احتجاجات بأكبر سجن في لبنان للمطالبة بإقرار قانون العفو العام

1 week ago 4
ARTICLE AD BOX

شهد سجن رومية المركزي في لبنان احتجاجات داخلية تزامنت مع انعقاد جلسة تشريعية لمجلس النواب، قبل ظهر اليوم الخميس. وأتى ذلك في محاولة من سجناء أكبر مرافق الاحتجاز في البلاد للضغط على البرلمان، من أجل التصويت على اقتراح قانون العفو العام وتخفيض السنة السجنية والذي قدّمه تكتّل "الاعتدال الوطني" بهدف التخفيف من اكتظاظ السجون، وتسريع المحاكمات العالقة، بالإضافة إلى التعبير عن اعتراضهم على التخلّف عن وعود متعلقة بترحيل السجناء السوريين.

عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم الخميس، أُطلقت هتافات من داخل مبنى "ب" في السجن الأكبر في لبنان حيث يُحتجز موقوفون على خلفية قضايا أمنية. وقد سُرّبت من سجن رومية تسجيلات فيديو، صُوّرت بهواتف مهرَّبة، أظهرت السجناء وهم يعلّقون مشانق بدائية، ويطرقون الأبواب الحديدية بقوّة، مهدّدين بالانتحار إذا لم يُقَرّ قانون العفو العام. وبالفعل، حاول السجين ع. ن. شنق نفسه، وفقاً للمعلومات التي تلقّاها "العربي الجديد"، قبل أن يتدخّل زملاؤه.

ولم تأتِ هذه التحرّكات من فراغ، بل سُجّلت بعد تجدّد أعمال شغب في داخل سجن رومية نفسه، إذ أقدم عدد من السجناء، أمس الأربعاء، على التمرّد في داخل الغرف، إثر تسرّب معلومات تفيد بأنّ قانون العفو العام في لبنان لن يُطرح للتصويت في جلسة الخميس، وسوف يُحال إلى اللجان النيابية. وبالتالي، تصاعدت وتيرة الاحتجاجات اليوم، في خلال انعقاد الجلسة، فكانت ضوضاء وطرق متواصل على قضبان النوافذ للتأكيد على مطالب السجناء.

وبالتزامن، أقيمت تجمّعات متفرّقة خارج أسوار سجن رومية لأهالي السجناء، ولا سيّما أمام مبنى البرلمان في ساحة النجمة بوسط العاصمة بيروت. ونفّذ هؤلاء اعتصاماً لهم هناك، رفعوا خلاله لافتات تطالب المجلس بتحويل القانون من "اقتراح إلى فعل"، وإنقاذ أبنائهم من "النسيان القضائي".

وعلى الرغم من "الصخب" الذي سُجّل داخل سجن رومية كما في خارجه، أنهى رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري الجلسة التشريعية اليوم، بعد إقرار عدد من اقتراحات القوانين، من دون التطرّق إلى قانون العفو العام أو الإشارة إلى مطالب السجناء المتصاعدة.

في تعليق على ما حصل اليوم، يقول أحد نزلاء سجن رومية لـ"العربي الجديد" إنّ "الاحتجاجات التي نفّذناها اليوم تهدف إلى إيصال صوتنا إلى النواب، للمطالبة بتحديد السنة السجنية، ولتوضيح مصير المحكومين بالمؤبّد أو الإعدام، بالإضافة إلى محاكمة من لم يخضع للمحاكمة بعد". يضيف السجين الذي تحفّظ على ذكر هويته: "سوف نستمرّ في المطالبة بحقوقنا، وسوف يواصل أهلنا (بدورهم) التحرّك في الخارج"، ويتابع: "نحن حالياً في حالة يأس بعد أن علّقنا آمالاً على المتغيّرات في المنطقة، فقد أصبحنا مكشوفين على طاولة المصالح".

ولا يبدو اليأس المعبَّر عنه وليد لحظته، بل يأتي نتيجة تراكم في ظلّ واقع مأساوي للسجون في لبنان عموماً. وبينما صُمّم سجن رومية لاستيعاب نحو 1.500 نزيل، فإنّه يضمّ حالياً نحو 4.000، أي أقل قليلاً من ثلاثة أضعاف طاقته الاستيعابية، علماً أنّ قدرة الاستيعاب الرسمية لكلّ السجون اللبنانية مجتمعة لا تتجاوز 4.760 سجيناً.

ويؤكد المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان في لبنان، محمد صبلوح، لـ"العربي الجديد" أنّ "اكتظاظ السجون اللبنانية يتجاوز 250% من قدرتها الاستيعابية، والدولة عاجزة عن تأمين الطعام أو المياه أو حتى الرعاية الصحية، الأمر الذي تسبّب في وفيات في داخل السجون". يضيف صبلوح: "اعتقدنا أنّ الفرج قد اقترب حين أُدرِج قانون العفو العام على جدول أعمال جلسة مجلس النواب، لكنّ إحالة القانون إلى اللجان النيابية تعني فعلياً دفنه، وهذا تأكيد على استمرار المتاجرة بملف السجناء".

ولا يتوقّف الأمر عند الاكتظاظ، بل يشمل الاعتراض التوقيفات الطويلة بلا محاكمات. وتفيد البيانات المتوفّرة بأنّ نحو 87% من نزلاء السجون في لبنان يقبعون في التوقيف الاحتياطي من دون أحكام نهائية، وهي نسبة تُعَدّ من بين الأعلى عالمياً، وترتبط بالإضرابات القضائية المتكرّرة، وتعطّل جلسات المحاكمة، ونقص وسائل نقل السجناء، ولا سيّما بعد أزمة كورونا الوبائية.

في سياق متصل، تتحدّث نائبة رئيس لجنة أهالي السجناء في لبنان رائدة الصلح لـ"العربي الجديد" عن "حلم للسجناء وذويهم؛ ففي كلّ مرّة يتجدّد الأمل لدينا. لكنّ ما حصل اليوم خلّف شعوراً عميقاً بالإحباط". تضيف الصلح: "كنّا نأمل، مع فتح صفحة جديدة في البلاد، أن يصدر قانون عفو عام يكون بداية لحياة جديدة للسجناء وعائلاتهم. هذا القانون يستحقّ أن يُعمل عليه بجديّة. ولو تحرّك أحد المعنيّين واطّلع على أوضاع السجناء، لما بقي مكتوف اليدَين". وتشدّد الصلح على أنّ "السجناء لا يطلبون المستحيل، بل رقماً واضحاً وموحّداً للسنة السجنية، مثلما الحال في دول العالم (الأخرى)"، مضيفةً: "أتوقع أن نشهد انتفاضات أكبر داخل السجون إذا استمرّ هذا الإهمال".

تجدر الإشارة إلى أنّ هذا التحرّك الاحتجاجي ليس الأوّل من نوعه في لبنان، إذ سبق أن نفّذ عدد من السجناء إضراباً عن الطعام، في محاولة للضغط على السلطات اللبنانية من أجل تحريك ملفّ العفو العام.

Read Entire Article