ARTICLE AD BOX
ذي قار / حسين العامل
يحتفل ابناء طائفة الصابئة المندائيين، يوم غد الخميس بعيد الدهفة ديمانة (يوم التعميد الذهبي) الذي يُحيي فيه المندائيون طقوس تعميد آدم والنبي يحيى والملاك هيبل زيوا والاسلاف الاتقياء، اذ يجري تعميداً جماعياً لأبناء الطائفة المندائية، ولا سيما الاطفال الذين يؤهلهم التعميد لأول مرة ان يكونوا مندائيين كأسلافهم الاوائل.
وتشير المصادر المندائية، الى ان العيد الذي يأتي بعد 60 يوماً من عيد (البنجة) أي في الاول من شهر (هطية) المندائي هو عيد (الدهفة ديمانة)، وهو احتفال بتعميد (آدم) وفيه يجب على الاتقياء ان يتعمدوا كأسلافهم.
وفي هذه المناسبة يتعمد الاطفال عمادهم الاول ليصبحوا مندائيين، ويطلق المندائيون على اول تعميد للفرد المندائي اسم (تعميد زهريثة) وهو التعميد الذي يدخل الفرد المندائي ضمن مجموعة المندائيين ومن دونه يبقى معلقاً.
وفي حديث لـ(المدى) عن طقوس هذه المناسبة الدينية يقول ممثل طائفة الصائبة المندائيين في ذي قار سامر نعيم إن "الدهفة ديمانه، هو اليوم الذي تعمدت فيه الملائكة في عالم النور وتعمد فيه ابونا ادم على يد الملاك (هيبل زيوا)، ومن ثم تعمد الانبياء شيتل، سام، ادريس واخرهم ابونا يحيى ابن زكريا مبارك اسمه عبر (الارتماس في الماء الجاري) وأداء طقوس دينية خاصة بالمناسبة".
مشيرا الى ان "إطلاق يوم التعميد الذهبي على الدهفة ديمانة يأتي من ان الطفل الذي يجري تعميده لأول مرة في (الدهفة ديمانه) ويمنح الاسم الديني (الملواشه) يصبح مؤهلا للدخول في الديانة المندائية".
ويجد ممثل الصائبة المندائيين أن "طقوس التعميد في هذا العيد لا تقتصر على الأطفال فحسب، وانما هي متاحة لكل من يرغب بتجديد التعميد من الاشخاص البالغين وغيرهم"، مشيرا الى ان "يوم الدهفة ديمانة يعتبر يوما طاهرا ونظيفا وان التعميد فيه له مكانة خاصة تجعل الفرد المندائي على طهارة عالية".
وأوضح نعيم ان "طقوس الدينية والاجتماعية في هذه المناسبة تتواصل على مدى يوم واحد في داخل المندي (المركز الديني للصابئة) وتتخللها مظاهر الابتهاج وتبادل التهاني واقامة الصلوات وعمل الثوابات (اللوفاني) والدعاء بطلب الرحمة لأرواح المتوفين".
لافتا الى ان "طقوس التعميد يمكن ان تقام في داخل المندي او عند ضفاف النهر وبحسب الظروف والامكانيات المتاحة اذ يشترط توفر الماء الجاري لأداء تلك الطقوس".
ويعد طقس التعميد من اهم الطقوس المقدسة في الديانة المندائية، اذ تشير المصادر المندائية الى ان الطقس الرئيس في شعائر المندائيين هو الاغتسال في الماء الذي لا يعد رمزا للحياة فحسب بل، الى درجة معينة، الحياة نفسها.
وفي مثل هذا اليوم، يتوافد أبناء الصابئة المندائيون منذ ساعات الصباح الأولى على المندى وهم يرتدون ثيابهم البيض التي تتكون من خمس قطع هي (الكسويا – القميص) و(الشروال-السروال) و(البرزنقا-العمامة) و(النصيفة-الوشاح) و(الهميانة–الحزام)، وهذه الأخيرة عبارة عن حزام من الصوف يتكون من 61 خيطاً وهو أقدس جزء في الزي الذي يسمى بـ (الرستة).
والتعميد وفق الاعتقاد المندائي، هو ولادة ثانية فمن خلال رمز الماء الجاري الذي يغطس فيه المندائي تتحد نفسه بوحدة الحي في عالم الانوار وتقوى وتشمخ في النزاهة والاخلاص والايمان ويمكن ان تغفر الخطايا والآثام والذنوب ويصبح الانسان طاهرا، فمن خلال الطهارة بالماء الجاري يمكن ان تستجاب بحسب الاعتقاد المندائي جميع الدعوات الصادقة التي يناجي بها المؤمن ربه بقلب نقي وفيها تتحد ذات المؤمن بمثيله النوراني.
وتفضل بعض الامهات التقيات وفق ما تقول الليدي درور الباحثة البريطانية المتخصصة بالشؤون المندائية، ان يجري التعميد للطفل بعد اليوم الثلاثين من عمره لأنه إذا حدث ان مات دون تعميد فلن يذهب الى عوالم الانوار.
وتوضح المصادر التاريخية القديمة ان الارتماس في الماء كجزء من الطقوس الدينية كان يمارس في العراق قبل ولادة السيد المسيح بآلاف السنين مع اختلاف واضح في مضمون الصلوات المصاحبة لطقس التعميد حيث كانت الصلوات تختلف من دين لآخر.
ويحتفل الصابئة المندائيون الذين يبلغ تعدادهم نحو 100 ألف نسمة في جميع انحاء العالم سنويا بأربعة اعياد ومناسبات دينية رئيسة هي البرونايا (عيد البنجة او الخليقة) والدهفة ديمانه (يوم التعميد الذهبي) والدهفة ربة (العيد الكبير) والدهفة حنينا (عيد الازدهار) فضلا عن الاحتفال بثلاث مناسبات اخرى لا تقل اهمية عن الاعياد الرئيسة هي مناسبتا ابو الفل وابو الهريس وشيشان عيد.
وتعتبر الديانة المندائية من أقدم الديانات الحية في العراق، وأول ديانة موحِدة في تاريخ البشرية، وبحسب مصادر تاريخية مختلفة فإنها نشأت في جنوبي العراق، ومازال أتباعها يتواجدون في المحافظات الجنوبية، بالإضافة إلى إقليم الأحواز في إيران، كما يوجد الآلاف منهم في الولايات المتحدة ودول اخرى أبرزها النرويج واستراليا والسويد وهولندا، حيث هاجروا إليها واستقروا فيها في غضون العقدين الماضيين.
وقد ورد ذكر (الصابئين) اتباع الديانة المندائية في عدد من الآيات القرآنية من بينها سورة البقرة {إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون}.
وعرف عن الصابئة المندائيين عملهم في صياغة الذهب والفضة وتجارة المجوهرات، ولأبناء هذه الطائفة مركز مرموق في هذا المجال.
The post الصابئة المندائيون يحتفلون بيوم التعميد الذهبي غداً الخميس appeared first on جريدة المدى.