الأدوية الجنيسة تزدهر في تونس.. بدائل فعالة بأسعار أرخص

2 days ago 3
ARTICLE AD BOX

يُعد ملف الدواء من الأولويات المتقدمة لدى الحكومات والشعوب على حد سواء، لكن، في ظل ارتفاع تكلفة الاستيراد ومشاكل التصنيع المحلي وصراعات حقوق الملكية، لجأت عدة دول، من بينها تونس، إلى استخدام الأدوية الجنيسة. والدواء الجنيس هو نسخة مكافئة لدواء يحمل علامة تجارية مسجلة، لكن تصنعه شركات الأدوية بعد انتهاء مدة براءة اختراع الدواء الأصلي، ويماثل الدواء الأصلي في التركيبة والفاعلية والجرعة والشكل الصيدلاني، لكنه يُطرح باسم تجاري مختلف وبسعر أقل.

في هذا السياق، قال المدير العام للوكالة التونسية للدواء ومواد الصحة عبد الرزاق الهذيلي إن تونس تصنّع 3 آلاف و168 دواءً جنيسًا و46 دواءً من البدائل الحيوية، مشيرًا إلى أن الصناعة الدوائية في تونس موجودة منذ 40 عامًا، ما يجعل البلاد رائدة في هذا المجال على الصعيدين العربي والأفريقي. وحثّ الهذيلي على تشجيع الصناعة الدوائية الوطنية، مع ضرورة مراجعة القوانين المنظمة للقطاع، بهدف تيسير مهام المصنعين التونسيين، بحسب ما نقلته وكالة"رويترز".

ويؤيده في هذا الرأي المدير العام للصيدلية المركزية في تونس شكري حمودة، وهي مؤسسة حكومية معنية باستيراد وتوزيع الأدوية، حيث قال إن تونس قادرة على أن تصبح "قطبًا صيدلانيًا أفريقيًا"، خاصة مع توفر البنية التحتية من مصانع أدوية وكليات صيدلة وطب، ومعاهد عليا للتكنولوجيا الحيوية، إضافة إلى الموارد البشرية المتاحة. وأضاف لـ"رويترز" أن تونس حاليًا تصنّع 80% من حاجياتها من الأدوية، أما الـ20% الباقية، فتُستورد، لكن الأدوية المصنّعة محليًا لا تمثّل سوى 58% من التكلفة، بسبب ارتفاع ثمن الأدوية المستوردة.

وفي السياق نفسه، يرى مراقبون أن تونس حققت تقدمًا كبيرًا في مجال إنتاج الأدوية الجنيسة، رغم أن الدولة لم تدرج هذا القطاع بعد ضمن أولوياتها قطاعاً حيوياً يمكن الاعتماد عليه لتوفير بدائل حقيقية للأدوية التي تستنزف مليارات من العملة الصعبة. وقالت نائبة رئيس نقابة أصحاب الصيدليات الخاصة ملكة المدير، لـ"رويترز"، إن حوالي 80% من الأدوية الجنيسة المحلية استُهلكت خلال عام 2024، مؤكدة أن هذه الأدوية تتمتع بالفاعلية والجودة نفسيهما اللتين تميزان الأدوية الأجنبية، على الرغم من تعوّد التونسيين والأطباء على استخدام المنتجات المستوردة.

لكنها ترى أنه رغم تحسن قطاع الدواء في تونس مؤخرًا مقارنة بالأعوام السابقة، فإنه لا يزال يواجه بعض الإشكاليات، من أبرزها زيادة الطلب على الأدوية مقارنة بالمعروض، فضلًا عن مشكلة الثقة تجاه الأدوية الجنيسة المصنّعة محليًا، حيث يصرّ المواطن التونسي غالبًا على الحصول على الدواء المستورد الذي يصعب أحيانًا توفيره.

الثقة والتكلفة

من جانبها، قالت ربح الحامدي (64 عامًا)، التي تعمل في مجال الخدمات المنزلية، إنها لا تملك تغطية تأمينية صحية، وبالتالي تلجأ إلى الأدوية الجنيسة لأنها أقل سعرًا. وأضافت لـ"رويترز" أن الطبيب وصفها ووجدتها جيدة، والأهم أنها تتماشى مع قدرتها الشرائية. لكن في المقابل، يُبدي الموظف المتقاعد منير البنا، الذي يعاني من أمراض مزمنة، قناعة أقل بالأدوية الجنيسة، ويقول إنه يستخدمها مضطرًا في حال عدم توفر الدواء الأصلي.

وأشار المدير العام للصيدلية المركزية إلى أن الأزمة لا تتعلق بنقص في الكمية، بل هناك نقص على مستوى النوع، نتيجة إجراءات إدارية بطيئة تخلق فراغًا في السوق. وقال إن النقص في نوع أو نوعين يمكن تعويضه بالأدوية الجنيسة، مؤكدًا أن هذه الأدوية لها الفاعلية نفسها للدواء الأصيل، وثمنها أقل من سعر الدواء الأصلي بأكثر من 30%. أما رئيس مجلس هيئة الصيادلة مصطفى العروسي، فقال لـ"رويترز" إن الأدوية الجنيسة في تونس يمكنها تعويض النقص في الأدوية، لأنها تستخدم براءة الأدوية الأصلية نفسها، التي أكدت كل الدراسات العلمية نجاعتها وفاعليتها من دون أي مخاطر.

في المقابل، يرى متخصصون أن قطاع الأدوية الجنيسة قد يشكّل ضمانة للأمن الصحي، ويسدّ فجوة حقيقية في نقص الدواء وارتفاع أسعاره، كما يمكن أن يساهم بشكل رئيسي في توفير العملة الصعبة للبلاد والحد من الاستيراد. وقد شهدت تونس في السنوات القليلة الماضية أزمة نقص في الأدوية بسبب مشاكل في المالية العامة، ما أدى إلى اختفاء مئات الأدوية من رفوف الصيدليات في جميع محافظات البلاد، بما في ذلك الأدوية الضرورية لأمراض مزمنة مثل القلب والسكري والسرطان. وعلى الرغم من وجود صناعة دوائية محلية منذ أربعة عقود، إلا أن ثقة المواطن لا تزال تشكّل تحديًا، ما يستدعي جهودًا تشريعية وإعلامية لإعادة الاعتبار إلى هذا القطاع الحيوي

(رويترز، العربي الجديد)

Read Entire Article