ARTICLE AD BOX
سجلت بريطانيا تراجعاً كبيراً في صافي الهجرة طويلة الأمد خلال عام 2024، ليصل إلى 431 ألف شخص فقط، مقارنة بنحو 745 ألف مهاجر في عام 2023، وفق ما أعلنه مكتب الإحصاءات الوطنية البريطاني (ONS) اليوم الخميس. وأوضح المكتب في بيانه الرسمي أن هذا الانخفاض الحاد -الذي يقترب من النصف- يرجع أساساً إلى تراجع الهجرة من خارج الاتحاد الأوروبي، لا سيما بين الحاصلين على تأشيرات عمل ودراسة. وأشار المكتب إلى أن عدداً كبيراً من الذين دخلوا بريطانيا سابقاً بتأشيرات دراسية قد غادروا البلاد بمجرد تخفيف قيود السفر التي كانت مفروضة خلال جائحة كوفيد-19، وهو ما ساهم في زيادة الهجرة إلى الخارج خلال عام 2024.
وقال مكتب الإحصاءات: "هذا التغيير مدفوع بانخفاض في أعداد القادمين من خارج الاتحاد الأوروبي، بالتزامن مع تراجع تأشيرات العمل والدراسة، وزيادة في أعداد المغادرين، خاصة من الطلاب الدوليين الذين أنهوا دراساتهم". ويأتي هذا التراجع في وقت تواجه فيه الحكومة البريطانية ضغوطاً متزايدة لتقليص أعداد المهاجرين، بعد أن تجاوز صافي الهجرة السنوي حاجز الـ700 ألف في العامين الماضيين، ما أثار انتقادات واسعة بشأن قدرة الدولة على إدارة حدودها في مرحلة ما بعد "بريكست".
من جهتها، رحبت وزارة الداخلية البريطانية بهذه الأرقام الجديدة، مشيرة إلى أن السياسات الأخيرة بشأن تشديد شروط تأشيرات العمل والدراسة بدأت تؤتي ثمارها، بما في ذلك فرض قيود على جلب أفراد الأسرة مع الطلاب الدوليين. ووفقاً للمكتب، فإن جزءاً كبيراً من المغادرين هم من الطلاب الدوليين الذين جاؤوا إلى المملكة المتحدة أثناء أو بعد الجائحة، مستفيدين من تسهيلات السفر والدراسة، إلا أنهم غادروا فور انتهاء برامجهم أو بمجرد تخفيف القيود. وفي سياق متصل، أعلن وزير الداخلية البريطاني جيمس كليفرلي، مؤخراً، عن خطط لمراجعة نظام التأشيرات بالكامل بحلول نهاية العام الجاري، بهدف تقليل "الهجرة غير الضرورية"، و"ضمان جذب المهارات المطلوبة فقط". ورغم هذا التراجع الملحوظ، لا تزال أرقام صافي الهجرة أعلى بكثير من مستويات ما قبل الجائحة، وهو ما يثير تساؤلات بشأن استدامة النظام الحالي، وقدرته على موازنة احتياجات سوق العمل، مع التزامات الحكومة تجاه الرأي العام البريطاني.
وبحسب التقديرات، فإن الهجرة الصافية إلى المملكة المتحدة كانت أقل من 300 ألف سنوياً قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عام 2016. وفي يناير/كانون الثاني 2025، ذكر تقرير بريطاني أن أكثر من 10 آلاف مليونير هاجروا من بريطانيا العام الماضي، بسبب الضرائب والهيمنة المتزايدة للولايات المتحدة وآسيا في قطاع التكنولوجيا الفائقة العالمي، والأهمية "المتضائلة" لبورصة لندن، والحالة "المتدهورة" للنظام الصحي، وهي بعض الدوافع المحتملة لـ"الهجرة الجماعية". وخسرت بريطانيا صافي 10800 مليونير في عام 2024، في حين كان الرقم 4200 في عام 2023. كما خسرت المملكة المتحدة أيضاً 16500 مليونير بسبب الهجرة في الفترة من 2017 إلى 2023، والتي شملت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والجائحة الوبائية.
وقالت صحيفة "ذا تايمز" البريطانية، التي نشرت مقتطفات من التقرير البريطاني الصادر عن شركة التحليلات العالمية New World Wealth، وشركة Henley & Partners الاستشارية للهجرة الاستثمارية، والتي بحثت في الأفراد ذوي الثروات العالية الذين لديهم أصول سائلة تزيد عن مليون دولار (821.500 ألف جنيه إسترليني). ووفق تقرير "نيو ويرلد ويلث"، منذ الخمسينيات وحتى أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كانت المملكة المتحدة، ولندن على وجه الخصوص، واحدة من أفضل الوجهات في العالم لهجرة أصحاب الملايين، وكانت تحظى بشعبية كبيرة بين العائلات الثرية من أوروبا وأفريقيا وآسيا والشرق الأوسط، وفقاً لرئيس الأبحاث في الشركة أندرو أمويلز. ويبدو أن باريس ودبي وأمستردام وموناكو وجنيف وسيدني وسنغافورة باتت من بين أفضل المدن التي يقصدها حالياً أصحاب الملايين الذين يغادرون المملكة المتحدة، في حين أن فلوريدا وإسبانيا ومالطا والريفيرا الإيطالية تعد أيضاً مناطق جذابة للتقاعد.
