إقبال حزبي وعزوف شعبي عن الانتخابات العراقية المقبلة

2 hours ago 2
ARTICLE AD BOX

يظهر التنافس واضحاً في الانتخابات العراقية المقرر إجراؤها في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، من ناحية أعداد الأحزاب المشاركة في السباق التشريعي المرتقب، وبداية الدعاية الانتخابية وجولات المرشحين في مناطق متفرقة من البلاد، والزيارات للمجتمعات المحلية والعشائر واللقاءات مع النخب، إلا أن معظم المؤشرات التي يطرحها مراقبون تفيد باتجاه نحو تراجع المشاركة في هذا الاستحقاق، بسبب حالة الاستياء الشعبية والإحساس بصعوبة التغيير في النظام السياسي والحاكم، لا سيما أن الأحزاب تتمسك بمبدأ المحاصصة الحزبية والطائفية والقومية في إدارة الدولة.

انتظار 8 ملايين ناخب

وأكدت المتحدثة باسم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، جمانة الغلاي، يوم الخميس الماضي (22 مايو/أيار الحالي) أن "114 حزباً أبدى رغبته بالمشاركة في الانتخابات العراقية المقبلة، فضلاً عن 60 حزباً قيد التأسيس. وقد بلغ عدد الأحزاب السياسية المسجلة 339 حزباً منذ تأسيس الدائرة في 2015 وحتى الآن". وأوضحت في تصريحات صحافية، أن "التحالفات الانتخابية بلغ عددها 66 تحالفاً منذ انتخابات 2018، و2021، و2023، ومن بينها 18 تحالفاً أبدى الرغبة بالمشاركة في الانتخابات، وثمانية منها تحالفات جديدة، فيما تحالفان فقط تمّت المصادقة عليهما من مجلس المفوضين".

ولفتت الغلاي إلى أن "عدد الناخبين الكلّي يقترب من 29 مليون ناخب، لكن من تحق له المشاركة فعلاً هو من يمتلك البطاقة البيومترية التي تحمل صورة. ولغاية الآن، هناك نحو 21 مليون ناخب يمتلكون البطاقة سابقاً أو من قاموا بالتحديث وسيتم تسليمهم بطاقاتهم". كما أكدت أن "مفوضية الانتخابات ملتزمة بقانون الانتخابات النافذ والذي ينص على تقسيم العراق إلى 18 دائرة انتخابية، كل محافظة تمثل دائرة واحدة".

عدد الناخبين يقترب من 29 مليوناً، ولغاية الآن هناك نحو 21 مليون ناخب يمتلكون البطاقة البيومترية

قبل ذلك، كشف المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق (غير حكومي)، أن 8 ملايين ناخب عراقي لم يحدّثوا بياناتهم الانتخابية، ما يؤشر على إمكانية ضعف المشاركة في الانتخابات المقبلة. ووفقاً لبيان أصدره نائب رئيس المركز، حازم الرديني، فإن "عدد الناخبين الكلّي بلغ 29 مليوناً بعد إضافة مواليد 2005 و2006، في حين أن عدد المسجلين بيومترياً حتى الآن لا يتجاوز 21 مليون ناخب، ما يعني أن أكثر من 8 ملايين لم يسجلوا بعد". ودعا الرديني الحكومة والمفوضية إلى "تنفيذ حملات إعلامية مكثفة لحثّ الناخبين على التسجيل والمشاركة في الانتخابات".

في السياق، قال عضو البرلمان العراقي محمد عنوز، لـ"العربي الجديد"، إن "المشاركة في الانتخابات أداة للتغيير الذي يطمح إليه الشعب العراقي، بالتالي فإن هذه الوسيلة تعدّ الأكثر فاعلية، لذلك فإن جهود جميع القوى السياسية والنواب والحكومة والمرشحين تدعم أكبر قدر من المشاركة". واعتبر أن "فساد الطبقة السياسية وبعض الأحزاب، يمكن إنهاؤه عبر المشاركة في الانتخابات العراقية واختيار ممثلين يميلون إلى الشعب أكثر من أحزابهم، كما أن المنافسة الحزبية التي انطلقت أخيراً، هي إشارة إلى أن الشعب عليه أن يميز بين المرشحين واختيار الأصلح، لأن المقاطعة بالحقيقة تخدم الفاسدين لأنهم سيبقون بلا منافس".

الانتخابات العراقية يلازمها يأس الناخبين

من جهته، بيَّن رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، أن "معظم الأحزاب العراقية الموجودة حالياً والنافذة والمتحكمة في المشهد العراقي فشلت في صناعة نموذج يدفع العراقيين للالتفاف حوله، والرمزية السياسية للنظام الحالي لا تحظى بالثقة من قبل الشعب، بالتالي فنحن أمام مقاطعة طبيعية وتكاد تكون غير مدفوعة إلا باليأس من الإصلاح". وأضاف في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الأحزاب الحالية تريد السيطرة من جديد على السلطة، وهذا من حقها من الناحية السياسية، لكن على الشعب أن يعود إلى وظيفته الأساسية وفق الدستور وأن يكون مصدر السلطات والمتحكّم فيها عبر ممثلين جيّدين، لكن في حالة تفشي المقاطعة فإن الجمهور الحزبي سيذهب وحده للانتخابات وسيحكم من جديد".

إحسان الشمري: معظم الأحزاب فشلت في صناعة نموذج يدفع العراقيين للالتفاف حوله

بدوره، أشار الناشط السياسي أيهم رشاد، إلى أن "أغلبية الناخبين العراقيين عادوا للحديث عن الاحتيال السياسي الذي تمارسه الأحزاب في إبعاد الفائزين عن تولي الحكم، والقيادة تكون للخاسرين، وهذا ما حدث مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي فاز في انتخابات 2021 لكنه أبعد بحيل سياسية كثيرة، وصار الخاسر هو الذي يحكم، بالتالي فإن إرادة الناخب غير محترمة من قبل الأحزاب وقادتها". وأشار إلى أن "الانتخابات العراقية المقبلة قد تكون الأكثر عزوفاً، مع العلم أنها تعتبر أهم انتخابات خصوصاً مع التغيرات الكبيرة التي تحصل في المنطقة".

واعتبر رشاد في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الأحزاب السياسية العراقية لا تريد غير المكاسب والمنافع والسيطرة على الدولة، من دون التفكير بالمتغيرات الإقليمية الخطيرة والتي لا نستبعد أن يكون العراق جزءاً منها في المستقبل"، موضحاً أن "الأعداد التي تعلن عنها مفوضية الانتخابات بشأن الذين أقدموا على تحديث سجلاتهم الانتخابية، لا تعني أن هؤلاء جميعهم سيشاركون في الانتخابات لأن شرائح، ومنهم الموظفون، أقدموا على التحديث بأوامر وظيفية، وفي الحقيقة أن كثيراً منهم من المقاطعين للانتخابات".

أيهم رشاد: الانتخابات المقبلة قد تكون الأكثر عزوفاً، مع أنها من الأهم نظراً للتغيرات في المنطقة

ووفق نتائج التعداد السكاني في العراق للعام الماضي، فقد ناهز عدد السكان 46 مليون نسمة، وهذه الزيادة السكانية ستؤدي بالضرورة إلى أمرين، إما إلى زيادة عدد المقاعد البرلمانية إلى 460 مقعداً بعد أن كانت 329، مع رفع أعداد الأصوات المؤهلة لمقعد في مجلس النواب، وذلك استناداً إلى الدستور العراقي الذي يُحدّد نائباً واحداً عن كل 100 ألف مواطن، أو رفع عدد الدوائر الانتخابية في المحافظات ذات الكثافة السكّانية الأعلى بالبلاد، لاستيعاب أعداد الناخبين في مراكز الاقتراع.

وشهد العراق بعد الغزو الأميركي في عام 2003 خمس عمليات انتخاب تشريعية، أولها في عام 2005 (قبلها أُجريت انتخابات الجمعية الوطنية التي دام عملها أقل من عام)، وآخرها في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، وتمّ اعتماد قانون الدائرة الواحدة لكل محافظة في النسخ الأربع الأولى. في المقابل، أجُريت الانتخابات الأخيرة في عام 2021 وفق الدوائر المتعددة، بعد ضغط من الشارع و"التيار الصدري" لإجراء هذا التعديل الذي كان يعارضه "الإطار التنسيقي". وفي مارس/ آذار 2023، صوّت البرلمان العراقي على قانون التعديل الثالث بشأن قانون الانتخابات في العراق الذي أعاد اعتماد نظام الدائرة الواحدة لكل محافظة.

 

Read Entire Article