ARTICLE AD BOX
للمرة الأولى منذ اندلاع ثورة 25 يناير 2011، حجب البرلمان المصري بغرفتيه، النواب والشيوخ، مشروع الموازنة للمجلسين عن العام المالي 2025-2026 الذي يبدأ في الأول من يوليو/تموز المقبل، وذلك بسبب الزيادة على مخصصات الأعضاء في المجلسين ممثلة في بدلات حضور الجلسات العامة واللجان النوعية (المختصة). وكشف مصدر مطلع في لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن اللجنة انتهت من إعداد تقريرها عن الموازنة التفصيلية الجديدة للمجلس تمهيداً لعرضه على الجلسة العامة لأخذ الموافقة عليه، مشيراً إلى ارتفاع مخصصات المجلس بنحو 550 مليون جنيه (10.9 ملايين دولار) مقارنة بميزانية العام المالي الحالي. وبلغت مخصصات مجلس النواب في العام 2024-2025 نحو مليارين و175 مليون جنيه، مقسمة بواقع مليار و284 مليون جنيه للأجور، و816 مليون جنيه لشراء السلع والخدمات، و75 مليون جنيه للاستثمارات. أما موازنة مجلس الشيوخ، فقدرت بنحو 880 مليون جنيه، ما رفع مخصصات المجلسين السنوية إلى ثلاثة مليارات و55 مليون جنيه. (الدولار = 50.45 جنيهاً).
مصدر: مخصصات مجلسي النواب والشيوخ ارتفعت بنسبة 30%
وقال المصدر إن مخصصات المجلسين ارتفعت إلى نحو أربعة مليارات جنيه في العام المالي المقبل، بزيادة سنوية تصل إلى 30%، لتغطية رفع بدلات الجلسات واللجان، والزيادة المتوقعة في عدد النواب بالفصل التشريعي الجديد وفق التعديلات المقترحة على قانوني انتخابات مجلسي النواب والشيوخ. وأوضح أن حزب مستقبل وطن، الحائز الأغلبية، يدرس حالياً مقترحاً بزيادة عدد أعضاء مجلس النواب من 596 إلى 680، ومجلس الشيوخ من 300 إلى 342 عضواً، استجابة لتوصيات لجنة مباشرة الحقوق السياسية والتمثيل النيابي في الحوار الوطني على خلفية زيادة عدد السكان وقت إقرار دستور 2014 من نحو 94 مليون نسمة إلى 107 ملايين نسمة تقريباً. وذكر المصدر أن زيادة أعضاء البرلمان المصري بمجلسيه تمهد إلى انتقالهما للعمل في المقر الجديد للبرلمان في العاصمة الإدارية، شرقي القاهرة، اعتباراً من دور الانعقاد الأول للفصل التشريعي الجديد، والذي من المتوقع أن يبدأ أعماله في النصف الأول من يناير/كانون الثاني المقبل، عقب الانتهاء من إجراء الانتخابات التشريعية نهاية العام الحالي.
ونصت المادة 102 من الدستور المصري على أن "يشكل مجلس النواب من عدد لا يقل عن 450 عضواً، ينتخبون بالاقتراع العام السري المباشر، على أن يخصص للمرأة ما لا يقل عن ربع إجمالي عدد المقاعد. ويبين القانون شروط الترشح، ونظام الانتخاب، وتقسيم الدوائر بما يراعي التمثيل العادل للسكان والمحافظات. ويجوز الأخذ بالنظام الانتخابي الفردي أو القائمة، أو الجمع بأي نسبة بينهما". وأجازت المادة لرئيس الجمهورية أن "يعين عدداً من الأعضاء في مجلس النواب لا يزيد على 5%". أما مجلس الشيوخ، بحسب المادة 250، "فلا يقل عدد أعضائه عن 180. وينتخب ثلثا أعضائه. ويعين الرئيس الثلث الباقي". وأشار المصدر نفسه إلى زيادة بدلات حضور الجلسات لأعضاء المجلسين من 750 إلى ألف جنيه، واجتماع اللجنة النوعية من 400 إلى 600 جنيه، بدايةً من العام المالي الجديد، وهو أربعة أضعاف ما تقاضوه في الفصل التشريعي (2015-2020)، بواقع 250 جنيهاً لحضور الجلسة، و150 جنيهاً للجنة النوعية.
ونصت المادة 428 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب على أن "تعفى أي مبالغ تدفع إلى الأعضاء من جميع أنواع الضرائب والرسوم، ولا يجوز الحجز عليها أو التنازل عنها. وفي جميع الأحوال، لا يجوز أن يزيد مجموع ما يتقاضاه رئيس المجلس، أو وكيلاه، أو أي من أعضائه، من موازنة المجلس، تحت أي مسمى، عن الحد الأقصى للأجور في الدولة". كما أقرت اللائحة الداخلية لمجلس الشيوخ "منح الأعضاء مكافأة شهرية تعادل الحد الأقصى للأجور بقيمة 42 ألف جنيه، وهي مُعفاة من جميع أنواع الضرائب والرسوم، ولا يجوز التنازل عنها، وتقاضي رئيس المجلس مكافأة مساوية لمجموع ما يتقاضاه رئيس الوزراء، وكل من وكيلي المجلس مكافأة مساوية لمجموع ما يتقاضاه الوزير في الحكومة".
مقر البرلمان المصري في العاصمة الإدارية الجديدة هو الأكبر في منطقة الشرق الأوسط
امتيازات عضوية البرلمان المصري
أُعطِي النائب في البرلمان المصري امتيازات عينية بخلاف المكافأة الشهرية والبدلات، منها الحصول على تذاكر مجانية سنوية لرحلات الطيران الداخلية، واشتراك سفر مجاني بالدرجة الممتازة في السكك الحديدية، والحق في اقتراض مبالغ مالية تسدد من مكافأته، فضلاً عن الاحتفاظ بجميع مخصصاته المالية من جهة عمله طوال مدة عضويته النيابية. ومقر البرلمان المصري في العاصمة الإدارية الجديدة هو الأكبر في منطقة الشرق الأوسط، إذ شيد على مساحة 26 فداناً (الفدان يعادل 4200 متر)، وتتسع القاعة الرئيسية لنحو ألف عضو، بمسطح يعادل ثلاثة أضعاف المبنى الحالي لمجلس النواب في وسط القاهرة، فضلاً عن احتوائه على مجموعة من المباني الخدمية المنفصلة، تشمل دوراً للعبادة، ومركزاً طبياً، ومبنى للشرطة، ووحدة إطفاء، وسجلاً مدنياً، وقاعات استماع، ومراكز للإعلام والمعلومات والتدريب.
ولم ينعقد مجلس النواب سوى مرات معدودة في مقره الجديد، كان آخرها في 18 يوليو/تموز من العام الماضي، وذلك لأسباب أمنية ولوجستية تتعلق بسهولة حركة الأعضاء من الوزارات وإليها لإنهاء طلبات الناخبين في دوائرهم، بالإضافة إلى ما كشفه الحضور في العاصمة الإدارية من غياب للنواب، وعدم اكتمال النصاب القانوني اللازم للتصويت على مشاريع القوانين. وحين كان الدولار يساوي 15.70 جنيهاً، بلغت تكلفة إنشاء مبنى البرلمان المصري الجديد نحو 4.8 مليارات جنيه من أصل 50 ملياراً كانت مخصصة لإنشاء الحي الحكومي في العاصمة الجديدة، الواقع على مساحة 150 فداناً، ويتضمن عشرة مجمعات تضم 34 مقراً وزارياً، باستثناء وزارتي الدفاع والداخلية، إضافة إلى مبنى رئاسة الوزراء ومبنى مجلسي النواب والشيوخ.
إنشاء مجلس الشيوخ
أنشئ مجلس الشيوخ بموجب تعديلات الدستور عام 2019 لإرضاء ومجاملة أكبر عدد من رجال الأعمال والسياسيين والإعلاميين الموالين للرئيس عبد الفتاح السيسي، وتحصينهم من أي مساءلة قضائية حول أنشطتهم، مقابل الاستفادة من خدماتهم في تثبيت أركان النظام. ومجلس الشيوخ في مصر "منزوع الصلاحيات"، ولا يملك سوى إبداء الرأي -غير المُلزم- في مشاريع القوانين المُحالة إليها فقط من رئيس الجمهورية أو مجلس النواب. من أبرز المعينين في المجلس: الكاتب الصحافي محمود مسلم، ورئيس تحرير صحيفة الشروق اليومية عماد الدين حسين، وعضو مجلس نقابة الصحافيين محمد شبانة، ونقيب الإعلاميين طارق سعدة، والإعلامي محمد مصطفى شردي، ونقيب المحامين السابق سامح عاشور، بالإضافة إلى الفنان يحيى الفخراني، والفنانة سميرة عبد العزيز، ورؤساء أحزاب "الوفد" و"التجمع" و"المؤتمر" و"مصر الحديثة".
ويرأس مجلس الشيوخ، منذ 2020، المستشار عبد الوهاب عبد الرازق (77 عاماً)، رئيس المحكمة الدستورية العليا السابق الذي حكم ببطلان مجلسي الشعب والشورى المنتخبين في عامي 2012 و2013 على الترتيب. كما أصدر حكماً بعدم دستورية قانون العزل السياسي، من أجل إعادة الفريق أحمد شفيق إلى السباق الرئاسي مرة أخرى في عام 2012. وشغل عبد الرازق رئاسة المحكمة الدستورية عام 2016 خلفاً لعدلي منصور، الذي عُين من قبل الجيش رئيساً مؤقتاً للبلاد في أعقاب إطاحة الرئيس المنتخب الراحل محمد مرسي عام 2013. وكان من أشهر أحكامه عدم الاعتداد بجميع الأحكام الصادرة من مجلس الدولة ومحكمة الأمور المستعجلة في شأن بطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي تنازلت بموجبها مصر عن جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر للسعودية.
