بريطانيا تتطلع إلى ثالث انتصاراتها الخارجية في 2025

5 days ago 3
ARTICLE AD BOX

<p>بريطانيا غادرت الاتحاد الأوروبي عام 2020 بعد استفتاء مصيري فاز به مؤيدو "بريكست" (غيتي)&nbsp;</p>

خلال مايو (أيار) الجاري أبرمت الحكومة البريطانية اتفاقاً جمركياً مع أميركا وآخر للتجارة الحرة مع الهند، وأطلقت مشروع النقل بالقطارات مع سويسرا، لكن كل هذا في رأي ساسة واقتصاديين داخل المملكة المتحد لا يغني عن تحسين العلاقات مع الاتحاد الأوروبي عبر صفقة "بريكست" جديدة، تعهد بهذا حزب العمال الحاكم في حملته الانتخابية التي أوصلته إلى السلطة خلال شهر يوليو (تموز) 2024.

الوصول إلى اتفاق خروج جديد مع بروكسل قاب قوسين أو أدنى وفق تقارير صحافية مختلفة، ويتوقع الإعلان عنه عبر قمة تجمع المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي داخل العاصمة لندن مطلع الأسبوع المقبل، لتتوج أشهراً من سعي رئيس الوزراء كير ستارمر وحكومته لاستعادة العلاقة مع الشركاء الأقرب للبلاد، ليس في التجارة فقط وإنما في مجالات مختلفة على رأسها الدفاع وحماية أمن القارة العجوز.

لم تذلل بعد جميع التحديات أمام الوصول إلى الاتفاق المنشود بين لندن وبروكسل، فالشيطان يكمن في التفاصيل كما يقولون، وما زال تطبيق النقاط الخلافية الأربعة التي دارت المفاوضات حولها يشوبه بعض التباينات التي تسعى محادثات الأيام والساعات الأخيرة قبل القمة لحلحلتها وصياغتها، بما يحقق أكبر منفعة ممكنة للطرفين ودون أن تضر التنازلات بالمصلحة الوطنية، كما يقول المسؤولون البريطانيون.

حرية تنقل الشباب بين بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي، ومنح صيادي الأسماك الأوروبيين فرصة الوصول إلى مياه المملكة المتحدة، إضافة إلى تخفيف الحواجز التجارية بين الطرفين، وتمكين محكمة العدل الأوروبية من الحسم في النزاعات التي قد تنشأ بينهما بعد إعادة صياغة "بريكست"، هي البنود الأربع التي تدور حولها المفاوضات ولابد من التنازلات لحلحتها على رغم خشية الطرفين من رد الفعل الشعبي.

تريد بروكسل منح شباب الاتحاد الأوروبي حرية العيش والعمل في المملكة المتحدة لأعوام، ولكن لندن تسعى إلى آلية منضبطة توازن بين هذه الحرية وسعي الحكومة إلى ضبط الهجرة في البلاد، وتقارب الطرفان حول الصيغة الممكنة لكن بقي عائق وحيد يخص كلفة الدراسة، فإذا عُومل شباب التكتل كالطلبة المحليين يمكن أن تفلس جامعات بريطانية تعوِّل كثيراً على رسوم الأجانب كمصدر أساس للدخل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

متحدثة باسم الحكومة تقول إن المملكة المتحدة تحاول تطبيق نظام مشابه لذلك الذي تستخدمه مع أستراليا في مجال تنقل الشباب بينها ودول الاتحاد الأوروبي، والخفض الذي يطلبه التكتل في رسوم الدراسة بالجامعات البريطانية يناقش على أساس المصلحة الوطنية بالدرجة الأولى، وهو حال مناقشات لندن وبروكسل في جميع نقاط الخلاف التي لا تزال تعوق الوصول إلى اتفاق "بريكست" جديد بين الطرفين.

العثرة البارزة أيضاً على طريق المصالحة البريطانية الأوروبية إن جاز التعبير، هي حقوق الصيد في مياه المملكة المتحدة، إذ تريد بروكسل تمكين وصول صيادي الأسماك إلى تلك المياه لأبعد من عام 2026 كما نص اتفاق "بريكست" الأول، وهو مطلب تتمسك باريس به بصورة أساس لأن الفرنسيين أكثر المستفيدين منه، لكن بريطانيا تفضل اعتماد مواعيد زمنية محددة لفتح بحارها أمام الصيادين الأوروبيين.

ويقول كبير المفاوضين البريطانيين نيك توماس سيموندز إن الاتفاق الجديد بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي سيشكل قطيعة مع "المناقشات والحجج الماضية"، لذا في ما يخص الحواجز التجارية يتوقع أن يستند التكتل على اتفاق وقعه مع سويسرا عام 2023 لصياغة تفاهماته مع لندن في مجالات عدة على رأسها التفتيش على الأغذية والمشروبات المصدرة إلى الاتحاد، وبخاصة عبر إيرلندا الشمالية.

في نهاية عام 2019 وقعت الحكومة البريطانية التي كان يقودها المحافظون بزعامة بوريس جونسون على اتفاق "بريكست" مع الاتحاد الأوروبي، وقبل أن يغادر الحزب الأزرق السلطة أجرى رئيس الوزراء عام 2023 ريشي سوناك تعديلاً على الشق المتعلق ببروتوكول إيرلندا الشمالية تحت اسم "اتفاق وندسور"، وعلى رغم ذلك بقيت العلاقات بين لندن وبروكسل متوترة حتى جاء حزب العمال إلى السلطة وقرر فتح صفحة جديدة مع الجيران في القارة والتفاوض معهم للوصول إلى اتفاق خروج جديد.

 

الظروف الدولية قربت المسافات بين الطرفين إلى حد كبير، فعودة دونالد ترمب إلى السلطة داخل أميركا ورغبته في إنهاء حرب أوكرانيا وتقليص دعم بلاده العسكري لأوروبا، قاد نحو تعزيز الحاجة لتعاون دول القارة العجوز في مجالات الأمن والدفاع، وهو الشق الذي تتطلع المملكة المتحدة للاستفادة منه، ليس فقط لبناء دور قيادي لها في مواجهة الخطر الروسي كما يسميه ساسة لندن، وإنما لدعم الصناعة العسكرية المحلية عبر ضم الشركات البريطانية إلى برنامج تسلح الأوروبي أعلنته بروكسل أخيراً.

الاتحاد الأوروبي رصد مئات مليارات الدولارات لتسليح دوله واشترط على المملكة المتحدة توقيع اتفاق دفاع مشترك مع التكتل، كي يسمح لشركات التسلح البريطانية بالاستفادة منه، ولا تمانع لندن الخطوة أبداً ولكن تريده ضمن اتفاق أكبر يعيد صياغة علاقتها مع بروكسل على نحو أفضل مما ساد بعد "بريكست" 2020، لذلك يمكن أن تشهد قمة لندن بعد أيام تفاهمات أخرى إضافة إلى النقاط سالفة الذكر.

وثمة مصادر بريطانية وأوروبية تتوقع إعلاناً مشتركاً في مجال مواجهة الاتجار بالبشر وتبادل المعلومات الاستخباراتية في سياق نهج واحد وصارم إزاء الهجرة غير الشرعية، وباستخدام لغة إيجابية إزاء القمة المرتقبة قال مكتب رئيس الوزراء إن كير ستارمر ورئيسة المفوضية الأوروبية أرسولا فون دير لاين اتفقا على السعي نحو "حزمة طموحة قدر الإمكان" في قمة لندن، من ثم إن بقيت هناك نقاط خلاف عالقة بعدها فيمكن وضع إطار هيكلي لحلحلة أية خلافات تتعلق بما تعثر إنجازه اليوم.  

subtitle: 
صفقة مرتقبة بعد أيام مع الاتحاد الأوروبي تشمل مجالات الأمن والتجارة والهجرة
publication date: 
الخميس, مايو 15, 2025 - 15:45
Read Entire Article