ARTICLE AD BOX
يزداد عدد طالبي اللجوء الكنسي في ألمانيا بسبب المخاوف من تنفيذ ترحيل واسع، وسط انتقادات أحزاب مناهضة للهجرة تطالب بإخضاع هذه الطلبات للقوانين، وإن ظلت قدرة الكنائس على قبول المهاجرين محدودة
اتفق الائتلاف الحاكم في ألمانيا بقيادة المستشار فريدريش ميرز، على قضايا عدة أهمها اتباع نهج أكثر صرامة في سياسة الهجرة. وتكرّس ذلك في إصدار وزير الداخلية ألكسندر دو براندت أوامر بتعزيز حضور الشرطة بوصفها جزءاً من حملة التصدي للهجرة السرية، وإبعاد المهاجرين، ومن بينهم من يطلبون اللجوء على الحدود، ما شكل دافعاً أساسياً لتقديم العديد من الأشخاص طلبات لجوء كنسي.
وأكدت تقارير أصدرها ممثلون للاجئين في الكنيسة البروتستانتية تزايد طلبات اللجوء، وأن "الأعداد ارتفعت نحو أربعة أضعاف، ما أوجد صعوبات في العثور على ملجأ، لذا ظل متضررون كثيرون من دون حماية"، وبررت التقارير ذلك بتنامي المخاوف من حصول ترحيل واسع.
وأفاد المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين بأن ممثلي الكنيستين البروتستانتية والكاثوليكية يتحدثون عن حصول نحو 617 مهاجر على لجوء كنسي في الربع الأول من العام الحالي. وأوضحت رئيسة مجموعة العمل الفيدرالية المعنية باللجوء في الكنيستين، ديتلاند يواخيم، أن "تزايد الخوف وعدم اليقين يشمل أشخاصاً يحملون تصاريح إقامة. العام الماضي كان هناك عشر حالات لأشخاص أنهت السلطات لجوءهم الكنسي".
ونقلت مجموعة "بايريشه 24" عن مستشار اللجوء في الكنيسة الإنجيلية ببافاريا، دافيد غايتنر، قوله إنه "عندما يستقبل قساوسة ومتطوعون طالبي لجوء من المهاجرين، فهم يتحملون مسؤولية كبيرة. وتوفير السكن ليس إلا واحدة من بين العديد من المهمات، إلى جانب تقديم الدعم والمساعدة في التوظيف أو في تعلم اللغة الألمانية. وبين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار الماضيين مُنح 68 شخصاً حق اللجوء في ولاية بافاريا، في حين يوجد غالبية الحاصلين على لجوء كنسي في ولاية شمال الراين فستفاليا، ومجموعهم 175".
وفي حين يعتبر محللون أن قدرة الكنائس على استقبال اللاجئين محدودة، يفيد غاينتر بأن اللجوء الكنسي إشارة على كون سياسات الهجرة تجعل الأشخاص المهددين بالترحيل مرئيين، وتسلّط الضوء على مصير الأفراد، ما يسمح بفرز الحالات الصعبة.
وفي مدينة هانوفر عاصمة ولاية سكسونيا السفلى، أعلنت الكنيسة الإنجيلية، أن لديها كل الإمكانيات لتوفير سكن لطالبي اللجوء الكنسي الذين يخشون الترحيل، وأنها تتلقى نحو 30 طلب لجوء إضافياً أسبوعياً من دون أن تستطيع تلبيتها لأن لائحة الانتظار طويلة.
وذكر القس سفين كويتكات أن مخاوف أشخاص مهددين بالترحيل تزداد لأن المزاج في البلاد يتجه إلى التشدد بحق طالبي اللجوء. وحتى أولئك الذين يقيمون لدينا يعيشون قلقاً ولا ينامون جيداً ويخشون أن تحضر الشرطة بين الساعة الثالثة والسادسة صباحاً لاصطحابهم الى مراكز ترحيل". ومعلوم أنه لا يُسمح لطالبي اللجوء الكنسي بمغادرة أراضي الكنيسة.
في السياق، أوضحت مسؤولة عن سكن اللاجئات لدى الكنيسة الإنجيلية أن "هناك نقصاً في عدد المتطوعين الذين يقدمون خدمات لطالبي اللجوء في هانوفر، ومن بينها للترجمة أو التسوق أو غيرها. في المقابل تساهم بعض المجتمعات في ولايات أخرى بأعداد أكبر من المساعدين، وهذه حال جمعية في ولاية بريمن يقدم لهم مجلس اللاجئين حلقات نقاش ودورات لغة، وتدريباً على إصلاح الدراجات الهوائية".
وتشير تعليقات إلى أن اللجوء الكنسي لا يعمل في ظل فراغ قانوني، فهناك اتفاق بين الدولة والكنائس يوضح تفاصيل الإجراءات، وتحديداً الأشخاص الذين يمكن أن تقبلهم الكنيسة بصفة لاجئين مؤقتين إذا كانت حياتهم أو حريتهم مهددتين، وبعدها يمكن مطالبة السلطات بإجراء مراجعة جديدة لقضايا هؤلاء الأشخاص.
لكن الحكومة تملك حق ترحيل أي طالب لجوء في أي وقت، في حين لا يوجد أساس قانوني للجوء الكنسي الذي يعد امتيازاً خاصاً تتسامح معه ألمانيا على أساس التقاليد المسيحية من أجل حماية لاجئين يعانون مواقف صعبة، والهدف التوصل إلى مراجعة للقضية من سلطات الهجرة، وكسب الوقت لاستنفاد سبل الإنصاف القانونية.
ومع ارتفاع أعداد طالبي اللجوء الكنسي في ألمانيا تبرز انتقادات متكررة من الأحزاب المناهضة للهجرة. ويرى حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي أن "اللجوء الكنسي أصبح خارج السيطرة، وهو تحايل على سيادة القانون تحت ستار المحبة المسيحية، ويخفي حقيقة أن أشخاصاً محتجزين في ألمانيا ليس لديهم عمل، والهدف هو منع ترحيلهم، وتجاوز المواعيد النهائية المقررة لذلك".
ورغم تعدد الاعتبارات، أظهرت تقييمات أن اللجوء الكنسي يعزز التكامل، وأن بعض الكهنة يستقبلون أفراداً في أماكن سكنهم، ويساعدونهم في تعلم اللغة، والتقدم للحصول على فرص عمل في قطاعات من بينها الرعايا الصحية. وبرزت آراء لقساوسة قالوا إنه "يجب أن تتكيف دراسة بعض التشريعات الوطنية التي تعتزم الحكومة الجديدة تطبيقها مع تلك الموجودة في أوروبا لتحقق التوازن بين المصالح الوطنية والإقليمية في سياسة الهجرة".
