ARTICLE AD BOX
أطلقت الصين برامج توظيف مخصصة لجذب الباحثين المولودين في الصين والمقيمين في الولايات المتحدة، لا سيما أولئك الذين يفكرون في مغادرتها، بعد أن وجدوا أنفسهم عالقين بين اتجاهين متضاربين منذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني الماضي. ويأتي هذا التحرك في ظل تخفيضات كبيرة في التمويل وتراجع الحريات الأكاديمية في الجامعات الأميركية في ظل الإدارة الحالية.
وقالت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست"، اليوم الخميس، إن أحد هذه البرامج يقدم مناصب ما بعد الدكتوراه مصممة خصيصاً لاستقطاب الباحثين الذين يواجهون تحديات مالية وسياسية في الولايات المتحدة ويفكرون في العودة إلى الصين. وأضافت الصحيفة أن بعض هذه العروض تصل إلى نحو 100 ألف دولار سنوياً لمدة ثلاث سنوات، وهو مبلغ يعادل تقريباً راتب أستاذ مساعد، ويزيد بنحو الضعف عن الراتب المعتاد لباحث ما بعد الدكتوراه سواء في الصين أو في الولايات المتحدة.
ونقلت الصحيفة عن عالم أحياء صيني-أميركي بارز، عمل في الولايات المتحدة لعقود، قوله إن العديد من الباحثين يتخذون خطوات فعلية نحو العودة، لكن من غير المرجح أن يُعلنوا عن قراراتهم قبل أن تصبح نهائية.
وأشارت الصحيفة إلى أن هؤلاء الباحثين لا ينظرون فقط إلى فرص التطور المهني، بل يضعون في الحسبان عوامل أخرى مثل شعورهم بفقدان الانتماء في الخارج، إضافة إلى القلق المتزايد من المناخ السياسي في الولايات المتحدة. في المقابل، يرى بعض الأكاديميين الصينيين والعائدين أن تطور القوة الأكاديمية في الصين، وتجمّع أعداد كبيرة من المواهب الشابة، وارتفاع مستوى البحث العلمي، إضافة إلى زيادة التنافسية والتأثير العلمي، فضلاً عن التركيز على احتياطات المواهب، كلها عوامل تشجع على العودة إلى الوطن.
وخلال السنوات الأخيرة، شهدت الصين نمواً اقتصادياً متسارعاً، انعكس على حجم الاستثمارات المخصصة للبحث العلمي. وبحسب النشرة الإحصائية لتمويل العلوم والتكنولوجيا الوطنية لعام 2024، تجاوز إجمالي تمويل البحث والتطوير في الصين 3.4 تريليونات يوان، بزيادة قدرها 8.5% عن العام السابق.
وكان لافتاً أن تمويل البحث العلمي في الجامعات، التي تُعد الجهة التنفيذية الرئيسية، سجل ارتفاعاً بنسبة 14%، وهو أعلى معدل نمو بين الجهات الثلاث المنفذة للبحث العلمي. وبفضل السياسات الحكومية الداعمة لاستقطاب الكفاءات، عاد عدد من العلماء الصينيين البارزين إلى بلادهم للعمل والتدريس بدوام كامل، مما عزز من مكانة الصين في خريطة البحث العلمي الدولية.
في المقابل، يعاني الطلاب الصينيون الذين يدرسون في الخارج من تبعات التوترات الجيوسياسية المتصاعدة بين بكين والدول الغربية، حيث فرضت بعض تلك الدول قيوداً صارمة عليهم، ومنعتهم من الوصول إلى أقسام أكاديمية حساسة خشية "سرقة الأبحاث". وفي السنوات الماضية، وجهت الولايات المتحدة اتهامات للصين بتجنيد طلاب في جامعاتها لأغراض التجسس، كما قامت بريطانيا بترحيل طلاب صينيين لمجرد اهتمامهم بالمشاركة في أبحاث متعلقة بالتكنولوجيا العسكرية.
وفي حين تبدي الدول الغربية حذراً متزايداً من الطلبة الصينيين، يعبّر بعض المحافظين الصينيين من جهتهم عن قلقهم من تأثير التعليم الغربي على الشباب الصيني، محذرين من أنه قد يُستغل لتقويض المجتمع الصيني من الداخل عبر الترويج لأفكار لا تنسجم مع القيم الوطنية.
