إنقاذ الغزيين لا رثاؤهم

5 hours ago 3
ARTICLE AD BOX

نحفظ عن ظهر قلب أسماء المستشفيات التي تقصف في غزة، مسؤولي الصحة والدفاع المدني الذين يطلقون المناشدات اليومية، أسماءَ الكثير من العائلات التي مُحيت من السجل، المناطقَ التي يطالب الاحتلال بإخلائها، المحاورَ القديم منها والمستحدث. على مدى أكثر من عام ونصف العام لم يتغير الوضع كثيراً إلا عند التوصل إلى هدن محدودة كان الاحتلال كمن يسابق الزمن للقفز فوقها ليكرر فصول المذبحة في كل مرة على نحو أشد من السابق.

مشاهد المجازر الإسرائيلية تلاحقنا ودماء تسيل في كل مكان. في بعض الأحيان تسرح المخيّلة. ماذا لو جمع أهالي القطاع كل دماء الضحايا في دلاء يومياً لتوثيق كم دفعوا من أثمان منذ بدء العدوان؟ وماذا لو فاضت باتجاهنا؟ هل ستدفعنا للانتفاض؟ هل سنغادر عجزنا؟ ليس بالضرورة.
نقرأ يومياً نثرات من شهادات أهالي القطاع عن المجاعة. حكايات يصعب تصور أنها قد تحدث في هذا الزمن لكنها حقيقية بوجود سفاح إسرائيلي يمارس كل أنواع الإبادة بحق أهالي القطاع، وبوجود محيط عربي أعجز من أن يتجرأ على إدخال حبة قمح واحدة من دون إذن إسرائيلي أو أميركي، ويكتفي ببيانات إدانة وقمم ممجوجة ودعوات ومطالبات موهماً نفسه أن ليس بيده حيلة.

حُرِم الغزيون من كل شيء. الأحياء منهم شبه أموات، لا رغيف خبز، ولا ماء ولا دواء ولا خيمة يمكن لهم أن يأمنوا على أنفسهم وعائلاتهم فيها. هائمون في منطقة رمادية لا هي موت كامل ولا هي حياة صالحة للعيش.
يستسهل البعض إغداق الألقاب عليهم، أبطال، جبابرة، صامدون، يقاومون، يسقطون المشاريع.... هل توقف هؤلاء للحظة وسألوا أنفسهم بصدق إذا ما كانوا يستطيعون العيش في مثل ظروف الغزيين، ليوم أو أسبوع أو حتى شهر واحد فقط وليس 591 يوماً بكامل ساعاتها ودقائقها التي تمر طويلة على أهالي القطاع؟

الغزيون جائعون، مرضى، متألمون، غاضبون، منهكون، يحلمون بالنجاة... وهذا أقل حقوقهم. أما أولئك الذين يريدونهم أن يظهروا مجرد أبطال خارقين كما في الأساطير، لا يحزنون لفقدان عائلاتهم وتدمير حياتهم ولا يتعبون، أو يتعاطون معم كأنهم أرقام يمكن تعويضها، فيا لوقاحتهم!
لا يستحق الغزيون فقط من يشعر بمأساتهم أو يدرك حجم معاناتهم، يستحقون ويحتاجون قبل أي أمر آخر إلى من يبذل الجهد والضغط لوقف المجازر بحقهم. من يفكر لهم بمستقبل على أرضهم لا عبر تهجيرهم. يستحق الغزيون أفعالاً تنقذهم وتساعدهم على النجاة لا الرثاء.
 

Read Entire Article