تجميد 12 مبادرة سياسية للمعارضة التونسية

5 days ago 3
ARTICLE AD BOX

<p>لم تغير الأحزاب السياسية من أشكال تعاطيها مع متغيرات الواقع في تونس (أ&nbsp;ف ب)</p>

لم تهدأ وتيرة المبادرات السياسية في تونس في محاولة صياغة توافق سياسي ومجتمعي للخروج من الواقع السياسي الراهن في البلاد، وعلى اختلاف هذه المبادرات وتعدد مصادرها إلا أنها لم تنجح في رأب الصدع بين التونسيين والنخب السياسية، وكسر حلقة الجمود السياسي الذي بات سمة المشهد الراهن في تونس.

وطرحت مبادرات قبل الـ25 من يوليو (تموز) 2021 وبعدها، إذ أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل في ديسمبر (كانون الأول) 2020 مبادرة للحوار الوطني، إلا أن رئيس الجمهورية قيس سعيد لم يلتفت إليها، كما طرح "ائتلاف صمود" مبادرة عنوانها "المؤتمر الوطني الشعبي للإنقاذ"، وهي آلية لاقتراح البدائل والحلول للخروج من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية عبر إصلاح منظومة الحكم وتعديل منوال التنمية، من دون أن تترك أثراً في الساحة السياسية.

وتوالت إثر تلك المبادرات التي تجمع على العودة لمربع الديمقراطية والتشاركية المجتمعية، واستعادة الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

وأمام رفض السلطة الراهنة في تونس التفاعل مع حملة تلك المحاولات، نشطت مبادرات أخرى منها ما يدعو إلى الحفاظ على المسار الجديد الذي دشنته تونس وتعديل ما يمكن تعديله، ومنها ما يدعو إلى قطع المسار الحالي، والعودة للمربع الأول، أي قبل لحظة الـ25 من يوليو 2021.

وكشفت المنظمات المدنية التونسية الكبرى، وهي الاتحاد العام التونسي للشغل والهيئة الوطنية للمحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، عن مبادرة ثلاثية بعنوان "الإنقاذ"، كما أعلنت مجموعة من الشخصيات السياسية ومستقلون وعدد من النواب السابقين مبادرة بعنوان "اللقاء الوطني للإنقاذ" في أواخر 2021، وتهدف إلى الإنقاذ الاقتصادي والاجتماعي والعودة للديمقراطية التمثيلية.

وطرح المؤرخ عادل اللطيفي في بداية عام 2022 مشروعاً سياسياً جديداً تحت عنوان "تقدم"، يشمل بناء دولة مدنية ديمقراطية اجتماعية تقدمية، مشدداً على ضرورة "عقلنة الدولة والحياة السياسية من خلال عرض سياسي بديل مختلف عن السائد السياسي، بداية من توجهات رئيس الجمهورية قيس سعيد، إلى ’حركة النهضة‘ و’الدستوري الحر‘".  

وبلغ مجموع المبادرات أكثر من 12 مبادرة، فشلت جميعها في كسب ثقة التونسيين وتجميع مكونات المشهد السياسي والمدني، وتحويلها إلى مشروع سياسي واجتماعي واقتصادي مشترك.

تكرار التجارب والهدف هو اقتسام السلطة

وفي الواقع لم تغير الأحزاب السياسية من أشكال تعاطيها مع متغيرات الواقع في تونس، بل عملت على استنساخ التجارب نفسها في الحوار الوطني والتوافقات السياسية من أجل اقتسام المناصب، وليس من أجل بناء حياة سياسية جديدة.

ويؤكد الناشط السياسي المتحدث الرسمي باسم التيار الشعبي محسن النابتي لـ"اندبندنت عربية" أن "النخب السياسية التي تعارض رئيس الجمهورية منذ 2021 لم تغادر مربع الفعل السياسي الذي تعودت عليه خلال السنوات الـ10 الماضية، وهو أحد مكامن الفشل الحقيقي لمثل هذه المبادرات لتحريك الحياة السياسية في تونس".

وأضاف الناشط السياسي أن "رئيس الجمهورية قيس سعيد أسس مشروعه السياسي على أنقاض العشرية السابقة، بما فيها من ممارسات سياسية للسلطة والمعارضة على حد سواء، من دون أن تقوم هذه الأحزاب بالمراجعات المطلوبة للتناغم مع الواقع الجديد في تونس، والاعتذار للشعب التونسي حول ما حصل خلال تلك العشرية".

ويرى النابتي أن "الشعب التونسي لن يغفر للأحزاب السياسية ما ارتكبته من فساد وزبونية وفشل في إدارة الدولة وإرهاب وتمويلات أجنبية والصراعات الحزبية الضيقة"، لافتاً إلى أن "هذه القوى تدفع باتجاه استقطاب ثنائي في البلاد يقوم على ثنائية الديمقراطي في مواجهة الاستبداد، بينما هناك قوى سياسية أخرى ترفض الاستبداد وتعارض ممارسات تلك الأحزاب المتورطة في إساءة استخدام السلطة طوال العشرية الماضية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويشدد المتحدث الرسمي باسم التيار الشعبي أن "الشعب التونسي بات يرفض تلك النخب ولم يعد في حاجة إلى مبادراتها"، داعياً إياها إلى "القيام بالتشخيص الدقيق والوقوف على التجاوزات التي حصلت قبل أية محاولة لكسر حلقة الجمود السياسي في البلاد".

ويعتقد النابتي أن "نتائج العشرية التي تلت 2011 لا تزال تلقي بظلالها إلى اليوم على المشهد السياسي في تونس، و’فوبيا‘ الفشل تخيم على المشهد إلى اليوم"، مشيراً إلى أن "حال الفراغ السياسي في البلاد لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية"، ومرجحاً "ولادة مشروع سياسي طموح، وأن الفراغ لا يمكن أن يعمر طويلاً".

شيطنة الأحزاب وملاحقة زعمائها

وعلى رغم أن هذه المبادرات صدرت عن جهات سياسية ومدنية فقدت جزءاً كبيراً من ثقة التونسيين، إلا أن بعضاً منها يرى أنها تبقى علامة صحية، وسط مشهد سياسي منهك.

ويصف الناشط السابق في حراك "مواطنون ضد الانقلاب" أستاذ الانتروبولوجيا الثقافية الأمين البوعزيزي هذه المبادرات بـ"الروافد التي ستلتقي يوماً ما في مساحة مشتركة، وتحدث تدفقاً سياسياً مواطنياً يكون قادراً على إحداث تغيير في المشهد السياسي في تونس".

 ويستبعد البوعزيزي أن تصدر مبادرة قوية وقادرة على استقطاب الجمهور والنجاح من الأحزاب السياسية التي "تجري اليوم شيطنتها وملاحقة زعمائها"، مشيراً إلى أن "هذه الأجسام الوسيطة في وضع انكماش، ولا يمكنها في السياق السياسي الراهن أن تقوم بالنقد الذاتي وبالمراجعات الضرورية".

ويرى الناشط السياسي أن "لحظة الـ25 من يوليو 2021، كانت لحظة تتويج لحمى الصراعات الحزبية في مشهد سياسي مثخن بالجراح وغير قادر على الدفاع عن نفسه وعلى خياراته السياسية، وهو ما استثمره رئيس الجمهورية لصالحه".

ويأمل البوعزيزي أن "تنشأ مبادرات مواطنية بهاجس سياسي للدفاع عن حق التظاهر وحقوق الإنسان والحريات السياسية، لمواجهة ما سماه رؤية شمولية تريد احتكار السلطات في البلاد".

المبادرات بقيت فكرة في أذهان أصحابها

وبين التقليل من شأن ما تبادر به الأحزاب وقدرتها على الفعل، وبين من يعتبر أنها ستبقى رافداً من روافد الحراك السياسي، يرى بعضهم أن زمن التنظيمات السياسية الكلاسيكية ولى وانتهى في عصر الطفرة التكنولوجية والانتشار الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي وتغير أدوات التأثير والنشر.

ويعتبر أستاذ العلوم السياسية في الجامعة التونسية ناجح سالم أن "الأحزاب في تونس فقدت وجاهتها ومقبوليتها لدى التونسيين، كما خسرت الدعم الخارجي، لذلك فإن كل ما تبادر به لا يتجاوز حدود الفكرة"، مؤكداً أن "وسائط التواصل الاجتماعي باتت اليوم أكثر تأثيراً من التنظيمات السياسية الكلاسيكية".

ودعا سالم الأحزاب إلى "تغيير منهجية تواصلها مع التونسيين، من أجل إقناعهم بأفكار جديدة ومقاربات حديثة بعيداً من السرديات الكلاسيكية التي لم يعد يستسيغها التونسيون"، مؤكداً أن "الأحزاب لم تطرح برامج سياسية واقتصادية تكون بديلاً للموجود، لذلك اتسعت الهوة بينها وبين التونسيين".

subtitle: 
اتفقت جميعها على العودة لمربع الديمقراطية والتشاركية لكن السلطة ترفض قطع مسار 25 يوليو 2021
publication date: 
الخميس, مايو 15, 2025 - 13:45
Read Entire Article