ARTICLE AD BOX
اعترض نواب وكتل نيابية في البرلمان الجزائري بشدّة على تصريحات وزير الاتصال محمد مزيان، التي أطلق فيها تعبيرات وُصفت بأنها غير مقبولة بحق نائب في البرلمان، كان قد وجّه انتقادات إلى وزارة الاتصال والتلفزيون العمومي، في حادثة أعادت إلى الأذهان مناوشات سابقة بين النواب وأعضاء الحكومة، وأصدرت المجموعة البرلمانية لحركة مجتمع السلم، كبرى قوى المعارضة في البرلمان، الجمعة، بياناً شديد اللهجة رداً على تصريحات الوزير، ووصفت الرد بأنه "غير موفق"، وقالت إنه "جاء بطريقة غير لائقة بحق النائب عبد السلام بشاغا"، معتبرة ذلك "تعدياً صارخاً وغير مقبول على ممثلي الشعب، وتجاوزاً يفتقر إلى ثقافة الدولة ومؤسّساتها، وتصرفات غير محسوبة العواقب مِن الذين يُفترض فيهم التحلي بمهارات الاتصال والدبلوماسية".
واعتبرت الكتلة أن "استخدام توصيفات غير لائقة بحق نائب في البرلمان هو مساس بكامل المؤسسة النيابية، وخروج عن الطابع المؤسّساتي، وتجاوز في حق الرقابة النيابية التي مارسها النائب وفقاً للصلاحيات التي يمنحها له الدستور والأنظمة المنظمة للعمل النيابي"، وحذّرت من "انحراف في الخطاب الرّسمي والمؤسّساتي"، داعية الوزراء والمسؤولين إلى "تجنّب هذا النوع من الخطاب المتشنج، والالتزام بالتقاليد الحكومية، والهدوء، وانتقاء الألفاظ، وتقبّل الرأي والرأي الآخر"، كما أشادت ببيان مجلس الوزراء الأخير، الذي دعا فيه الرئيس عبد المجيد تبون الحكومة والوزراء إلى تجنب "الفولكلور الإعلامي".
وجاء بيان الكتلة النيابية بعد تصريحات أدلى بها الوزير مزيان، الخميس، خلال لقاء حول المؤسّسات المنتجة والتلفزيون، عُقد في سطيف شرقي الجزائر، قال فيها إن النائب البرلماني "اتهم ظلماً وعدواناً التلفزة الوطنية، لأنه لا يمتلك الثقافة المؤسّساتية، ولا الحقيقة، ولا المعلومات الدقيقة، وكان في هذا السياق جاهلاً"، مضيفاً أن "النائب قال كلاماً قبيحاً بحقّ التلفزيون"، في إطار تعليقه على انتقادات النائب عبد السلام بشاغا للتلفزيون الجزائري بشأن تقرير عن المؤرخ محمد الأمين بلغيث.
وكان النائب بشاغا قد وجّه، الأربعاء الماضي، انتقادات خلال جلسة نقاش عام، بشأن تقرير بثّه التلفزيون العمومي في نشرة الأخبار الرئيسة بتاريخ 2 مايو/ أيار الجاري، وصف فيه المؤرخ محمد الأمين بلغيث بأنه "صاحب نفس مريضة وتاجر الأيديولوجيا في سوق التاريخ"، على خلفية تصريحات أدلى بها لقناة عربية بشأن الأمازيغية. واعتبر النائب أن التلفزيون قدّم توصيفات وأحكاماً مسبقة بحق بلغيث، الموقوف منذ ذلك التاريخ، ومارس سلطة إصدار أحكام جزافية عليه قبل صدور أي حكم قضائي، متسائلاً: "هل جرى تنصيب محاكم إعلامية على شاشات التلفزيون؟ ومنذ متى يُحاكم الجزائري في نشرة الثامنة؟".
ومن المتوقع أن تصدر الكتل النيابية الستّ المشكلة للبرلمان، الأحد المقبل، بياناً مشتركاً حول الواقعة. وكان النائب بشاغا قد نشر، في بيان له الليلة الماضية، أن "تدخل الوزير في هذا السياق يُعد تجاوزاً للصلاحيات المؤسّساتية، وهو نفسه الذي تحدث عن أهمية احترام الثقافة المؤسّساتية"، موضحاً أن "الردود على مداخلات نواب الشعب، خاصّة تلك التي تجري في إطار ممارسة دورهم الرقابي والتشريعي، ليست من مهام وزير الاتصال، ما لم يكن ذلك عبر قنوات رسمية مناسبة"، كما عبّر عدد كبير من النواب عن مواقف مماثلة دعماً لبشاغا.
يُذكر أنه سبق للبرلمان أن شهد حادثة مشابهة في فبراير/ شباط 2023، عندما وجّه وزير التجارة، كمال رزيق، كلاماً مثيراً للنائب عبد الوهاب يعقوبي، وطالبه بسحب بعض العبارات استخدمها في تقريعه للحكومة، ما دفع مكتب البرلمان، المشكّل من ستِّ كتل نيابية، إلى إصدار بيان رسمي أدان فيه الوزير، لأول مرة في تاريخه، متهماً إياه بـ"تجاوز حدود اللياقة والأعراف الدستورية في التعامل مع النواب، وعدم مراعاة حرمة المؤسّسة التشريعية بطريقة لا تليق بعضو في الحكومة".
