الاشتباك السياسي بشأن بحر الصين الجنوبي يصل إلى نيويورك

2 hours ago 2
ARTICLE AD BOX

أجرت الولايات المتحدة والفيليبين، يوم الثلاثاء الماضي، تدريبات عسكرية مشتركة في بحر الصين الجنوبي المتنازَع عليه. وشاركت في المناورات التي أقيمت في المياه قبالة سواحل بالاوان وأوكسيدنتال ميندورو، مجموعات من القوات البحرية والقوات الجوية الفيليبينية وخفر السواحل، إلى جانب سفينة خفر السواحل الأميركية "ستراتون"، وطائرة عسكرية أميركية من طراز "بي-8 إيه بوسيدون". ويعتبر هذا النشاط التعاوني البحري الثاني لهذا العام، والسادس منذ أن أطلق الحليفان الأنشطة المشتركة في العام 2023.

وتزامنت هذه التدريبات مع اشتباك ممثّلي بكين وواشنطن في الأمم المتحدة، حول الممارسات البحرية، إذ تبادلت الدولتان الاتهامات بشأن تصرفاتهما في بحر الصين الجنوبي خلال اجتماع لمجلس الأمن بشأن الأمن البحري. وقالت القائمة بأعمال الممثلة الأميركية، السفيرة دوروثي شيا، إن واشنطن تقف إلى جانب مانيلا، وتدين تصرفات بكين الخطيرة وغير القانونية في بحر الصين الجنوبي، ليرد عليها نائب السفير الصيني لدى الأمم المتحدة، قنغ شوانغ، بأن الولايات المتحدة تقوم بإرسال سفن عسكرية إلى المنطقة بحجة حرية الملاحة، لكن القصد الحقيقي هو استعراض عضلاتها وإثارة المواجهة، وقال إنّ واشنطن تشكل أكبر تهديد لأمن واستقرار المنطقة.

وأثار مقطع فيديو حول قضية بحر الصين الجنوبي نشرته السفارة الأميركية في سنغافورة، ردّ فعل حاداً من وزارة الخارجية السنغافورية. وقالت الوزارة، في بيان الأربعاء الماضي، إن سنغافورة ترفض محاولات السفارات الأجنبية إثارة ردود الفعل المحلية بشأن القضايا الدولية التي تشمل دولاً ثالثة، مضيفة أن القضايا المعقدة تُحلُّ على نحوٍ أفضل من خلال القنوات المناسبة حتى تكون الدبلوماسية فعّالة.

ما تشونغ: أميركا تحاول أن ترمّم صورتها دولةً مسؤولةً بعد أن تهشّمت بفعل سياسات ترامب

عودة ملف بحر الصين الجنوبي إلى الواجهة

هذه المواقف الثلاثة المتزامنة، أعادت ملفّ بحر الصين الجنوبي إلى الواجهة في إطار الصراع والتنافس المحموم بين بكين وواشنطن. وفي تعليقها على ذلك، قالت وسائل إعلام صينية، أول أمس الجمعة، إن الإجراءات الاستفزازية للولايات المتحدة والفيليبين أثارت في الواقع شبح دورة تصعيد قد تتجاوز النيّات، ما يجعل بحر الصين الجنوبي أقرب إلى برميل بارود، وليس إلى ممر مائي، إذ يَختبر كلُّ تطور حدودَ ضبط النفس.

وأضافت أن الولايات المتحدة ترغب في تحويل بحر الصين الجنوبي إلى ورقة مساومة في حروب أوسع نطاقاً، لكنّها لعبة مستهلكة، إذ شهدت الصين مثل هذه التكتيكات من قبل. ولفتت، في السياق، إلى أن بحر الصين الجنوبي، أكثر من مجرد رقعة زرقاء متنازَع عليها، إنّه مرآة تعكس مستقبل منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مضيفة أن الاستراتيجية الأميركية، المبنية على الانقسام والمغلفة بالازدواجية، لا تتعثر فحسب، بل إنّها تؤدي إلى تآكل النظام الذي تدّعي واشنطن أنها تدعمه.

أميركا تحاول ترميم صورتها

ورأى المختصّ في شؤون بحر الصين الجنوبي، ما تشونغ (باحث في مركز لونغ مارش للدراسات الاستراتيجية)، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الولايات المتحدة تحاول من خلال إثارة ملف بحر الصين الجنوبي، سواءً في مجلس الأمن أو عبر الاحتكاك المباشر من خلال المشاركة في تدريبات عسكرية مشتركة مع حلفائها في المنطقة، أن ترمّم صورتها دولةً مسؤولةً بعد أن تهشّمت بفعل سياسات الرئيس دونالد ترامب الانتهازية.

ولفت إلى أنه من خلال وضع أولوياتها الخاصة فوق القواعد الدولية، والانسحاب المعتاد من الاتفاقيات والمنظمات الدولية، والتنمر وإكراه الدول الأخرى بشأن قضايا مثل التعرِفات الجمركية، والإعلان علناً عن نيّة الاستيلاء على قناة بنما وغرينلاند، تريد الولايات المتحدة إعادة فرض قانون الغاب، وهي تحاول ممارسة نفس الدور في بحر الصين الجنوبي الآن، لكنّها تصطدم بصخرة صماء عنوانها الإرادة والتصميم والسيادة الصينية، حسب تعبيره.

وانغ خه: الولايات المتحدة دأبت على تكثيف أنشطتها العسكرية لتأجيج الانقسام والمواجهة

من جهته، قال الباحث في معهد الجنوب للدراسات الدولية الصيني، وانغ خه، في حديث مع "العربي الجديد"، إن الولايات المتحدة دأبت خلال الفترة الأخيرة على تكثيف أنشطتها العسكرية في المنطقة، ونشرت أنظمة صواريخ متوسطة المدى لتأجيج الانقسام والمواجهة، أيضاً دفعت حلفاءها في المنطقة خصوصاً تايوان إلى زيادة إنفاقها الدفاعي وشراء المزيد من الأسلحة الأميركية. وفي المقابل، تتحدث علانية عن الصين باعتبارها مزعزعة للاستقرار، في حين أن واشنطن وبالنظر إلى تصرفاتها الأخيرة، هي الأقل تأهيلاً للحديث عن الأمن واحترام القوانين الدولية، لذلك ينبغي عليها التوقف عن كونها واعظاً، والامتناع عن إثارة المزيد من المشاكل إذا كانت بالفعل تنشد السلام والاستقرار للمنطقة.

وكانت بكين قد أثارت حفيظة دول جنوب شرق آسيا بسبب تأكيدها ملكيّتها معظمَ الممرّ المائي الاستراتيجي في بحر الصين الجنوبي، على الرغم من حكم دولي صدر (عن محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي) في 2016 أفاد بأن هذا الادّعاء لا أساس قانونياً له. وقد وضع هذا الأمر الصين في منافسة مع بروناي وماليزيا والفيليبين وتايوان وفيتنام، التي لها مطالبات جزئية في المناطق المتنازع عليها. وفي السنوات الأخيرة، شهدت بكين ومانيلا تصعيداً في المواجهات، بما في ذلك حوادث الاصطدام بالقوارب وإطلاق سفن خفر السواحل الصينية مدافع المياه على نظيرتها الفيليبينية، وقد أثارت هذه الاشتباكات مخاوف من أنها قد تجرّ الولايات المتحدة، حليفة مانيلا الأمنية منذ فترة طويلة، إلى صدام مسلح مع الصين.

Read Entire Article