الدولار والذهب والتبغ أكبر الخاسرين من بدء تنفيذ الاتفاق التجاري

2 weeks ago 5
ARTICLE AD BOX

رغم أجواء التفاؤل التي سادت العديد من أسواق المال عقب دخول الاتفاق الصيني الأميركي حيز التنفيذ، إلا أن الدولار والذهب لم يستفيدا من تلك الأجواء، حيث شهدا تراجعاً مع انخفاض إقبال المستثمرين على أصول الملاذات الآمنة بفعل انحسار التوتر التجاري حول العالم. كذلك، خسرت الشركات الأميركية المصنعة للسجائر ومنتجات التبغ التي تُعتبر ملاذاً آمناً في أوقات الأزمات.

وتنفست الأسواق الصعداء الأربعاء عقب دخول الاتفاق الصيني الأميركي حيز التنفيذ، وتراجع الإقبال على أصول الملاذات الآمنة، ومنها الذهب، بفعل انحسار التوتر التجاري، فيما تترقب الأسواق مجموعة أخرى من بيانات التضخم للحصول على مؤشرات بشأن مسار سياسة مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي). وكان سريان الهدنة التجارية بين الولايات المتحدة والصين قد بدأ أمس مع دخول الاتفاق التجاري حيز التنفيذ، برفع جزء من الرسوم الجمركية الإضافية المفروضة بين البلدين، ما يشكل هدنة في الحرب التجارية بين واشنطن وبكين التي هزت الاقتصاد العالمي، فيما قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه يمكنه تصور نفسه يتعامل مباشرة مع الرئيس الصيني شي جين بينغ بشأن التفاصيل النهائية لاتفاق تجاري أميركي صيني.

وخفض ترامب الرسوم الجمركية على الطرود الصغيرة المُرسلة من الصين وهونغ كونغ إلى الولايات المتحدة، وذلك بعد إعلان أكبر اقتصادين في العالم خفض الرسوم الجمركية على سلعهما لمدة ثلاثة أشهر. وأعلنت واشنطن وبكين، الاثنين، خفضاً كبيراً جداً في هذه الرسوم الجمركية المضادة، في إطار سعيهما لإنهاء الحرب التجارية التي هزت الاقتصاد العالمي وأثارت قلق الأسواق المالية. وقال عملاقا الاقتصاد إنهما اتفقا على تعليق معظم الرسوم الجمركية على سلعهما لتسعين يوماً، في انتظار مزيد من المفاوضات، بعد محادثات جرت بنهاية الأسبوع في جنيف.

تفاؤل أميركي

وأعرب ترامب، الأربعاء، عن تفاؤله بالتوصل إلى اتفاق تجاري مع الصين، مؤكداً أن العلاقات معها جيدة للغاية، قبيل تعليق الرسوم الجمركية المرتفعة التي فرضتها كل من الدولتين على الأخرى. وقال خلال مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" على متن طائرة الرئاسة في أثناء قيامه بجولة في منطقة الخليج: "لدينا إطار عمل لاتفاقية قوية جداً مع الصين". وأوضح أن علاقته بالرئيس الصيني شي جين بينغ كانت دائماً متميزة، إلا أنها تأثرت بسبب جائحة كوفيد-19، وأردف قائلاً: "لطالما جمعتني علاقة رائعة بالرئيس الصيني، وأنا أكنّ له احتراماً كبيراً، وسنرى كيف ستتطور الأمور مستقبلاً".

وبموجب الاتفاق التجاري، رفعت الصين والولايات المتحدة الأربعاء لمدة 90 يوماً الجزء الأكبر من الرسوم الجمركية الإضافية المتبادلة بينهما، ما يشكل هدنة في الحرب التجارية المرهقة بين البلدين التي أحدثت اضطرابات كبيرة في سلاسل التوريد والأسواق العالمية. وستنخفض التعرفات الجمركية التي فرضها ترامب على الصين من 145% إلى 30%، حيث ستهبط الرسوم الأساسية إلى 10% من 125%، وستظل الرسوم المنفصلة البالغة 20%، والتي فرضها ترامب بسبب ما وصفه بدور الصين في تجارة الفنتانيل، قائمة. في المقابل، ستخفض بكين الرسوم الانتقامية على السلع الأميركية من 125% إلى 10%.

الدولار يتراجع

وفي أسواق العملات، لم يستفد الدولار من الأجواء الإيجابية التي صاحبت اتفاق التجارة بين أكبر اقتصادين في العالم. وواصلت العملة الأميركية تسجيل الخسائر خلال تعاملات الأربعاء، بعدما تراجعت بأعلى وتيرة لها في أكثر من ثلاثة أسابيع أمس، في ظل بيانات التضخم التي عززت موقف الفيدرالي لتخفيف السياسة النقدية. بينما ارتفع اليورو بنسبة 0.65% عند 1.126 دولار، وزاد الإسترليني بنسبة 0.4% إلى 1.3355 دولار، فيما ارتفعت العملة اليابانية أمام نظيرتها الأميركية بنحو 1.1% عند 145.81 يناً.

وقال فرانشيسكو بيسول، استراتيجي العملات الأجنبية لدى مصرف "آي إن جي" في مذكرة للمستثمرين، إن الدولار لم يحافظ على مكاسبه التي حققها بعد التوصل إلى اتفاق تجاري مع الصين في عطلة نهاية الأسبوع. ويترقب المستثمرون بيانات مؤشر أسعار المنتجين في أميركا، المقرر صدورها اليوم الخميس، للحصول على مؤشرات حول مسار أسعار الفائدة.

وخلال تعاملات اليوم الخميس، تراجع مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل ست عملات رئيسية أخرى، 0.13 بالمئة ليصل إلى 100.87، ولكنه يتجه إلى تسجيل مكاسب أسبوعية 0.5 بالمئة. ومع ذلك، فقد هبط ​​المؤشر بنسبة تقارب السبعة بالمئة في عام 2025. وأدت سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التجارية العنيفة والمتقلبة إلى زعزعة ثقة المستثمرين بالدولار، ما أدى إلى انخفاض حاد في الأصول الأميركية. وبينما عوّضت أسواق الأسهم خسائر إبريل/ نيسان، لا يزال الدولار تحت الضغط.

تباين الأسهم

وعلى مستوى تحركات الأسواق العالمية، فقد شهدت ردود فعل متباينة بعد دخول الاتفاق التجاري المؤقت بين الولايات المتحدة والصين حيز التنفيذ، وسجلت الأسواق الآسيوية مكاسب ملحوظة؛ حيث ارتفع مؤشر هانغ سنغ في هونغ كونغ بنسبة 2.3%، ومؤشر شنغهاي المركب بنسبة 0.9%، وكوسبي في كوريا الجنوبية بنسبة 1.2%، فيما شهدت الأسواق الأوروبية تراجعاً طفيفاً؛ حيث انخفضت مؤشرات كاك 40 الفرنسي 0.5%، وداكس الألماني 0.1%، وفوتسي 100 البريطاني 0.1%.

وأظهرت العقود الآجلة للأسهم الأميركية استقراراً بعد المكاسب الكبيرة التي حققتها في بداية الأسبوع، حيث ارتفع مؤشر داو جونز، وناسداك بنسبة 4%. وارتفعت مؤشرات الأسهم المدرجة في الصين، بعد إعلان إجراءات تنظيمية لتعزيز دعم سوق رأس المال بما يخدم شركات الابتكار في مجالي العلوم والتكنولوجيا، مع متابعة المستثمرين نتائج أعمال الشركات الفصلية.

الذهب يفقد بريقه

وفي أسواق السلع، تراجعت أسعار الذهب اليوم الخميس لأدنى مستوى في أكثر من شهر، وهبط المعدن الأصفر في المعاملات الفورية 0.8 بالمئة إلى 3153.09 دولار للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 0303 بتوقيت غرينتش بعد أن وصل إلى أدنى مستوى له منذ 10 إبريل/ نيسان في وقت سابق من الجلسة. وانخفضت العقود الأميركية الآجلة للذهب واحداً في المئة إلى 3156.90 دولاراً.

وخلال تعاملات الأربعاء، انخفضت أسعار الذهب بنسبة 0.4% إلى 3233 ألف دولار للأونصة، مع انخفاض الطلب على الملاذات الآمنة بسبب تحسن معنويات المستثمرين. كذلك انخفضت أسعار النفط بنسبة 0.6%، حيث بلغ سعر خام برنت 66.24 دولاراً للبرميل، وسط توقعات بزيادة المخزونات الأميركية. وعلى الرغم من التحسن الملحوظ في المعنويات، يظل المستثمرون حذرين، نظراً للطبيعة المؤقتة للاتفاق التجاري، الذي من المقرر أن يستمر لمدة 90 يوماً فقط، وترقبهم لتطورات المفاوضات خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.

ويأمل الكثيرون أن يؤدي هذا الاتفاق إلى تسوية دائمة للنزاع التجاري بين العملاقين الاقتصاديين. ويحذر محللون من خطر إعادة العمل بالرسوم الجمركية بعد 90 يوماً. وقالت يو سو، المحللة الاقتصادية لدى "Economist Intelligence Unit"، إنه "سيكون من الصعب الاستحصال على تخفيضات إضافية للرسوم الجمركية وما زال خطر تصعيد جديد قائماً"، بحسب وكالة "فرانس برس".

شركات التبغ أكبر الخاسرين

وفي الوقت الذي شهدت فيه الأسواق الأميركية انتعاشاً ملحوظاً مع التفاؤل بالاتفاق التجاري بين واشنطن وبكين، كانت شركات التبغ الكبرى مستبعدة من الارتفاع، رغم أن الشركات الأميركية المصنعة للسجائر ومنتجات التبغ تُعتبر عادة ملاذاً آمناً في أوقات التقلبات الاقتصادية والركود. وتراجعت أسهم أكبر ثلاث شركات تبغ في العالم، وهي: Philip Morris International (الشركة الأم لعلامة Zyn للنيكوتين)، وAltria (المالكة لحقوق Marlboro في الولايات المتحدة)، وشركة British American Tobacco (الشركة المصنعة لسجائر Camel وNewport).

وعلى الرغم من أن الطلب على هذه المنتجات يظل ثابتاً حتى في الأوقات الاقتصادية الصعبة، إلا أن تخفيف التعريفات الجمركية دفع المستثمرين إلى الابتعاد عن هذه الرهانات الآمنة والتوجه نحو أسهم أكثر مخاطرة ونمواً مثل شركات التكنولوجيا والسفر.

وقال استراتيجي صناعة التبغ في شركة Morningstar، كريستوفر إنتون، إن صناعة التبغ لا تتعرض كثيراً للتعرفات الجمركية، حيث إن معظم منتجات التبغ المعروضة على الأرفف الأميركية تُزرع وتُصنع محلياً. ومع انخفاض احتمالات الركود وخفض التعريفات، تباطأت رغبة المستثمرين في الاستثمار في صناعة التبغ التي تُعتبر محصنة إلى حد كبير من تأثير الرسوم الجمركية.

Read Entire Article