ARTICLE AD BOX
في نقلة نوعية وجرأة غير مسبوقة في تغطية جرائم الاحتلال الإسرائيلي، نشر تلفزيون هيئة البث العام الدنماركية (دي آر)، الأحد، تقريراً بعنوان "شهادات جنود إسرائيليين حول التدمير الممنهج لمبان فلسطينية في غزة. خبراء: هذه جرائم حرب".
وفي اليوم نفسه، قدمت القناة من خلال مراسلتها في الشرق الأوسط، بوك دامغسورد، تشريحاً للتغطية الدعائية الصهيونية المحرضة على جرائم الحرب بعنوان:" التهليل لجرائم الحرب". وفي مساء اليوم نفسه، قدّم برنامج هوريزونت الإخباري التحليلي المتابع من أغلبية الدنماركيين، حلقة حول كيفية تعاطي تلفزة تل أبيب مع جرائم الإبادة الجماعية في غزة.
شهادات عن جرائم حرب
استعرض "دي آر" في تقريره الموسع، والمدعم بخرائط ومنشورات وصور التدمير الممنهج في غزة، شهادات ضباط هندسة في جيش الاحتلال.
باستخدام الألغام "تسوى المنازل والمباني السكنية والمصانع والمستودعات المملوكة للفلسطينيين بشكل ممنهج بالأرض. وأشار مهندسان عسكريان إسرائيليان للقناة إلى أن دخول الشاحنات المحملة بألغام التفجير بدأ رسميا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023. قالا: "كانت مهمتنا تحويل التدمير المنهجي إلى روتين يومي يبدأ كل صباح لاختيار ما بين خمسة إلى سبعة مبان لتفجيرها، وأيضاً باستخدام الجرافات".
ويؤكد مقدمو الشهادات للقناة الدنماركية أنه "في حالات نادرة جداً استهدفت مبان عثر فيها على أسلحة أو مواد أخرى"، وشددت القناة على أنه بالنسبة لخبراء القانون الدولي فإن هذه جرائم حرب وانتهاكات لقوانين الحرب.
وقال بعض العسكريين لقناة دي آر أنهم أدلوا سابقاً بشهادات لمنظمة كسر الصمت، التي تضم جنوداً سابقين في جيش الاحتلال، ونقلت عنهم أن الهدف من التدمير الذي كان يتفاخر به الجنود وينشرونه على وسائل التواصل هو التطهير العرقي. وذلك على الرغم من نفي جيش الاحتلال ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لما يسميانه "اتهامات باطلة تقدم لوسائل إعلام دولية"، بحسب القناة الدنماركية.
كذلك، قدمت الشهادات للجمهور الدنماركي صورةً تفصيليةً عن جرائم التهجير وتحويل "المناطق الآمنة" والعازلة إلى فخ للقتل، حيث "لم يكن ثمة ما يمنع أن تطلق النار وتقتل من تشاء من الفلسطينيين المارة"، بحسب أحد الضباط الإسرائيليين.
واستعانت القناة في تقريرها بتقييم خبراء في القانون الدولي قالوا إنه "من المرجح أن إسرائيل انتهكت القوانين الدولية"، وهو ما أكده الأستاذ المشارك في القانون الدولي في جامعة كوبنهاغن، مارك شاك، بقوله: "يُحظر على قوة الاحتلال تدمير الممتلكات المدنية إلا إذا كان ذلك ضرورياً للغاية لعملياتها، وذلك معيار عالٍ يصعب جداً تصور التزام إسرائيل به بناء على هذه الشهادات".
هذا الرأي، أيّده كبير المستشارين في مركز القانون الدولي العملياتي في أكاديمية الدفاع الدنماركية، أولريك غراف، بقوله: "عندما يكون التدمير خطيراً بما يكفي ولا يمكن تبريره بموجب قوانين الحرب، فإنه يصنف ضمن جرائم الحرب".
احتفال بجرائم الحرب
ونشرت قناة دي آر تقريراً مفصلاً على موقعها من إعداد مراسلتها في الشرق الأوسط، بوك دامسغورد، حول الاحتفاء بجرائم الحرب في الإعلام الإسرائيلي، واتخذت من القناة 14 الإسرائيلية نموذجاً.
وقدّمت تقرير الصحافية الدنماركية تشريحاً دقيقاً، ولعله غير مسبوق من حيث ترجمة ما يناقش ويبث بالعبرية، لما وصفته بأنه "تهليل وتصفيق وتحريض صريح على الإبادة الجماعية والتطهير العرقي للتخلص من الفلسطينيين".
ومن خلال تناول بعض ما عرضه برنامج "باتريوتس" (الوطنيون) على القناة 14 العبرية، بيّن التقرير أن لقناة 14 "تبث تصريحات يصفها مراقبون بأنها دعوة إلى ارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين في غزة". كذلك لفتت إلى أن "ثلاث منظمات حقوق إنسان إسرائيلية اتهمت القناة 14 في الخريف الماضي بنشر أكثر من 150 تصريحاً ودعوةً إلى الإبادة الجماعية وجرائم حرب أخرى ضد السكان الفلسطينيين في غزة". ونقلت عن مقدم البرنامج ينون ماغال قوله: "نريد حماية أنفسنا، حتى لو اعتقد البعض أن ما نفعله جريمة".
الإبادة في غزة "وسيلة ترفيه"
من ناحيته لفت المحلل الإعلامي والكاتب في مجلة العين السابعة النقدية، أورين بريسكو، بعد دراسته محتوى القناة 14 على مدار الأشهر القليلة الماضية، إلى أنّ "التصفيق لجرائم الحرب أصبح تسلية"، وشرح: "الدعوة صريحة لشرعنة تدمير غزة بالكامل. ليس فقط الضيوف من يهللون للجرائم، بل المذيعون والجمهور الذي يصفق، وذلك أمر لم يكن يظهر سابقاً".
وذكرت هيئة البث العام الدنماركية المشاهدين أنه "إذا قال الفلسطينيون أن ثمة 20 ألف قتيل في غزة فإن القناة 14 تهلل لذلك بالقول إنه قتل 20 ألف إرهابي، بمن فيهم نساء وأطفال".
في نهاية المطاف أكدت "دي آر"، نقلاً عن بيرسيكو، أن هذه التغطية "تهدف إلى تجريد الفلسطيني من إنسانيته، فإذا كنت ستقصف مناطق واسعة من دون أن تبالي بعدد المدنيين، فيجب أن تقنع نفسك بأنهم جميعاً جزء من العدو".
ومن الجدير ذكره أن جرأة تغطية هيئة البث العام وصحف دنماركية عدة تشكل نقلة نوعية وتعاكس تيار النفوذ الصهيوني واليمين المتطرف في الدنمارك، واللذين يتهمان كل من يخرج عن السياق بـ"التطرف اليساري ومعاداة السامية".
تزامنت هذه النقلة مع نتائج استطلاع رأي عالمي نشر في كوبنهاغن، أمس الاثنين، حول مؤشر مدركات الديمقراطية، بمشاركة 110 آلاف شخص من 100 دولة، حيث حلّت دولة الاحتلال في ذيل قائمة الدول التي تحظى بنظرة سلبية، متفوقةً حتى على الولايات المتحدة.
