انتقادات حادة لحزب 'ريفورم' البريطاني إثر قراره بإنزال العلم الأوكراني

1 week ago 5
ARTICLE AD BOX

<p>يعكس رفع العلم الأوكراني على مباني الحكومية البريطانية تضامن البلاد مع كييف (حساب رئاسة الوزراء البريطانية على "تويتر")</p>

وسط التقلبات في المشهد السياسي البريطاني، بدأ حزب "ريفورم" (إصلاح المملكة المتحدة) يحدث ضجة لافتة، لا سيما على المستوى المحلي. فمكاسبه الانتخابية الأخيرة لم تكن مجرد تصويت احتجاجي من الناخبين. كما أن اعتقاد الحزبين الرئيسين في المملكة المتحدة بأن التعددية الحزبية مجرد موجة عابرة ليس سوى خطأ في التقدير.

لكن السلطة تترافق مع المسؤولية. فبعدما أصبح حزب "ريفورم" يتولى إدارة 10 مجالس محلية، لم تعد سياساته مجرد خطابات بل باتت موضع تنفيذ، وتخضع الآن -كما هو متوقع- لتدقيق أشد بكثير.

إذا نظرنا على سبيل المثال إلى قرار حزب "ريفورم" إزالة الأعلام الأوكرانية من على مباني المجالس المحلية، فإن خطوته هذه ليست مجرد إجراء رمزي بلا معنى، بل يكشف عن سذاجة مقلقة تجاه حقيقة الحرب في أوكرانيا، وعمق التورط البريطاني في هذا الصراع، والتداعيات الأوسع على أوروبا -بما فيها على المملكة المتحدة- إذا سمح لروسيا بادعاء نصر ولو جزئي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إن رفع العلم الأوكراني ليس "تظاهراً بالفضيلة" أو انحيازاً إلى جانب طرف على حساب آخر، بل هو موقف تضامني مع دولة ديمقراطية تتعرض للحصار. فأوكرانيا تقاتل من أجل الدفاع عن سيادتها ضد غزو وحشي غير مبرر يقوده معتد عالمي.

إنزال العلم الأوكراني يبعث رسالة واضحة -سواء كان ذلك مقصوداً أم لا- مفادها أن حزب "ريفورم" إما يتجاهل العدوان الروسي على أوكرانيا، أو يتعاطف معه ضمناً. وهذه ليست شجاعة في القيادة، بل خطوة متهورة قد تضع هذا الحزب على الجانب الخاطئ من التاريخ.

لا يمكن إنكار أن هذه الحرب معقدة، لكن الآلاف من الأعلام الأوكرانية التي ترفرف في مختلف أنحاء بريطانيا إنما تعكس تضامناً شعبياً واضحاً وثابتاً، وتعد بمثابة تذكير صارخ بالتهديد اليومي الذي يتعرض له الأوكرانيون. كما أن رفع هذا العلم يرمز إلى مقاومة الطغيان، والكفاح من أجل الحق في تقرير المصير، والدفاع عن الديمقراطية، وهي القيم ذاتها التي يدعي حزب "ريفورم" مناصرتها. فنتساءل مرة أخرى: ما دواعي إنزال العلم؟

يجادل بعض أعضاء المجالس المحلية من حزب "ريفورم" بأن العلم الأوكراني "يثير الانقسام" أو بأن "هذه ليست حربنا". لكن في عالم بدأت تتردد فيه أصداء التحذيرات القاتمة لعام 1937، فإن هذا الرؤية تعد قصيرة النظر بصورة خطرة. فمن الهجمات الإلكترونية والتجسس، إلى الابتزاز وسرقة الملكية الفكرية، وصولاً إلى تخريب كابلات بحرية، نحن بالفعل في صراع غير تقليدي يجري في ما يطلق عليه "المنطقة الرمادية". إن روسيا لا تستهدف أوكرانيا فحسب، بل تواجه الغرب أيضاً. وأوكرانيا تقف على خط المواجهة الأول بالنيابة عنا.

لا شك في أن الرمزية تحمل أهمية كبرى، فنظام الزعيم الروسي فلاديمير بوتين يراقب من كثب أي انقسام في الصفوف الغربية، وكل علم ينزل يفسر كرسالة ضعف، فيما كل لحظة تردد تُستغل. وقد يرى حزب "ريفورم" أنه يعبر عن الهوية البريطانية، لكن على المستوى الدولي، يُنظر إلى موقفه على أنه ضعف وانقسام وتراجع.

منذ اليوم الأول، وقفت بريطانيا كحليف رئيس لأوكرانيا، بحيث قدمت لها أسلحة ومساعدات إنسانية وقامت بتدريب قواتها. ويعكس رفع العلم الأوكراني على مباني المجالس المحلية هذا الموقف الوطني. ومن هنا، فإن قرار حزب "ريفورم" التخلي عن هذا الموقف يهدد بتقويض الجبهة الموحدة في المملكة المتحدة. فما الرسالة التي يبعث بها هذا الفريق إلى حلفائنا؟ وهل يعني أن التضامن ينتهي بتصويت في المجلس المحلي؟

إن أحداً لا يقول بوجوب إبقاء العلم مرفوعاً إلى الأبد. لكن فيما لا تزال أوكرانيا تحت وطأة الهجوم، وبريطانيا تواصل دعمها -رمزياً واقتصادياً وعسكرياً- في المعركة، فإن العلم مهم.

يبقى أنه إذا أراد حزب "ريفورم" أن يؤخذ على محمل الجد، فعليه أن يدرك الفارق بين المواقف والمبادئ. إن إنزال العلم الأوكراني ليس خطوة وطنية، بل تجاهل صارخ للواقع. دعونا نعيد رفع تلك الأعلام، ونعيد معها رسالة التضامن.

subtitle: 
رفع العلم الأوكراني فوق مباني المجالس المحلية البريطانية ليس "تظاهراً بالفضيلة" أو انحيازاً إلى جانب طرف على حساب آخر، بل هو تعبير عن التضامن مع دولة ديمقراطية تتعرض للحصار
publication date: 
الأحد, مايو 11, 2025 - 15:15
Read Entire Article