ARTICLE AD BOX

<p>جنود بريطانيون يصعدون طائرة عسكرية تابعة للجيش (موقع القوات الجوية الملكية) </p>
منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تدور أسئلة كثيرة حول دور القاعدة العسكرية البريطانية في قبرص بتلك الحرب، والإجابات الرسمية فكانت دائماً تدور بالدرجة الأولى حول استخدامها في عمليات البحث عن الرهائن المحتجزين لدى حركة "حماس".
ورثت الحكومة العمالية الجديدة عن سالفتها المحافظة غموض دور قاعدة "أكروتيري" في حرب غزة، وحتى الأمس القريب حافظت على ذات النهج في التعامل مع ذلك اللغز عبر تكرار الإجابة نفسها كلما وجه لها سؤال في شأنه، فتقول إنها "المساعدة في إنقاذ الرهائن".
وفق صحيفة "ميدل إيست أيز" يبدو أن حكومة كير ستارمر قررت التوقف عن توضيحاتها في شأن "أكروتيري"، وردت على استفسارات النائبة كيم جونسون الثلاثاء الماضي حول استفادة إسرائيل من تلك القاعدة بالقول إنها "لم تعد تجيب عن الأسئلة المرتبطة بالقواعد العسكرية، وتحديداً تلك التي تتعلق بنشاط دولة أجنبية داخل المجال الجوي للمملكة المتحدة أو المجال الجوي لإحدى قواعدها العسكرية".
الدولة الأجنبية هنا هي إسرائيل، والمعلومات التي استدعت سؤال النائبة جونسون فحواها أن تل أبيب تستخدم "أكروتيري" لأغراض التدريب والصيانة كما تتلقى عبرها مساعدات عسكرية قادمة من قواعد للولايات المتحدة وغيرها في أوروبا.
تقول لندن إنها طلبت من تل أبيب التوقف عن استخدام القاعدة البريطانية لأغراض التدريب والصيانة على رغم وجود اتفاقات بين الطرفين في هذا الشأن، ولكن ماذا عن تحولها إلى مركز إمداد لجيش الدفاع الإسرائيلي في حربه المستمرة على القطاع منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الثاني) 2023.
تصر حكومة ستارمر على أن الاستخدام البريطاني لـ"أكروتيري" في حرب غزة لم يتغير، والمعلومات التي تجمعها القاعدة لا تسلم إلى إسرائيل إلا أن كانت ستستخدم لأغراض لا تخالف القانون الإنساني الدولي وعلى رأسها "استعادة الرهائن"، بحسب المسؤول في وزارة الدفاع لوك بولارد الذي أوضح أنه "لأسباب أمنية عملياتية، وكسياسة راسخة، فإن وزارة الدفاع لا تؤكد أو تنفي أو تعلق على أي حركة أو عملية لطائرات أجنبية داخل المجال الجوي للمملكة المتحدة أو في القواعد البريطانية بالخارج".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتحتفظ بريطانيا بقاعدة "أكروتيري" في قبرص منذ 1960، وهي تضم أفراداً من الجيش والبحرية والقوات الجوية الملكية، صحيح أن حرب غزة سلطت الضوء أخيراً على عملها، ولكن سبق للقاعدة أن لعبت دوراً في الحرب على العراق عام 2003 وتشارك في الحرب على تنظيم "داعش" في سوريا والعراق منذ عام 2014.
إلى جانب "أكروتيري" تمتلك بريطانيا محطة رادار وجمع معلومات استخباراتية في جبال "ترودوس" بقبرص، لتشكل القاعدتان ركناً أساساً في الانتشار العسكري الكبير للدولة الأوروبية في الخارج، حيث تمتلك المملكة المتحدة وفق تقرير لـ "حملة التخلص من الأسلحة النووية" ثاني أكبر الشبكات العسكرية في العالم بعد الولايات المتحدة.
عضوية حلف "الناتو" فتحت أمام بريطانيا أبواب 80 دولة، في حين أنها تمتلك حضوراً خاصاً بها في 145 موقعاً عسكرياً موزعاً على 45 دولة، ويلفت التقرير إلى أن هذا الحضور نشأ خلال حقب زمنية مختلفة وغالبية قواعده شيدت في مناطق كانت مستعمرات للمملكة المتحدة سابقاً أو لا تزال تتبع التاج البريطاني.
المراجعة الدفاعية التي أجرتها الحكومة البريطانية أخيراً نصحت بتعزيز الحضور العسكري للمملكة المتحدة في غرينلاند ومناطق القطب الشمالي لأنها قد تكون ساحة صراع دولي في مرحلة ما لاحقاً، والغاية من الانتشار الخارجي وفق التصريحات الرسمية هي الدفاع والحفاظ على الاستقرار العالمي والإقليمي، وبناء التحالفات، وتعزيز القيادة البريطانية والدعم التكتيكي.
وفق موسوعة "ويكيبيديا" تنتشر بريطانيا عسكرياً في كل قارات العالم، فتوجد في أفريقيا بدول جيبوتي وكينيا وملاوي ومالي ونيجيريا وسيراليون والصومال، كما تدير مع الولايات المتحدة قاعدة في جزيرة تشاغوس قبالة سواحل القارة السمراء، أما في آسيا فتوجد القوات البريطانية في أكثر من 60 موقعاً بدول عربية إضافة إلى سنغافورة وكوريا الجنوبية، كذلك توجد في 4 مواقع بأستراليا وفي مناطق غير محددة أو معروفة بنيوزيلندا.
أوروبياً تدير لندن إضافة إلى قواعد قبرص التي تحتضن أكثر من ألفي جندي بريطاني، أربعة مواقع عسكرية في ألمانيا، وواحد في منطقة جبل طارق التابع لبريطانيا، ومثله في كل من ليتوانيا وإستونيا والتشيك والنرويج، كذلك هناك جنود بريطانيون يوجدون في مناطق عدة بالولايات المتحدة، وموقع عسكري يتبع المملكة المتحدة في كندا، إضافة إلى حضورها في جزر فوكلاند في أميركا الجنوبية.
وعلى رغم هذا الحضور الكبير حول العالم، يتعرض جيش المملكة المتحدة لانتقادات من الحلفاء قبل الخصوم، فقد وصفه عسكريون أميركيون العام الماضي بـ"الضعيف" وغير القادر على خوض مواجهات كبيرة كالتي تجري اليوم بين أوكرانيا وروسيا، مشيرين إلى تراجع تعداد القوات البريطانية إلى ما يزيد قليلاً على 70 ألفاً بسبب خطط تقشف مارستها الحكومات المتعاقبة منذ عام 2010، إلا أن حزب العمال تعهد بعد وصوله إلى السلطة في يوليو (تموز) الماضي، وقف نزف الأفراد في واستقطاب متطوعين جدد في تخصصات عسكرية مختلفة على رأسها سلاح البحرية، إضافة إلى زيادة الإنفاق العسكري ليصل إلى 3 في المئة من الناتج المحلي قبل نهاية العقد الجاري.