ARTICLE AD BOX
تجسّد العلاقات الثنائية بين السعودية وأميركا نموذجاً راسخاً للتفاهم والاحترام المتبادل، يقوم على عقود طويلة من التعاون البنّاء، ويمتدّ إلى شراكة استراتيجية شاملة، بما يحقق مصالح البلدين، وتطلّعات الشعبين الصديقين، وفق ما ذكرت "وكالة الأنباء السعودية" (واس).
وأشارت "واس" إلى أن العلاقات بين البلدين بدأت بتوقيع اتفاقية تعاون عام 1933، تعزّزت بعدها آفاق التعاون في شتى المجالات. كذلك، أسّس اللقاء التاريخي الذي جمع بين الملك الراحل عبدالعزيز والرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت في 14 شباط/ فبراير 1945، لعقود من العلاقات والشراكة الاستراتيجية القائمة على الاحترام والثقة المتبادلة بين المملكة وأميركا، وأرسى أسس التعاون المتنامي في شتى المجالات، إذ حرصت المملكة على تسخير هذه العلاقة لخدمة مصالحها الوطنية، وقضايا الأمتين العربية والإسلامية.
من زاوية أوسع، ينظر العالم إلى العلاقات بين المملكة وأميركا بصفتها مرتكزاً أساسياً لتعزيز أمن واقتصاد المنطقة والعالم، لما يُشكله البلدان من دور محوريّ في جهود تعزيز الأمن والسِّلم الدوليين انطلاقاً من مكانتهما السياسية والأمنية والاقتصادية وعضويتهما في مجموعة العشرين (G20)، وفق "واس".
وشهدت مسيرة العلاقات بين البلدين محطات مهمّة، من أبرزها زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود إلى الولايات المتحدة الأميركية في أيلول/ سبتمبر 2015، تلبية لدعوة من الرئيس الأميركي باراك أوباما، حيث عُقدت جلسة مباحثات في البيت الأبيض، اُستعرض خلالها أوجه العلاقات المتينة بين البلدين.
ووفق "واس"، "بناءً على توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، قام الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء في آذار/ مارس 2017 بزيارة عمل للولايات المتحدة الأميركية، التقى خلالها رئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد ترامب وعدداً من المسؤولين، لبحث تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، ومناقشة القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.
واستمراراً لتبادل الزيارات الرفيعة المستوى، استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بالرياض في أيار/ مايو 2017 ترامب في زيارة رسمية للمملكة".
وتابعت الوكالة السعودية في تقرير لها: "بناءً على توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، توجّه سمو ولي العهد إلى الولايات المتحدة الأميركية في آذار/ مارس 2018، في زيارة رسمية، التقى فيها ترامب في البيت الأبيض بواشنطن، حيث جرى التأكيد على عمق الشراكة التاريخية والإستراتيجية بين البلدين، وثمّن القائدان التقدم الذي تحقق في تعزيز الشراكة الاستراتيجية السعودية - الأميركية، كما بحثا سبل تطوير التعاون في مختلف المجالات، بما في ذلك إبرام صفقات تجارية جديدة تسهم في إيجاد الوظائف، وتعزيز برنامج الإصلاح الاقتصادي للمملكة ضمن رؤية المملكة 2030".
وبحسب المصدر ذاته، في تموز/ يوليو 2022، التقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بحضور سموّ وليّ العهد، الرئيس الأميركي جو بايدن في قصر السلام بجدة، وشهد اللقاء استعراض العلاقات التاريخية بين البلدين وسبل تعزيزها بما يخدم مصالح الشعبين في شتى المجالات.
"كما عقد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء وبايدن جلسة مباحثات رسمية، أعقبها اجتماع موسّع للجانبين، استعرضا فيه على نحو مفصل الأولويات المشتركة التي من شأنها أن تسهم في تعزيز الشراكة بين البلدين، ومناقشة سبل مواجهة التحديات بالمنطقة والعالم"، وفق "وام".
وأكد الجانبان أن الشراكة السعودية - الأميركية كانت حجر الزاوية للأمن الإقليمي على مدى العقود الماضية، وشدّدا على أن البلدين يتشاركان الرؤية ذاتها نحو منطقة مترابطة مع العالم يسودها الأمن والاستقرار والازدهار.
وبحسب "واس"، "وقّع الطرفان على هامش الزيارة 18 اتفاقية ومذكّرات للتعاون المشترك في مجالات الطاقة والاستثمار والاتصالات وتقنية المعلومات والفضاء والصحة، والصناعة، إلى جانب اتفاقية شراكة في مجالات الطاقة النظيفة، تتضمّن تحديد مجالات ومشروعات التعاون في هذا المجال، وتعزيز جهود البلدين في نشر الطاقة النظيفة والعمل المناخي بما في ذلك التعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية".
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، بعث خادم الحرمين الشريفين وسموّ وليّ العهد برقيّتَي تهنئة لترامب بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية، متمنّين لفخامته ولشعب الولايات المتحدة الأميركية الصديق المزيد من التقدم والازدهار والرقي.
وتابعت "واس": "استمراراً لتلك العلاقات الثنائية المتميزة، أجرى سمو ولي العهد في 23 كانون الثاني/ يناير 2025 اتصالاً هاتفياً بترامب، نقل خلاله تهنئة خادم الحرمين الشريفين وتهنئة سموه لفخامته بمناسبة أدائه اليمين الدستورية وتوليه رئاسة الولايات المتحدة الأميركية، وتمنياتهما للشعب الأميركي الصديق التقدم والازدهار بقيادة فخامته، وبحثا خلاله سبل التعاون لإحلال السلام والأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، إلى جانب تعزيز التعاون الثنائي لمحاربة الإرهاب، وتعزيز الشراكة الاقتصادية والاستثمارية".
و"في إطار مساعي المملكة لتعزيز الأمن والسلام في العالم، وبتوجيه من سمو ولي العهد، استضافت الرياض منذ شباط/ فبراير 2025 عدداً من المحادثات بين روسيا الاتحادية والولايات المتحدة الأميركية"، وفق ما ذكرت "واس".
وفي المجال الاقتصادي تربط البلدين علاقات اقتصادية قوية ومثمرة. ولعقود كان مجلس الأعمال السعودي - الأميركي شريكاً مهماً في تسهيل المشاريع التجارية الجديدة بين الشركات السعودية والأميركية، وحقق خلالها إنجازات كبيرة في تعزيز التعاون والفائدة المتبادلة بين الجانبين في مجالات الأعمال والاستثمار.
وتتسم العلاقات الاقتصادية بين المملكة وأميركا بالمرونة والتنوع. وتُعدّ المملكة من أبرز الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في المنطقة، وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 2024م نحو 32 مليار دولار، حيث صدّرت المملكة سلعاً ومنتجات إلى الولايات المتحدة بقيمة 13 مليار دولار، مقابل واردات منها بلغت 19 مليار دولار، بحسب "واس".
وشهد عام 2024 تصدير مجموعة من السلع غير النفطية البارزة، من أبرزها: المنتجات المعدنية، الأسمدة، المنتجات الكيمياوية العضوية، الألمنيوم ومصنوعاته، واللدائن ومصنوعاتها، فيما شكّلت المركبات الجوية وأجزاؤها، الآلات والأدوات الآلية وأجزاؤها، التحف الفنية والقطع الأثرية، المنتجات الكيمياوية المنوعة، والأجهزة الطبية والبصرية والتصويرية، أبرز السلع المعاد تصديرها.
وتعمل المملكة ممثلةً بوزارة الطاقة مع الجهات المعنية في الولايات المتحدة الأميركية في عديد من المنصات والمبادرات الدولية ذات العلاقة بالطاقة والتغير المناخي، ومنها: "منتدى الحياد الصفري للمنتجين (Net Zero Producers Forum)، ومبادرة التعهد العالمي للميثان (Global Methane Pledge Initiative)، والتعاون في مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC)، والتعاون في الاجتماعات الوزارية للطاقة والمناخ في مجموعة العشرين (G20)، بحسب "واس".
وبحسب "واس"، وقعت السعودية وأميركا عديداً من الاتفاقيات، التي وفرت إطارًا حيوياً لتطوير بيئة الأعمال بين البلدين، في مقدمها اتفاقية تبادل الإعفاء الضريبي على الدخل المتحقق من التشغيل الدولي للسفن أو الطائرات، والتي وقعت عام 2000، واتفاقية تطوير العلاقات التجارية والاستثمارية في عام 2005، إلى جانب مجموعة من اتفاقيات وبروتوكولات التعاون العلمي والفني والتقني، واتفاقيات في مجالات التنمية الحضرية والطيران المدني والنقل الجوي والوقود النظيف وإدارة الكربون وحماية الملكية الفكرية.
وعلى صعيد القطاع الخاص، افتتحت الغرفة التجارية الأميركية فرعها (AmCham Saudi Arabia) في المملكة عام 2021، لمواكبة التطورات المستمرة التي تشهدها المملكة في قطاع الأعمال.
واستكمالًا للتعاون بين البلدين في مختلف المجالات والقطاعات، ولتشكيل آفاق جديدة للتعاون في مجال الفضاء وعلوم الأرض والمهمات الاستكشافية، صدر في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 بيان مشترك بين المملكة وأميركا، ركز على تعزيز التعاون في مجال استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي للأغراض السلمية، إضافة إلى التعاون في الفرص التجارية لصناعات الفضاء بين البلدين الصديقين، ومناقشة توقيع اتفاقية إطارية بين البلدين للتعاون في مجال الفضاء للأغراض السلمية.
كما وقّع البلدان في تموز/ يوليو 2024 اتفاقية تعاون استراتيجي في مجال استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي للأغراض السلمية، وتهدف إلى تعزيز تعاونهما في مجال الفضاء والاستكشاف العلمي، وزيادة الاستثمار المشترك في الأنشطة التجارية المختلفة، وإنشاء إطار قانوني شامل يسهل التعاون بينهما لتبادل الخبرات وتطوير برامج مشتركة، كما حددت الاتفاقية مجالات العمل المشترك بين الطرفين، تشمل علوم الفضاء والأرض، والملاحة الجوية، والمهمات الفضائية، والتعليم، إضافة إلى عديد من المجالات الأخرى ذات الاهتمام المشترك.
ولدعم التبادل والتعاون الأكاديمي والبحثي المشترك، ولتعزيز فرص تنقل الطلبة والباحثين وأعضاء هيئة التدريس بين البلدين، وقعت حكومتا البلدين في نوفمبر 2024 بمدينة الرياض مذكّرة تفاهم في مجال التعليم العالي والبحث العلمي، وقد بلغ عدد المبتعثين السعوديين الدارسين في الولايات المتحدة الأميركية لعام 2025 (14,845) طالبًا وطالبة، ضمن امتداد طويل لبرنامج الابتعاث الذي تجاوز عدد مستفيديه الدارسين في الجامعات الأميركية نصف مليون طالب وطالبة، وذلك منذ إطلاقه في عام 2006م، فيما يبلغ عدد المنح الدراسية المقدّمة من قبل حكومة المملكة للطلاب من الولايات المتحدة الأميركية 318 منحة، ويبلغ عدد الاتفاقيات ومذكرات التعاون، والبرامج التنفيذية، وعقود الخدمات بين الجامعات السعودية والجامعات الأميركية 289 اتفاقية، وفق "واس".