بغداد وأربيل على أعتاب أزمة جديدة إثر قرار وقف رواتب إقليم كردستان

1 day ago 3
ARTICLE AD BOX

أكد مصدر حكومي مطلع في بغداد، اليوم الجمعة، أن اجتماعاً مرتقباً سيعقد بين رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ونواب كرد لبحث أزمة وقف رواتب إقليم كردستان. وقال المصدر لـ"العربي الجديد"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، إن "نواباً كرداً طلبوا عقد اجتماع مع السوداني لبحث قرار وزيرة المالية طيف سامي بتعذّر استمرار الوزارة في تمويل الرواتب"، مبيناً أن "النواب يريدون من الاجتماع توضيح الموقف المالي والقانوني لإقليم كردستان في ما يتعلق بملف الرواتب والملفات المرتبطة به".

وأكد أن "موعد الاجتماع لم يحدد بعد، ومن المتوقع أن يكون في اليومين المقبلين"، مشيراً إلى أن "بغداد وأربيل على أعتاب أزمة خطيرة في حال عدم التوصل إلى حلول".

يأتي ذلك بعد أيام من تفجر أزمة بين الجانبين إثر توقيع حكومة إقليم كردستان اتفاقيتين نفطيتين مع شركتين أميركيتين لاستثمار حقلي ميران وتوبخانه - كردمير في محافظة السليمانية، وهو ما رفضته وزارة المالية العراقية داعية إلى الالتزام بالدستور الذي ينظم العلاقة النفطية بين بغداد وأربيل. وإثر ذلك، دخلت العلاقة بين حكومتي بغداد وأربيل منعطفاً خطيراً بقرار وزيرة المالية في الحكومة العراقية ببغداد وقف صرف رواتب موظفي إقليم كردستان بسبب عدم حسم ملف عائدات النفط من حقول الإقليم المتوقفة منذ عامين. وبينما تسبب القرار بردود فعل غاضبة من الجانب الكردي، تتطور بوادر الأزمة الجديدة بين الطرفين وسط تلويح بإمكانية الانسحاب من العملية السياسية في بغداد.

وكانت وزيرة المالية العراقية طيف سامي قد أبلغت رسمياً، أول من أمس الأربعاء، حكومة الإقليم بتعذّر استمرار الوزارة في تمويل الرواتب، مرجعة ذلك إلى "تجاوز كردستان الحصة المقررة لها ضمن قانون الموازنة الاتحادية والبالغة 12.67%". وفي بيان لاحق للوزارة صدر مساء أمس الخميس، أكدت أن "حكومة الإقليم لم تلتزم بتسليم الإيرادات النفطية وغير النفطية للحكومة الاتحادية، وأن امتناع الإقليم عن تسليم الإيرادات أدى إلى تجاوز حصته المحددة في الموازنة"، مشيرة إلى أن "حكومة الإقليم لم تلتزم بتوطين الرواتب"، ورأت أن "عدم التزام حكومة الإقليم بتسليم نفط حقول الإقليم لشركة سومو تسبب في خسارة الخزينة العامة تريليونات الدنانير".

ردود فعل غاضبة: التلويح بقرار حازم

وتصاعدت ردود الفعل الغاضبة من جانب الإقليم، إذ ندد الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم بزعامة مسعود البارزاني بالقرار، وأكد في بيان أن "بغداد لا تزال مستمرة في انتهاك الحقوق الدستورية لإقليم كردستان، وآخر تلك الانتهاكات يتمثل في كتاب وزارة المالية الذي يتعارض مع الدستور وأسس الاتفاق السياسي لتشكيل الحكومة، ويُعد استغلالاً سياسياً لقوت المواطنين"، مؤكداً أن "هذا الموضوع سيكون محوراً رئيسياً في اجتماع لجنتنا المركزية، المقرر عقده في الثاني من يونيو/حزيران 2025، لمناقشته واتخاذ الموقف المناسب حياله". وهدد الحزب بأنه "في حال عدم إرسال مستحقات وحقوق شعب الإقليم قبل عيد الأضحى، فإننا سنتخذ موقفاً حازماً وسيكون لنا موقف حيال ذلك".

ولم يصدر عن بغداد بعد أي تعليق على المهلة التي قدمتها أربيل لدفع رواتب موظفي الإقليم البالغ عددهم نحو مليون موظف، لكن لا توحي الأجواء والتصريحات السياسية بأنها ستتراجع عن خطوة حجب الرواتب. الكتل الكردستانية في مجلس النواب العراقي أعربت عن صدمتها الشديدة من قرار وزارة المالية معتبرة القرار "استهدافاً سياسياً ومخالفة للدستور". وطالبت الكتل في بيان رسمي رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بـ"التدخل العاجل لإطلاق الرواتب وفصلها عن الخلافات السياسية والتقنية"، مؤكدة أن "الراتب استحقاق دستوري لا يجوز تأخيره أو وقفه". كما دعت رئيس الجمهورية والوزراء الكرد في حكومة بغداد إلى "بيان موقفهم إزاء هذا التطور".

نائب رئيس مجلس النواب العراقي شاخوان عبد الله، وهو قيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، لوح بمقاطعة بغداد والانسحاب، وقال في بيان تداولته محطات إخبارية كردية: "طالبنا مراراً باتخاذ قرار بالانسحاب أو مقاطعة بغداد"، مشيراً إلى أن "الوقت قد حان لذلك" وقال عبد الله إنه "وبعد نقاش طويل مع رؤساء الكتل الكردستانية في مجلس النواب العراقي بشأن عدم إرسال رواتب موظفي إقليم كردستان من قبل الحكومة الاتحادية، اتُّخذت عدة قرارات بالإجماع، ووُجّهت رسالة إلى السوداني حول الخروقات بحق موظفي الإقليم التي تندرج ضمن سياسة تجويع المواطنين".

وأضاف: "طالبنا الحكومة الاتحادية بوقف هذه الخروقات، وإرسال الرواتب إلى الإقليم، والعمل على حل المشكلات بشكل جذري، بعيداً عن استخدام الرواتب ورقةَ ضغطٍ سياسيةً ضد موظفي الإقليم. ومضى قائلاً: "دعونا رئيس الجمهورية والوزراء الكرد إلى اتخاذ موقف واضح تجاه هذه القضية"، مشيراً إلى أنه "سبق أن طالبنا باتخاذ قرار بالانسحاب أو المقاطعة، لكن أُعطيت فرصة للحوار على أمل حل المشكلات". وختم بالقول: "عندما يُتخذ قرار بالمقاطعة أو الانسحاب أو أي قرار آخر، سأنفذه خلال ساعة، وأعتقد أن الوقت قد حان".

وتعد أزمة الرواتب الحالية امتداداً لخلافات عميقة بين بغداد وأربيل تتعلق بإدارة الموارد النفطية وحصص الموازنة. وتأتي بوادر الأزمة الأخيرة في وقت يستعد فيه العراق لخوض الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في الـ 11 من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، ما قد يؤثر على سير التحالفات والتفاهمات السياسية المقبلة.

Read Entire Article