ARTICLE AD BOX

<p>خاض الجيش السوداني معارك ضارية قبل استعادته الخوي (رويترز)</p>
في وقت تصدت فيه مضادات الجيش السوداني أمس الأحد لمسيرات انتحارية استهدفت مدينتي عطبرة وبورتسودان من دون تسجيل أي خسائر بشرية أو مادية، استعاد الجيش وحلفاؤه من قوات الحركات المسلحة والمستنفرين سيطرته على مدينة الخوي بولاية غرب كردفان بعد أقل من أسبوعين من استيلاء "الدعم السريع" عليها، وواصل الجيش تقدمه باتجاه مدينة النهود، إحدى مدن الولاية الكبرى، ليفرض عليها حصاراً قوياً، بحسب مصادر عسكرية.
وبث الجيش على منصته بـ"فيسبوك" مقاطع فيديو تظهر وجود قواته وحلفائه في مدينة الخوي التي تبعد 110 كيلومترات غرب الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان، وسط استقبال وحفاوة من مواطني المدينة، فضلاً عن بث مقاطع تظهر حجم الخسائر الكبيرة التي تعرضت لها قوات "الدعم السريع" في الأرواح والمركبات العسكرية.
وأشارت المصادر العسكرية إلى أن الطرفين خاضا معارك ضارية قبل استيلاء الجيش على الخوي التي تراجع منها في وقت سابق إلى مدينة الأبيض لترتيب صفوفه بعد دخول "الدعم السريع" إليها في بداية مايو (أيار) الجاري.
فيما أكد مني أركو مناوي حاكم إقليم دارفور والمشرف العام على القوة المشتركة للحركات المسلحة، في تغريدة على منصة "إكس" استعادة مدينة الخوي وبلدة أم صميمة الحدودية بين ولايتي شمال وغرب كردفان.
وتابع مناوي "نترك المجال الآن لسكان الخوي ليتشاركوا تفاصيل هذه المعركة البطولية التي تجسد معاني الفخر والانتماء".
ويهدف الجيش وحلفاؤه من خلال العمليات العسكرية في غرب كردفان للوصول إلى ولاية شمال دارفور وإنهاء الحصار المفروض على مدينة الفاشر من قبل قوات "الدعم السريع" لأكثر من عام، مما تسبب في أوضاع إنسانية مأسوية.
محور دارفور
وفي محور دارفور شن الجيش السوداني أمس غارات جوية على مواقع وارتكازات "الدعم السريع" الواقعة شرق مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، في وقت أعلنت فيه الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش في الفاشر مقتل تسعة أشخاص، بينهم أربعة أطفال، وإصابة سبعة آخرين، بقصف مدفعي لـ"الدعم السريع" على الأحياء السكنية للمدينة بصورة عشوائية، وتم نقل المصابين إلى المستشفيات والمراكز الصحية لتلقي العلاج.
وذكر بيان للفرقة أن "قوات الجيش أثناء عمليات التمشيط بالمدينة، دمرت ثلاثة مركبات قتالية وعطلت أخرى وقتلت ستة من عناصر (الدعم السريع)".
من جهتها قالت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر إن المتحركات العسكرية بدأت الزحف نحو إقليم دارفور، وأن المعركة على وشك أن تطرق الأبواب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشارت التنسيقية في تدوينة على "فيسبوك" إلى أن "المعركة الحالية في دارفور ليست معركة من أجل موارد أو نفوذ أو سلطة، بل هي معركة وجود وكرامة".
ومنذ الـ10 من مايو 2024 تشهد الفاشر اشتباكات بين الجيش و"الدعم السريع" على رغم تحذيرات دولية من خطورة المعارك في المدينة التي تعد مركز العمليات الإنسانية لولايات دارفور الخمس.
وضع كارثي
إلى ذلك حضت الممثل المقيم للأمم المتحدة في السودان كلمينتين نكويتا سلامي إلى وقف عاجل للقتال في ولاية شمال دارفور والتهدئة بما يتيح إيصال المساعدات المنقذة للحياة.
وأفادت سلامي على حسابها في منصة ""إكس" بأن "الوضع في مخيمي أبو شوك وزمزم للنازحين اللذين يقعان قرب الفاشر كارثي، إذ إن المدنيين محاصرون ولا يمكن أن تصل المساعدات إلى الذين في أمس الحاجة إليها".
ولفتت إلى ضرورة وقف إطلاق النار بصورة فورية والتوافق على هدنة إنسانية لإيصال المساعدات المنقذة للحياة.
ولا يزال 180 ألف نازح عالقين في مخيم زمزم الواقع على بعد 12 كيلومتراً جنوب غربي الفاشر الذي سيطرت عليه قوات "الدعم السريع" في 14 أبريل (نيسان) الماضي، بعد أشهر من القصف المدفعي والتوغل البري المتقطع، في حين فر 83 ألف فرد من جملة 406 آلاف شخص نزحوا من مخيم زمزم إلى الفاشر، التي يعيش سكانها تحت وقع أزمة قاسية جراء شح الغذاء ونقص المياه وانعدام الأدوية نتيجة للحصار الذي تفرضه قوات "الدعم السريع" على المدينة منذ عام.
ويؤوى مخيم أبو شوك 190 ألف نازح يعانون القصف المتواصل الذي تشنه "الدعم السريع" بصورة شبه يومية، مما فاقم من أزماتهم الإنسانية.
وتشير الأمم المتحدة إلى أن إقليم دارفور يواجه أزمة إنسانية مروعة، حيث يحتاج 79 في المئة من سكانه إلى مساعدات إنسانية وحماية.
محور أم درمان
أما في محور أم درمان فتمكن الجيش وحلفائه أمس من السيطرة على حي الصالحة بجنوب الولاية، ويعد أحد المعاقل الرئيسة لقوات "الدعم السريع".
وأشارت مصادر ميدانية إلى أن وحدات الجيش فرضت في الوقت نفسه سيطرتها الكاملة على منطقة البنك العقاري التي تقع في أقصى غرب أم درمان، فضلاً عن تطهير منطقة الشقلة بالكامل، بما في ذلك السوق، وصولاً إلى البوابة الغربية لجامعة أم درمان الإسلامية، وهي خطوة تمهد لإعلان تحرير الولاية بأكملها قريباً.
وبحسب المصادر فإن هذه الانتصارات جاءت بعد معارك عنيفة خاضتها القوات المسلحة ضد عناصر "الدعم السريع" الذين تمركزوا سابقاً في مناطق حيوية في غرب وجنوب المدينة (أم درمان)، مشيرة إلى أن تقدم الجيش في هذه المناطق يعد اختراقاً مهماً للمواقع التي كانت تتحصن فيها قوات "الدعم السريع".
وتأتي هذه التطورات وسط تصعيد كبير في المعارك داخل العاصمة الخرطوم وولاياتها، بخاصة أم درمان، حيث يخوض الجيش معارك يومية لاستعادة السيطرة على أحياء حيوية من يد قوات "الدعم السريع".
احتواء الحرائق
في الأثناء أكدت قوات الدفاع المدني السودانية سيطرتها على حرائق مستودعات النفط ببورتسودان التي استهدفتها مسيرات "الدعم السريع" أخيراً.
وقال مدير الدفاع المدني السوداني الفريق عثمان العطا في تصريحات صحافية أمس إن قوات الدفاع المدني احتوت حرائق مدينة بورتسودان التي وقعت جراء استهداف قوات الدعم السريع للمستودعات الاستراتيجية ومرافق أخرى.
وأشار العطا إلى أنه تمت السيطرة تماماً على كل الحرائق بالمستودعات الاستراتيجية والمواقع المختلفة ببورتسودان، مؤكداً أن العمل أنجز في ظل ظروف بالغة التعقيد لوجود مخزونات نفطية بكميات كبيرة.
وبين أن فرق الإطفاء استخدمت مواد رغوية كثيفة بزوايا محددة وفق خطة عمل محكمة ومجهودات كبيرة بذلتها قوات الدفاع المدني.
وظلت الحرائق مشتعلة منذ الثلاثاء الماضي في المستودعات الاستراتيجية للوقود والمستودعات المملوكة للقطاع الخاص في بورتسودان، وتصاعد دخان كثيف تسبب في إخلاء بعض المساكن في حي ترانسيت القريب من هذه المستودعات.
وحلقت مسيرات "الدعم السريع" لليوم السابع في سماء بورتسودان العاصمة الموقتة للبلاد، لكن مضادات الجيش تصدت لها على الفور.
واعتمدت قوات "الدعم السريع" أخيراً بصورة لافتة على المسيرات في حربها مع الجيش السوداني، حيث استهدفت مدناً بولايات الشمالية ونهر النيل والبحر الأحمر وكوستي والنيل الأبيض، وهي مناطق خاضعة لسيطرة الجيش.
مخاوف دولية
في غضون ذلك أعربت جهات دولية متخصصة في مجال الصحة عن مخاوفها من توقف خدمات الصحة الجنسية والإنجابية في 15 من أصل 18 ولاية سودانية جراء ضعف التمويل.
وقالت منظمة الصحة ومجموعة الصحة في تقرير لهما إنه "بسبب خفض التمويل أصبح تقديم خدمات الصحة الجنسية والإنجابية في 15 ولاية معرضاً للخطر".
وبين التقرير أن ذلك يؤثر في 1.2 مليون امرأة في سن الإنجاب و120 ألف امرأة حامل و24 ألف ناجية من العنف الجنسي. ونوه بأن خفض التمويل أدى إلى تعليق عمل العيادات المتنقلة وإغلاق مرافق الرعاية الصحية الأساسية، بما في ذلك الموجودة في المناطق التي يصعب الوصول إليها والمناطق التي تستضيف اللاجئين مثل مخيم الطنيدبة في القضارف.
وأكد التقرير أن تجميد التمويل لا يزال يؤثر في شركاء مجموعة الصحة وتقديم خدمات الرعاية الصحية، حيث أثر في 13 شريكاً بصورة مباشرة و1.5 مليون شخص بصورة مباشرة، علاوة على 5 ملايين آخرين بصورة غير مباشرة في ظل التوقف التدريجي لدعم 335 مرفقاً صحياً.
وأشار التقرير إلى أن المرافق الأكثر تضرراً تقع في مخيمات النازحين ومواقع تجمع النازحين، مما يعرض حياة آلاف الأفراد إلى الخطر بسبب النقص الحاد في الكوادر الطبية والأدوية، كما جرى إغلاق أكثر من 200 مرفق صحي في الفاشر.
وتعرضت مرافق الرعاية الصحية والمستشفيات في الفاشر بولاية شمال دارفور إلى التدمير والقصف، فيما أغلق البعض نتيجة لشح الأدوية وانعدام الأمن جراء الاشتباكات التي تندلع بين الحين والآخر منذ عام.