب تحاولان إعادة إنتاج التنافس الإقليمي الشكلي وهذه خيارات المفلسين".
أجرى توم براك، أمس الأربعاء، جولة في هضبة الجولان المحتلة برفقة وزير الأمن الإسرائيلي ومسؤولين كبار
وفي السياق، رأى المحلل العسكري العميد عبد الله الأسعد، في حديث مع "العربي الجديد"، أن ما جرى مساء الثلاثاء "هو في مصلحة إسرائيل التي تريد الهروب إلى الأمام وخلط الأوراق". وأعرب عن اعتقاده أن الحادث "مدبر" من تل أبيب التي "باتت لديها قواعد داخل الأراضي السورية ربما هي التي قامت بإطلاق الصواريخ"، مشيراً إلى أنه "لا يمكن إطلاق صواريخ غراد كما ادعت تل أبيب، لأنه لا توجد أرضية جنوب سورية لذلك". وتابع: "تل أبيب تريد ذريعة للتوسع في اعتداءاتها واحتلال أراض جديدة داخل سورية. القوات الإسرائيلية كانت جاهزة للتحرك وهو ما يؤكد أنها هي التي دبّرت عملية الإطلاق".
في موازاة ذلك، أجرى المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية توم براك، أمس الأربعاء، جولة في هضبة الجولان المحتلة برفقة وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس ومسؤولين كبار. وقالت صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، إن إسرائيل عرضت على براك "التهديدات الأمنية التي تشكلها سورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع".
