"القاهرة 90"... لحظات المدينة في رحلة فوتوغرافية

2 days ago 3
ARTICLE AD BOX

<p>صورة لميدان التحرير بوسط القاهرة يظهر فيها الاختلاف الكبير عن وضعه الحالي (اندبندنت عربية)</p>

تقع حقبة التسعينيات في الوقت الحاضر في منطقة وسط بين أجيال عاشت مراحل مختلفة من حياتها خلالها وتمثل لها حالاً من الذكريات التي يعدونها قريبة نسبياً، خصوصاً مواليد الثمانينيات وبدايات التسعينيات، وأجيال جديدة ترى فترة التسعينيات درباً سحيقاً من الماضي بشكل وقيم وعالم يختلف عن حياة اليوم.
التسعينيات التي تقع على مسافة نحو 30 عاماً إلى الوراء كان لها طابع خاص في العالم كله، في الموضة، والألوان، والبنايات، وطراز المباني، وفي الأغاني والأفلام، كما ميزها أنها كانت بداية الانطلاق إلى عالم التكنولوجيا، ففي أواخر التسعينيات بدأت أجهزة المحمول بالظهور في مصر وكانت بداية انتشار أجهزة الكمبيوتر والاتصال بالإنترنت في المنازل، وفي الوقت نفسه بدأت أطباق استقبال البث الفضائي تبرز على أسطح البنايات مع دخول عصر القنوات الفضائية.
على مدار نحو 30 عاماً عملت الفنانة رندا شعث في مجال التصوير الصحافي، وفي فترة التسعينيات كانت تعمل مصورة لوكالة "الصحافة الفرنسية" في مصر وصحيفة "الأهرام" المصرية وأصبح لديها أرشيف ضخم من الصور لمواقع مختلفة من البلاد تعكس واقع الحياة في مصر خلال العقود الثلاثة الأخيرة، أخيراً اختارت مجموعة من الصور لملامح مختلفة من قاهرة التسعينيات عُرضت تحت عنوان "القاهرة 90" في بيت "باب اللوق" بمنطقة وسط القاهرة ومن تنظيم مؤسسة "فوتوبيا".

تقول الفنانة رندا شعث، إنه "خلال حقبة التسعينيات كنت أعمل مصورة صحافية وأتجول في مواقع مختلفة للبحث عن صورة مميزة، وهذه المجموعة نتاج عمل أعوام في تصوير جوانب من القاهرة بأحيائها المتنوعة وطابعها الفريد خلال هذه الفترة، الآن وبعد مرور نحو 30 عاماً أصبح تأمل هذه الصور يمثل شكلاً من صور استعادة الماضي بالنسبة إلى من عاش وعاصر هذه الفترة، في حين أنه يمثل حالاً جديدة يستكشفها أبناء الأجيال التي لم تعاصر فترة التسعينيات. اعتمدت الأبيض والأسود في الصور المعروضة ليس لإضفاء طابع قديم ولكن باعتبار أن ذلك يجعل المشاهد يركز في الصورة من دون أي مشتتات فيتاح له التأمل بالتفاصيل". وتضيف شعث أن "الأجيال الأكبر تتأمل الصور من منطلق ملاحظة كيف تغيرت القاهرة، وكيف اختلف شكل الشوارع والمتاجر والميادين الشهيرة، وماذا بقي، وماذا اختفى، فالمدن تتطور وتتغير بشكل متسارع، وفي الفترة الأخيرة حدث تطور واختلاف كبير جداً في القاهرة، فبعض المناطق اختلفت كلياً مثل منطقة ماسبيرو على سبيل المثال التي عرضت لها بعض الصور التي أخذت في التسعينيات، وكذلك منطقة مثل ميدان رمسيس التي وقف الشباب الصغار أمامها متعجبين من أن هذا الميدان كان في وسطه تمثال رمسيس الشهير الذي يتوسط المتحف المصري الكبير حالياً".

مترو الأنفاق طفرة التسعينيات

يضم معرض "القاهرة 90" جوانب من مترو الأنفاق في القاهرة، فعلى رغم افتتاحه في مصر للمرة الأولى عام 1987، وكان حدثاً غير مسبوق وقتها، فإن امتداده لنطاقات أوسع تغطي مناطق أكبر من العاصمة المصرية كان في فترة التسعينيات، مما جعل قطاعات كبيرة من الناس تبدأ باعتماده كوسيلة مواصلات أساسية في تنقلاتها، وليبدأ في اتخاذ موقعه كملمح رئيس من ملامح المدينة التي لم تكن اتسعت كما هي حالها اليوم مع دخول العمران إلى مناطق جديدة على أطرافها، وحتى الآن لا تزال مشروعات امتداد خطوط المترو يجري العمل فيها لتغطية هذه الامتدادات ولربطها بالخطوط القديمة.
وتقول شعث، "المترو كان شيئاً جديداً وقتها، وكان تجربة غير مسبوقة في مصر، باعتبار أنه اختصر مسافات طويلة، ووفر كثيراً من الوقت. وكان يمر أسفل نهر النيل مما جعل قطاعاً كبيراً من المصريين وكذلك القادمون إلى القاهرة من كافة أنحاء البلاد يحرصون على النزول إلى محطات المترو لاكتشاف هذا القطار الجديد حتى لو لم تكن رحلتهم تستهدف ركوب المترو، أتيحت لي الفرصة للنزول إلى مواقع الإنشاءات حينها والتقاط بعض الصور للعمل الجاري في المحطات، ولاحقاً بعد الافتتاح قمت بتصوير الناس في المحطات داخل المترو". وتلفت شعث إلى أنه "من الملاحظ أن شكل الناس لم يتغير بدرجة كبيرة، فالمصريون الذين عاشوا في القاهرة في تسعينيات القرن الماضي لم يختلفوا كثيراً عن أهل القاهرة اليوم، قد يكون هناك اختلاف في نمط الملابس أو غيره، ولكن لا فارق كبيراً يذكر. يظهر هذا في شكل الركاب، وفي العسكري الواقف على بوابات العبور داخل المترو، وفي كل الأشخاص الذين التقطت لهم صور في مواقع مختلفة".

دور السينما وسط البلد

في التسعينيات كان وسط البلد وجهة الترفيه الأولى لسكان القاهرة، فيبرز في المعرض صورة من وسط البلد لسينما ديانا الشهيرة عام 1994 تحمل أفيش فيلم "الإرهابي" لعادل إمام، في هذه الفترة كانت سينمات وسط البلد مثل ديانا، وريفولي، وراديو، ومترو هي الوجهة الرئيسة لكل من يرغب في مشاهدة أحدث الأفلام، سواء العربية أو الأجنبية، وكانت واحدة من النزهات الشهيرة لسكان القاهرة هي دخول إحدى دور السينما ثم التجوال في شوارع وسط البلد الزاخرة بالمتاجر. حالياً أصبحت دور السينما الموجودة داخل المراكز التجارية الكبرى (مولات) هي الوجهة الأولى لمحبي الأفلام، وتراجعت سينمات وسط البلد وبعضها أغلق أبوابه.
وتشير المصورة إلى أن "منطقة وسط البلد كان بها حياة ثقافية متكاملة بدءاً بدور السينما والحركة الفنية السينمائية التي كانت مزدهرة بنوعيات مختلفة من الأفلام، مروراً بالتجمعات الثقافية للكتاب والفنانين والمثقفين التي كانت من السمات الأساسية المتعارف عليها للمنطقة، إضافة إلى المقاهي الشهيرة التي كانت من علامات المكان".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

التصوير في فترة التسعينيات

وإلى جانب مجموعات من الصور تعرض جوانب مختلفة من أحياء القاهرة مثل الميادين الكبرى، ومناطق الزمالك، وماسبيرو، نجد صوراً لبعض الأماكن التي لم يعد لها وجود مثل المنطقة التي تقع خلف سور مجرى العيون الأثري وكانت تضم الجيارة، والسكر والليمون، وحوش الغجر التي تعكس كلها لمحات من كيف كان شكل الحياة في القاهرة خلال التسعينيات.
فخلال أعوام ممتدة حملت المصورة الكاميرات على اختلاف أشكالها وتطورها هي الأخرى مع تطور الزمن، وبحثت عن صورة مميزة لشخص أو مكان أو حدث، فماذا اختلف بين التصوير في حقبة التسعينيات والوقت الحالي، وماذا تفتقد المصورة من هذا الزمن؟

تقول رندا شعث، "قد يتعجب البعض من أن التصوير في فترة التسعينيات كان أسهل سواء بالنسبة إلى الأماكن أو الأشخاص ولا أعني هنا الاعتبارات الأمنية فقط ولكن الناس أنفسهم كانوا أكثر تقبلاً لفكرة التصوير وأكثر ترحيباً بها وأعني هنا عوام الناس في الشوارع والأماكن العامة وغيرها، وهذا يبدو شيئاً غريباً باعتبار أن التصوير حالياً أكثر انتشاراً بشكل كبير عن فترة التسعينيات وأصبح جزءاً من حياة الناس بانتشار الكاميرا في الموبايل وسهولة التصوير بالنسبة إلى الشخص العادي".

وتضيف "بصورة عامة أفتقد القاهرة بأحيائها القديمة والبنايات محدودة الطوابق، بعكس العمارات العالية التي طغت على القاهرة في كل المناطق. أفتقد المساحات الواسعة والمناطق الخضراء التي كانت تميز كثيراً من الأحياء. بشكل شخصي نجحت في الحفاظ على علاقاتي الاجتماعية، ولكن عموماً فإن التواصل بين الناس حالياً أصبح أقل بفعل الضغوط التي يعانيها الناس وإيقاع الحياة السريع بدرجة كبيرة عن فترة التسعينيات".

subtitle: 
معرض يرصد ملامح من العاصمة المصرية في التسعينيات وكيف تغير شكل المكان والناس مع الزمن
publication date: 
السبت, مايو 17, 2025 - 18:00
Read Entire Article