ARTICLE AD BOX
يشهد المغرب في الآونة الأخيرة موجة جديدة من الاستثمارات الأجنبية التي تعكس تنامي جاذبيته بكونه مركزاً صناعياً واقتصادياً صاعداً في شمال أفريقيا، خصوصاً في ظل التحولات العالمية نحو الطاقة النظيفة والتصنيع منخفض التكلفة.
ففي خطوة لافتة، أعلن المدير التنفيذي للوكالة الفرنسية للتنمية، ريمي ريو، خلال زيارة ميدانية لمدينة العيون، توجه بلاده لضخ استثمارات جديدة في الأقاليم الجنوبية للمملكة، تشمل تحويل البنية التحتية القائمة إلى مشاريع مولّدة لفرص العمل، ولا سيما لفئة الشباب. وكشف عن شراكة مرتقبة مع المكتب الشريف للفوسفات لإطلاق مشاريع لإزالة الكربون من سلسلة إنتاج الفوسفات، بقيمة قد تصل إلى 150 مليون يورو.
وأشار ريو إلى أن الصحراء المغربية تمثل نقطة وصل استراتيجية بين المغرب وبلدان القارة الأفريقية، مؤكداً التزام فرنسا دعم مشاريع تتعلق بالزراعة المستدامة، الاقتصاد الأزرق، وسلاسل القيمة الفلاحية، ضمن رؤية مشتركة مع المغرب لتعزيز التعاون الإقليمي.
وفي السياق نفسه، أعلن البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية تخصيص تمويل أخضر بقيمة 65 مليون يورو، يُوجه لدعم الشركات المغربية، ولا سيما الصغيرة والمتوسطة، في الاستثمار بالتقنيات المناخية الحديثة. ويأتي هذا التمويل بدعم من الاتحاد الأوروبي وكندا وصندوق المناخ الأخضر، في إطار برنامج المغرب لإزالة الكربون، الهادف إلى تعزيز الصمود المناخي ودعم النمو المستدام. وتشمل الحزمة التمويلية 1.75 مليون يورو من صندوق المناخ الأخضر، و2.4 مليون يورو من كندا لدعم المشاريع الخضراء للشركات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، وفق موقع "هسبريس" المغربي.
ويقوم البنك المغربي للتجارة والصناعة بتوجيه هذه الأموال عبر قروض فرعية للشركات المستفيدة، ضمن خطة تشمل أيضًا مساعدات مالية مباشرة للمشاريع الخضراء. ويؤكد البنك الأوروبي أن هذه الشراكة تُعزز من مكانة المغرب فاعلاً إقليمياً في التحول الطاقي ومواجهة التغير المناخي.
في موازاة ذلك، أظهر تقرير حديث صادر عن شركة "أوليفر وايمان" للاستشارات الصناعية أن المغرب تصدر قائمة الدول الأقل تكلفة في صناعة السيارات على مستوى العالم، حيث لا تتجاوز تكلفة اليد العاملة لإنتاج مركبة واحدة 106 دولارات، ما يضع المغرب في مقدمة أكثر من 250 مصنعاً جرى تحليلها عالمياً، متفوقة على دول مثل رومانيا 273 دولاراً، والمكسيك 305 دولارات، وتركيا 414 دولاراً، والصين 597 دولاراً. وأوضح أن تكلفة اليد العاملة تشكل ما بين 65 و70% من تكلفة التحويل الصناعي، ما يجعل التحكم فيها مفتاحاً لتحقيق الربحية والقدرة التنافسية.
ويقول التقرير إن هذا التميز أدى إلى مزيج من انخفاض الأجور وارتفاع الإنتاجية وحداثة المصانع، ما يجعل من المغرب مركزاً صناعياً بديلاً، خصوصاً للشركات الفرنسية التي تواجه صعوبات في بلدانها الأصلية. وقد سجّل القطاع نمواً بنسبة 29% في الإنتاج بين 2019 و2024، مقارنةً بتراجع سجلته بلدان أوروبية كبرى.
ويرى مراقبون أن هذه الاستثمارات، وإن كانت تعزز من مكانة المغرب الاقتصادية، تطرح في الوقت نفسه تساؤلات عن أثرها على العدالة المجالية، ومدى استفادة المناطق المهمشة، مثل الأقاليم الجنوبية، من عوائد التنمية والتحول الصناعي الأخضر.
