الاقتصاد الإسرائيلي مأزوم... مؤشرات سلبية في ظل التهديدات التجارية

13 hours ago 1
ARTICLE AD BOX

يواجه الاقتصاد الإسرائيلي تحديات واسعة النطاق، إذ ان المؤشرات الداخلية تشير إلى تراكم في حجم الأزمات، في المقابل يتصاعد السخط الدولي والتهديد بقطع العلاقات التجارية. فحكومة بنيامين نتنياهو تتجاهل، حتى الآن، التكلفة الاقتصادية لاستمرار الإبادة الجماعية في غزة وتجويع سكان القطاع وتوسع عدوانها على الأراضي الفلسطينية خارج غزة، وسط تصدّع علاقاتها التجارية مع الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، واهتزاز علاقاتها مع الولايات المتحدة. كذلك يواجه الاقتصاد الإسرائيلي أزمات عميقة هبطت بالناتج المحلي، وانعكست على غالبية القطاعات خاصة التكنولوجيا الفائقة التي تُعتبر ركيزة اقتصادية محورية.

وفي هذا الاتجاه أتى إعلان وزارة الخارجية البريطانية تعليق المفاوضات بشأن اتفاقية تجارة حرة جديدة مع "حكومة نتنياهو"، كذا أكدت مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي أنها ستناقش اتفاقية التجارة الشاملة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل. إلا أن هذه التحركات لا تترك أثراً تجارياً مباشراً، حيث إن بريطانيا لا تنوي إلغاء اتفاقية التجارة الحالية. وفي ما يتعلق بالاتحاد الأوروبي، فإن إلغاء الاتفاق يتطلب إجماع كل الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد، وحاليا 17 دولة فقط تؤيد إعادة النظر في الاتفاق، وسط وجود دول تميل إلى كفة إسرائيل عادة، بينها ألمانيا وإيطاليا وبلجيكا والمجر وغيرها.

لكن موجة المقاطعة يبدو أنها تتجه نحو الارتفاع، إذ تضغط فرنسا على عدد من الدول الغربية للاعتراف بدولة فلسطينية والإعلان عنها رسميا خلال قمة السلام التي ينظمها الرئيس إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في يونيو/ حزيران المقبل. وتستعد إسرائيل أيضًا لاجتماع مجلس الأمن الدولي في 28 مايو/أيار، حيث من المتوقع أن تضغط عدة دول أوروبية من أجل وقف إطلاق النار في غزة وإدخال المساعدات الإنسانية.

وتضاف إلى ذلك تصريحات خرج بها نتنياهو في نوبة غضب من التصرفات الأميركية التي تتجاهله خلال زيارة الرئيس دونالد ترامب إلى الخليج، ليقول يوم 11 مايو/ أيار الجاري، إن إسرائيل يجب أن "تفطم" نفسها عن المساعدات الأميركية. متجاهلًا مليارات الدولارات التي تدفقت من أميركا على إسرائيل منذ نشأتها، والتي تقدرها تقارير دولية بأكثر من 250 مليار دولار.

الاقتصاد الإسرائيلي أمام صدمة جديدة

كل هذه التطورات تضع الاقتصاد الإسرائيلي المأزوم أمام صدمة جديدة داخلية وخارجية، ما دفع موقع "كالكاليست" إلى طرح أسئلة في تقرير الخميس: "هل نحن على حافة تسونامي سياسي؟ هل ستنضم دول أخرى إلى هذه الإعلانات؟ هل لهذه التصريحات آثار اقتصادية غير مباشرة، مثل اختيار المستثمرين الاستثمار في إسرائيل؟ والسؤال الأهم بالنسبة للمواطنين الإسرائيليين هو: هل تأخذ الحكومة في الاعتبار التكاليف الاقتصادية والسياسية لاستمرار الحرب؟ فهل نتعلم الدروس من التصريحات الأوروبية؟ وهل تقديم الحد الأدنى من المساعدات يستحق ثمن تدهور العلاقات الاقتصادية، وربما الأمنية، مع هذه البلدان؟".

موجة المقاطعة يبدو أنها تتجه نحو الارتفاع، إذ تضغط فرنسا على عدد من الدول الغربية للاعتراف بدولة فلسطينية

التقارير الإسرائيلية تشير إلى أن نتنياهو وأعضاء حكومته يتجاهلون تأثيرات هذه التهديدات التجارية وانعكاساتها على الاقتصاد الإسرائيلي، ووفق الموقع ذاته فإن الأدلة المتراكمة تشير إلى أنه من الصعب أن يقتنع أي مراقب بأن هناك شخصاً ما يجري حسابات التكلفة والفائدة لاستمرار الحرب ووقف المساعدات.

ويلفت المعهد الإسرائيلي للدراسات الأمنية في تقرير نشره في نهاية إبريل/ نيسان الماضي، أي قبل التصريحات الأوروبية والبريطانية، إلى احتمالية حدوث أزمة مالية في إسرائيل، إذ تؤثر عودة العدوان سلبًا على النمو الاقتصادي في إسرائيل بسبب تعبئة جنود الاحتياط، إذ سيتعين على الشركات مجددًا إيجاد بدائل للموظفين الذين يُستدعون للاحتياط، بالإضافة إلى زيادة النفقات المتعلقة بتعبئة جنود الاحتياط.

وقد وجدت دراسة أجرتها وزارة المالية عام 2024 أن التكلفة الاقتصادية لجندي الاحتياط تبلغ حوالي 48,000 شيكل شهريًا (13.4 ألف دولار). ويشير التقرير السنوي لبنك إسرائيل لعام 2024، الذي نُشر في مارس/آذار 2025، إلى أنه لن يكون من الممكن العودة إلى القتال عالي الكثافة دون خطوات كبيرة، بما في ذلك المزيد من تخفيضات الميزانية وزيادات الضرائب.

وتطلب تمويل الحرب حتى الآن جمع ديون بمبالغ هائلة، تتجاوز حتى الديون التي جُمعت خلال أزمة كوفيد-19 في عام 2020، ما رفع نسبة الدين الإسرائيلي إلى الناتج المحلي الإجمالي، من 60% في عام 2022 إلى 69% في عام 2024. والحدث الثاني الذي يُزعزع استقرار الاقتصاد الإسرائيلي هو إقرار الكنيست أكبر ميزانية للدولة على الإطلاق، والتي بلغت حوالي 620 مليار شيكل (174 مليار دولار).

تؤثر عودة العدوان سلبًا على نمو الاقتصاد الإسرائيلي بسبب تعبئة جنود الاحتياط، إذ سيتعين على الشركات مجددًا إيجاد بدائل للموظفين الذين يُستدعون للاحتياط، بالإضافة إلى زيادة النفقات المتعلقة بتعبئة جنود الاحتياط

وعلى الرغم من وعد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش في ديسمبر/كانون الأول 2024 بألا يتجاوز العجز 4%، فإن العجز المخطط له في الميزانية المعتمدة يبلغ بالفعل 4.9%. يأتي هذا بعد عامين لم تحقق فيهما إسرائيل هدفها المخطط له من العجز بسبب الحرب إذ وصل العجز إلى 4.1% في عام 2023 و6.8% في عام 2024.

أما الحدث الثالث فهو عدم الاستقرار السياسي، وفق المعهد الإسرائيلي للدراسات الأمنية، الذي اتسم بعودة الإصلاحات القضائية ومحاولات إقالة النائب العام ورئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك). منذ اندلاع الحرب، خفّضت ثلاث وكالات تصنيف ائتماني التصنيف الائتماني لإسرائيل. وفي جميع تقاريرها الصادرة منذ انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أشارت هذه الوكالات إلى مخاوف بشأن عدم الاستقرار السياسي وتفاقم الاستقطاب في المجتمع الإسرائيلي.

وبشكل عام، انخفض التصنيف الائتماني لإسرائيل من A1 قبل الحرب إلى Baa1، مع نظرة مستقبلية سلبية. هذا التصنيف قريب جدًا من Ba1، وهو المستوى الذي تُعتبر فيه السندات غير مضمونة. قد يدفع تخفيض التصنيف إلى هذا المستوى إسرائيل إلى أزمة مالية، مما يُصعّب عليها جمع الأموال من أسواق رأس المال لتمويل نفقاتها (بما في ذلك نفقات الحرب).

Read Entire Article