ARTICLE AD BOX
بعد نحو تسع سنوات من تصويت بريطانيا على الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، اتفق الجانبان، اليوم الاثنين، على تسهيل وصول الأغذية والسياح البريطانيين إلى الاتحاد الأوروبي عبر تيسير إجراءات التفتيش على الحدود، بما يشمل تقديم مزايا ملموسة للبريطانيين مثل استخدام بوابات إلكترونية أسرع في مطارات الاتحاد، كما وقعا اتفاقاً جديداً للصيد، وذلك بعدما أجبرت قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجانبين على تجاوز آثار انفصالهما.
وهذه هي الصفقة الثالثة التي تبرمها بريطانيا هذا الشهر، بعد الاتفاق مع الهند والولايات المتحدة، ورغم أنه من غير المرجح أن تؤدي إلى دفعة اقتصادية ذات مغزى على الفور، فهي قد تزيد ثقة الشركات وتجذب الاستثمارات التي تشتد الحاجة إليها، بحسب تحليل لوكالة رويترز.
وقد أجبرت رسوم ترامب الجمركية، إلى جانب التحذيرات بضرورة بذل أوروبا المزيد من الجهد لحماية نفسها، الحكومات في جميع أنحاء العالم على إعادة التفكير في العلاقات التجارية والدفاعية والأمنية، ما قرّب المسافات بين ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وغيره من القادة الأوروبيين، بحسب رويترز.
وقالت الحكومة إن الاتفاق مع أكبر شركائها التجاريين من شأنه أن يقلل من الروتين بالنسبة لمنتجي الأغذية والمنتجين الزراعيين، ما يجعل الغذاء أرخص ويحسن أمن الطاقة ويضيف ما يقرب من تسعة مليارات جنيه إسترليني (12.1 مليار دولار) إلى الاقتصاد بحلول عام 2040. (الدولار = 0.8958 يورو = 0.7464 جنيه إسترليني).
وفي هذا الصدد، قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، اليوم الاثنين، إن الاتفاق الجديد الذي تم التوصل إليه مع الاتحاد الأوروبي يمثل حقبة جديدة في العلاقات بين الجانبين بعد خروج بريطانيا من التكتل. وأضاف في تصريحات للصحافيين أن "هذه أول قمة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي... إنها تمثل حقبة جديدة في علاقتنا، وهذا الاتفاق يعود بالنفع على الطرفين".
من ناحيتها، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين إن الاتفاق يبعث برسالة مفادها أن الدول الأوروبية متحدة. وأضافت في تصريحاتها للصحافيين: "الرسالة التي نوجهها للعالم اليوم هي أنه... في وقت يسود فيه عدم الاستقرار العالم وتواجه قارتنا أكبر تهديد لها منذ أجيال، فإننا في أوروبا متحدون".
الاتفاق يجعل الغذاء أرخص ويحسن أمن الطاقة ويضيف نحو 9 مليارات جنيه إسترليني (12.1 مليار دولار) إلى الاقتصاد الريطاني بحلول عام 2040
وأوضح ستارمر أن هذه الاتفاقيات ستساهم في تخفيف الإجراءات البيروقراطية وتنمية الاقتصاد البريطاني، وإعادة ضبط العلاقات مع التكتل التجاري المكون من 27 دولة منذ خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في عام 2020، علماً أن ستارمر استضاف، إضافة إلى فون ديرلاين، مسؤولين كبارا آخرين من الاتحاد في لندن، في أول قمة رسمية بين الجانبين منذ بريكست.
وإلى جانب الدفاع، تنص بقية الاتفاقيات على إزالة بعض الضوابط على المنتجات الحيوانية والنباتية لتسهيل تجارة الأغذية عبر الحدود، من خلال رفع القيود المفروضة على الصادرات البريطانية إلى دول الاتحاد الأوروبي الـ27، مقابل تمديد بريطانيا حقوق الصيد للاتحاد في مياهها الإقليمية لمدة 12 عاما إضافية.
ورغم أن الاتحاد الأوروبي هو أكبر شريك تجاري للمملكة المتحدة، فقد تراجعت صادرات المملكة المتحدة بنسبة 21% منذ خروجها من الاتحاد الأوروبي بسبب تشديد إجراءات التفتيش الحدودية، والأعمال الورقية المعقدة وحواجز أخرى.
وأضاف ستارمر أن المملكة المتحدة ستجني "فوائد حقيقية وملموسة" في مجالات مثل "الأمن والهجرة غير النظامية وأسعار الطاقة والمنتجات الزراعية والغذائية والتجارة"، بالإضافة إلى "خفض الفواتير وتوفير فرص العمل وحماية حدودنا".
من جهتها، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية: "هذا يوم مهم لأننا نطوي الصفحة ونفتح فصلا جديدا. هذا أمر بالغ الأهمية في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية، لأننا نتشارك في الرؤية والقيم نفسها". وقالت المملكة المتحدة إن الاتفاق الاقتصادي الجديد مع الاتحاد الأوروبي يخفف من إجراءات التفتيش الجمركي على المنتجات الغذائية والنباتية، ما يسمح "من جديد بحرية تدفق السلع".
ينص الاتفاق على رفع القيود المفروضة على الصادرات البريطانية إلى دول الاتحاد الأوروبي الـ27، مقابل تمديد بريطانيا حقوق الصيد للاتحاد في مياهها الإقليمية لمدة 12 عاماً إضافياً
ورأت حكومة العمال بزعامة ستارمر أن الاتفاق الذي أبرمته حكومة المحافظين السابقة "لا يخدم مصالح أي طرف". لكن ستارمر، الذي تولى رئاسة الوزراء عقب انتخابات يوليو/تموز الماضي، رسم عدة خطوط حمراء قال إنه لن يتجاوزها. ومن شأن الاتفاق "أن يؤدي إلى تنفيذ الغالبية العظمى من عمليات نقل الحيوانات ومنتجاتها والنباتات ومنتجاتها بين بريطانيا العظمى والاتحاد الأوروبي من دون الحاجة إلى الشهادات أو إجراءات الرقابة المعمول بها حاليا"، وفقاً لما نقلت فرانس برس.
وفي ما يتعلق بمسألة تنقل الشباب، اتفق المفاوضون على صياغة عامة تُؤجل المساومة إلى وقت لاحق. وتخشى لندن أن يُؤدي أي برنامج لتنقل الشباب إلى عودة حرية التنقل بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة. ورفض ستارمر العودة إلى حرية الحركة الكاملة، لكنه منفتح على برنامج تنقل يتيح لبعض الشباب البريطانيين والأوروبيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاما الدراسة والعمل في المملكة المتحدة وبالعكس.
ريفولت بريطانيا تستثمر 1.1 مليار دولار في فرنسا
على صعيد متصل، أعلنت شركة التكنولوجيا المالية البريطانية ريفولوت عن عزمها استثمار أكثر من مليار يورو (1.1 مليار دولار) في فرنسا خلال السنوات الثلاث المقبلة، ضمن سعيها لتعزيز وجودها في القارة الأوروبية.
وأعلنت شركة ريفولوت، التي تتخذ من لندن مقرا لها وتقدم خدمات مصرفية رقمية عبر التطبيقات مثل المدفوعات والاستثمار وتبادل العملات، اليوم الاثنين، عن خطط لفتح مقر لها في غرب أوروبا في باريس، وهو ما سيكون مكملا لمركزها الحالي في ليتوانيا.
ووُصف هذا الاستثمار بأنه أكبر التزام أجنبي يشهده القطاع المالي في فرنسا منذ عقد، وقد كُشف عنه خلال قمة "اختر فرنسا"، وهي فعالية سنوية تهدف إلى جذب الاستثمارات الدولية. وقالت شركة ريفولوت إن هذه الخطوة ستوفر أكثر من 200 فرصة عمل، وستدعم طلبها للحصول على ترخيص مصرفي في فرنسا.
وقال بيير ديكوتيه، المسؤول عن المخاطر والامتثال في شركة ريفولوت: "إننا نسعى، من خلال مقرنا الجديد في باريس، إلى بناء علاقات أوثق مع الجهات التنظيمية ومع عملائنا، وتعزيز الثقة في السوق". وبرزت فرنسا باعتبارها أسرع الأسواق نموا بالنسبة لشركة ريفولوت داخل الاتحاد الأوروبي، حيث يتجاوز عدد مستخدميها هناك 5 ملايين شخص. وعلى المستوى العالمي، تخدم الشركة أكثر من 55 مليون شخص، من بينهم أكثر من 40 مليونا في أنحاء أوروبا.
