ARTICLE AD BOX
أطلق الديوان الوطني للحبوب بالجزائر (الهيئة العمومية المسؤولة عن استيراد وتوزيع الحبوب حصرياً) مناقصة لشراء 700 ألف طن من القمح اللين، تضمنت على غير العادة بنداً يحدّد مصدر هذه المادة، فقد اشترطت المناقصة أن تكون بشكل حصري من روسيا وأوكرانيا.
صفقة شراء القمح اللين من قبل الديوان الجزائري التي تندرج ضمن تغطية احتياجات البلاد من هذه المادة الواسعة الاستهلاك التي تعتبر "استراتيجية" في السوق الداخلية الجزائرية استكمالاً لموسم 2024 / 2025، تضمنت حسب الموقع المتخصص الناطق بالفرنسية "تار نت" (تعني الأرض) شرطاً يحدّد مصدرها، الأمر الذي يقصي المنتجين الفرنسيين من المشاركة.
وعلى هذا الأساس، فإنّ الشحنة التي من المقرر أن تصل الجزائر خلال الأشهر القليلة المقبلة لن تتضمن القمح الفرنسي، الذي طالما اعتبر أول مصدر لتموين السوق الجزائرية، ويترجم تبعاً لذلك التوجّه الذي يتبناه الديوان الوطني للحبوب، عملاً بمبدأ تنويع الشركاء والانفتاح على أسواق جديدة اعتبرها أكثر تنافسية، في سياق تغطية احتياجات البلاد من "الغذاء"، لا سيما القمح اللين، كونه مادة استراتيجية، يؤدي نقصها إلى اختلالات واضحة في السوق المحلية.
وتبدو إسقاطات فتور العلاقات الدبلوماسية والأزمة بين الجزائر وباريس واضحة المعالم على الاقتصاد والعلاقات التجارية بين البلدين، يترجمها التراجع الكبير في المبادلات منتصف سنة 2023، لتعرف تصعيداً إلى مستويات أعلى، مع ارتفاع التوتر السياسي والدبلوماسي الأشهر القليلة الماضية.
ويفسر هذا المنعرج في العلاقات التجارية بين البلدين، تراجع مكانة وحصة فرنسا سنة بعد أخرى بوصفها مموناً "تقليدياً" للسوق الجزائرية، لصالح منافسين آخرين، أبرزهم الصين وتركيا وإيطاليا، وهو التوجه الذي تسير وفقه مؤخراً صفقات شراء الحبوب (القمح اللين خصوصاً) من قبل الجزائر.
وتشير الأرقام الرسمية وإحصائيات الجمارك الفرنسية إلى أنّ الصادرات الفرنسية من القمح باتجاه الجزائر بلغت في سنة 2018 ما يزيد عن 5.4 ملايين طن، وتهاوت هذه الصادرات منذ سنة 2023 متراجعة إلى ما دون مليون طن، أما في سنة 2024 فلم يصل الموانئ الجزائرية سوى باخرة واحدة محملة بـ 31500 طن من القمح اللين، وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي أعلن منتجون فرنسيون للقمح عدم تلقيهم مراسلات تخص صفقات التموين من قبل الديوان الجزائري للحبوب، قالوا إنّها وصلت غيرهم من المنتجين المعتدين، ما اعتبروه بمثابة إقصاء لهم، لكنّ وزارة الفلاحة الجزائرية سرعان ما نفت الأمر، وبرّرته بكونه يتعلّق بتوفر شروط معينة في القمح المستورد، و"ليس بإبعاد أحد الشركاء الأوروبيين".
ويعتقد المتتبعون أنّ إسقاطات التوتر السياسي بين باريس والجزائر الذي بلغ مستويات غير مسبوقة في الأسابيع الماضية وصل إلى حد طرد ممثلين دبلوماسيين من هنا وهناك، لن تتوقف دون أن تترجم في العلاقات الاقتصادية، على الرغم من أنّ ذلك لم يعلن صراحة بعد. وألغت منظمة رجال الأعمال الجزائريين، منتصف إبريل/ نسيان الماضي، زيارة إلى فرنسا، وبرّرت ذلك بالرد على إجراء اتخذته السلطات الفرنسية.
