انتخابات البقاع وبعلبك الهرمل: معارك متفاوتة بمزيج سياسي وعائلي

6 days ago 11
ARTICLE AD BOX

تنطلق، اليوم الأحد، الانتخابات البلدية والاختيارية في محافظتي البقاع وبعلبك الهرمل شرقي لبنان، وسط إجراءات أمنية مكثفة، خصوصاً في القرى التي ستشهد معارك طاحنة، سواء على المقلب الحزبي أو العائلي، وكذلك المجموعات المدنية التي تسعى بدورها إلى فرض نفسها منافساً بقوة على الساحة، قبيل الاستحقاق النيابي المرتقب في مايو/أيار 2026.

تزكية في البقاع وبعلبك الهرمل

وبينما فازت العديد من البلديات في محافظتي البقاع وبعلبك الهرمل بالتزكية، تتخذ معظم المواجهات الطابع العائلي، ليبقى التركيز الأكبر على ضفّتي مدينة زحلة في البقاع، حيث المعركة ستكون شرسة بين الأحزاب السياسية، ولو أنها تتمتع بمزيج سياسي عائلي، إلى جانب بعلبك، حيث الأنظار تتجه إلى القوى المعارضة لحزب الله التي تكثف جهودها لإحداث خرقٍ لكسر هيمنة الأخير على "الساحة الشيعية".

وباستثناء التحالف التقليدي بين حزب الله وحركة أمل، تنوعت التحالفات السياسية على مستوى محافظة البقاع جامعةً التناقضات أيضاً في بعض البلدات والقرى، لتبقى زحلة أم المعارك، خصوصاً بعدما اختار حزب القوات اللبنانية (برئاسة سمير جعجع) أن يخوض الانتخابات وحيداً عبر لائحة "قلب زحلة"، بعد أن فكّ قبل أيام تحالفه مع "الكتلة الشعبية" برئاسة ميريام سكاف، التي انضمت إلى تحالف الأحزاب لدعم لائحة رئيس البلدية الحالي أسعد زغيب "زحلة رؤية وقرار"، وتضمّ إلى جانبها، طيفاً من القوى السياسية، أبرزها حزب الكتائب اللبنانية (برئاسة النائب سامي الجميل)، النائب ميشال ضاهر، ومكونات أخرى أساسية، مع توجه أيضاً لدعمها من قبل التيار الوطني الحر (برئاسة النائب جبران باسيل).

فاز العديد من البلديات في المحافظتين بالتزكية

وأعلن مسؤول منطقة البقاع في حزب الله حسين النمر، خلال مؤتمر صحافي عقده في مركز الماكينة الانتخابية في مدينة بعلبك، عن فوز 22 بلدية بالتزكية في محافظة بعلبك الهرمل وقضاء زحلة، من ضمن 80 بلدية يرعاها حزب الله بالاشتراك مع حركة أمل.
وبينما تتخذ المعارك في البقاع الغربي الطابع العائلي كما السياسي، مع تسجيل إقبال مرتفع للشباب على الترشح، وترقب للأصوات التي سيُدلي بها الناخبون المنتمون إلى تيار المستقبل (برئاسة سعد الحريري) المنكفئ عن الانتخابات، ستتخذ مدينة بعلبك طابعاً سياسياً، ومنافسة قوية بين لائحة "التنمية والوفاء" المدعومة من حزب الله وحركة أمل، ولائحة "بعلبك مدينتي"، التي أعلنت أن الهدف الأساسي من خوضها الاستحقاق هو مواجهة الفساد والهيمنة والحرمان والتهميش، داعية إلى المشاركة الكثيفة في صناديق الاقتراع من أجل بلدية شفّافة، مستقلة، وتعمل بلا فيتو ولا توجيه.

معارك عائلية وحزبية

وفي قراءة للمشهدية الانتخابية، يقول الناشط السياسي صبحي ياغي منذر، لـ"العربي الجديد"، إن المعركتين الأساسيتين في البقاع وبعلبك الهرمل هما في زحلة وبعلبك، فالأولى فيها مزيج ما بين الطابع السياسي والعائلي، والثانية سياسية بحت.

ويتوقف ياغي عند المعركة في زحلة ليقول إنها "معركة محلية عائلية أكثر منها سياسية، خصوصاً أننا نرى منتمين أو داعمين لأحزاب سياسية مرشحين بعضهم في وجه بعض، مثل القوات اللبنانية، كما هناك عائلات تترشح بعضها في وجه بعض"، مشيراً إلى أن هناك محاولات لشدّ العصب، وتحويلها إلى معركة سياسية، خصوصاً من جانب القوات، في وجه حزب الله بدرجة كبرى، علماً أنه تحالف معه في انتخابات بيروت.

ويشير ياغي إلى أن الناخب السني أساسي أيضاً في زحلة، ومزاجه بطبيعة الحال ضد القوات اللبنانية ربطاً بالعلاقة السيئة بين جعجع ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري، ولكن سنرى في أي صندوق اقتراع ستصبّ أصواته في حال شارك في العملية الانتخابية: هل لصالح الأحزاب الأخرى المتحالفة معاً أم المجتمع المدني أم ستتوزع الأصوات؟ ويلفت إلى أن المعركة في زحلة قد تحمل الكثير من المفاجآت، علماً أن زغيب تمكّن من جمع الأضداد والتناقضات، وحتى أشخاص كان على خلاف معهم، كونه يعد أكثر رماديةً، حتى إن المنتمين إلى التيار الوطني الحرّ غير الممثل باللائحة قد يصوتون لزغيب.

يسود الترقب للأصوات التي سيُدلي بها الناخبون المنتمون إلى تيار المستقبل

من ناحية ثانية، يرى ياغي أن المعركة الأساسية أيضاً ستكون في بعلبك، خصوصاً أنها ستكون بمثابة امتحان كبير لمعارضي الثنائي حزب الله وحركة أمل، وسيحاولون كسر هيمنة الحزب على المدينة، علماً أن حزب الله هُزِم في الانتخابات عام 1998، قبل أن يتسلم البلدية منذ عام 2004.

ويشير ياغي إلى أن لائحة "بعلبك مدينتي" تضم شخصيات شابة مستقلة من المدينة تمثل كافة الطوائف وتسعى إلى إحداث نقلة على مستوى المجلس البلدي، بعدما اعتراه، على مرّ السنين، الفساد والاعتداء على الأملاك العامة، لافتاً إلى أن المعركة حتماً لن تكون سهلة، خصوصاً أن حزب الله يعتمد أسلوب مهاجمة اللائحة عن طريق التخوين ورمي الاتهامات بالتعامل مع السفارات وغيرها من الأساليب البعيدة عن الديمقراطية، لضرب حظوظ اللائحة المنافسة، ومنعها من إحداث أي خرق.

ويلفت في المقابل إلى أن وضع حزب الله ليس جيداً بالكامل أيضاً، إذ إن بعلبك تضم عائلات عدة ليست منتمية إليه إلى جانب ضمّها مسيحيين وسُنّة لا يؤيدونه، وليست كما تُصوَّر بأنها عاصمة حزب الله، من هنا يسعى إلى تعزيز دعم لائحته من قبل شخصيات فاعلة في المدينة، مشيراً إلى أن الجو السُني تقريباً كلّه يصب في صالح لائحة "بعلبك مدينتي"، مع قسم من المسيحيين والشيعة، وفق اعتباره.

ويرى الناشط السياسي أن كل الاحتمالات مفتوحة في بعلبك، والخروقات متوقعة، ولكن المفاجآت تبقى قائمة، خصوصاً إذا مارس حزب الله هيمنة وضغطاً نفسياً على الناس، كما يفعل أيضاً على صعيد المحافظة ككلّ، بتحويله المعركة وكأنها معركة التحرير، باستحضاره شعارات المقاومة والعداء لإسرائيل.

صبحي ياغي منذر: كل الاحتمالات مفتوحة في بعلبك، والخروقات متوقعة

من جهته، يقول الناشط السياسي حسين صلح، لـ"العربي الجديد"، إن المنطقة، خصوصاً في الهرمل، تعود اللوائح الأساسية فيها هي إلى الثنائي حزب الله وحركة أمل، لكن في المقابل هناك لوائح منافسة في بعض القرى، علماً أن عدداً منها فاز بالتزكية وآلت إلى التوافق، لكن المشهد الانتخابي عامة في البقاع وبعلبك الهرمل له طابع عائلي، وأحياناً سياسي حزبي، لافتاً إلى أن المراكز الأساسية في بعلبك، مثل شمسطار واللبوة والهرمل، تضمّ تجمّعات سكانية كبيرة، وربّما تحصل فيها معارك انتخابية، سواء عائلية أو حزبية، لكن بعلبك تحتلّ أهمية قصوى، وفق رأيه.

ويشرح صلح أنّ "في بعلبك هناك تنوّعٌ ما يظهر في تشكيل اللوائح، بحيث إن ثمة منافسةً بين لائحتين؛ لائحة الثنائي، ولائحة بعلبك مدينتي التي تضمّ معارضين، ولكل منهما جمهوره". ويشير إلى أن النتائج يحكمها حجم التصويت من كلا الطرفين، معرباً عن أمله أن يمرّ اليوم الانتخابي على نحو سلسل وديمقراطي، وأن يكون الناخب حرّاً في تصويته وقراره الانتخابي، لافتاً إلى أن المفاجآت تبقى متوقّعة، وهو أمر مرهون بحجم التصويت، سواء من الطائفة الشيعية أو المسيحية أو السنية.

Read Entire Article