تركيا ستزود سورية بغاز وكهرباء

2 days ago 3
ARTICLE AD BOX

أعلن وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار، اليوم الخميس، أن أنقرة ستزود سورية بملياري متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً، في خطوة تهدف إلى تعزيز إنتاج الكهرباء وتحقيق استقرار نسبي في قطاع الطاقة السوري. وقال بيرقدار في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره السوري محمد البشير في العاصمة السورية دمشق إن صادرات تركيا من الغاز إلى سورية ستُسهم في زيادة إنتاج الكهرباء في البلاد بواقع 1300 ميغاوات إضافية. وأضاف أن تركيا ستزود سورية أيضاً بألف ميغاوات إضافية من الكهرباء لتلبية احتياجاتها قصيرة الأمد، وهو ما من شأنه أن يخفف من أزمة انقطاع الكهرباء المزمنة التي تعاني منها البلاد منذ سنوات الحرب.

وقال وزير الطاقة التركي إن بلاده ستبدأ قريباً بتصدير ملياري متر مكعب من الغاز إلى سورية، دون أن يذكر تاريخاً محدداً. كذلك أعرب عن رغبة بلاده في زيادة صادرات الكهرباء إلى سورية 3 أضعاف، والوصول إلى 1000 ميغاوات خلال الأشهر القادمة. وأوضح بيرقدار أن الاتفاق يأتي في إطار تعزيز التعاون الإقليمي في مجالات الطاقة، مشدداً على أن أنقرة "تولي أهمية خاصة لدعم استقرار البنية التحتية الحيوية في الجوار السوري، وعلى رأسها قطاع الطاقة"، مؤكداً أن هذه الخطوة تحمل طابعاً إنسانياً واقتصادياً على حد سواء. ويُعَدّ هذا الإعلان الأبرز في سياق التقارب التدريجي بين تركيا وسورية بعد سنوات من القطيعة، ويفتح المجال أمام إعادة تنشيط التعاون في مشاريع الطاقة وتبادل البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك الربط الكهربائي وتوسيع شبكات الغاز العابرة للحدود.

من جهته، رحب وزير الكهرباء السوري محمد البشير بالاتفاق، مشيراً إلى أنه "سيُسهم بشكل ملموس في تخفيف أعباء التقنين على المواطنين وتحسين أداء المنشآت الحيوية مثل المستشفيات والمضخات والمصانع". وتأتي هذه الخطوة في وقت تواجه فيه سورية انهياراً شبه كامل في شبكة الكهرباء نتيجة تضرر البنية التحتية من الحرب ونقص الوقود، ما يدفع الحكومة إلى البحث عن حلول خارجية لتأمين الحد الأدنى من الطاقة. وأكد البشير استكمال اجراءات ربط خط 400 كيلو فولت الذي سيصل تركيا بسورية، وتأتي هذه الخطوة في ظل متغيرات إقليمية ودولية تشهدها المنطقة، في وقت تسعى فيه أنقرة ودمشق إلى تعزيز التعاون الفني والاقتصادي. 

ونقلت وكالة الأنباء السورية "سانا" عن الوزير السوري البشير بعد توقيع اتفاقية تعاون مشترك لتطوير وتعزيز التعاون في مجال الطاقة “نعمل على استكمال اجراءات ربط خط 400 كيلو فولت الذي سيصل تركيا بسورية ونتوقع تشغيل الربط الكهربائي بين سورية وتركيا بحلول نهاية العام". 

ووصل الوزير بايراقدار إلى العاصمة السورية دمشق اليوم، قبل أن يعقد مع نظيره السوري محمد البشير اجتماعاً، جرى خلاله بحث آفاق التعاون في قطاعات الطاقة والتعدين والهيدروكربونات. وفي ختام اللقاء، وقّع الجانبان اتفاقية تعاون تشمل مجالات متعددة في قطاعي الطاقة والتعدين. وتأتي زيارة الوزير التركي بعد ما يصفه مراقبون، وضع حجر الأساس للتعاون بقطاع الطاقة خلال حضور الوزير البشير قمة إسطنبول للموارد الطبيعية مطلع مايو/أيار الجاري والتوافق على تعزيز التعاون في مجالات الطاقة، التعدين، والموارد الطبيعية. وجمعت القمة ممثلين من حكومات، شركات، ومؤسسات بحثية لمناقشة التحديات والفرص في هذه القطاعات الحيوية. وأسست القمة لاتفاقات وعلاقات جديدة، بين سورية وتركيا وأذربيجان، نتج عنها اتفاق لتوريد الكهرباء التركية لسورية والغاز بمعدل 6 ملايين متر مكعب يومياً، وملامح اتفاق لتوريد الغاز الأذربيجاني إلى سورية. 

وكشف وزير الطاقة السوري أن بلاده ستوقع قريبا اتفاقية لاستجرار الكهرباء من تركيا عبر خط بجهد 400 كيلو فولت، وأنهم يعملون أيضًا على خط غاز طبيعي بين كيليس التركية وحلب. ولفت في تصريحات نقلتها وكالة الأناضول التركية إلى دعم أنقرة المستمر للسوريين منذ بداية الثورة السورية وتقديمها مساعدات كبيرة لشمال سورية بخاصة في مجال الكهرباء. وأضاف البشير أن توريد 6 ملايين متر مكعب من الغاز يومياً لمحطات توليد الكهرباء في سورية، سيساهم في تحسين وضع الطاقة في البلاد، مبيناً أن خطًا آخر للطاقة بين البلدين مطروح على جدول الأعمال أيضاً، ليربط بين الريحانية بولاية هاتاي التركية ومنطقة حارم بريف إدلب الغربي، وأن مركز تحويلات على الجانب التركي جاهزاً. وبعد إتمام عملية المناقصة، سيتم نقل حوالي 80 ميغاواط من الكهرباء إلى شمال سورية عبر هذا المركز "وقد يبدأ العمل عليه خلال الأيام المقبلة، وهو حالياً في مرحلة الإعداد". 

وفي وقت سابق، قال مدير أكاديمية الفكر بإسطنبول، باكير أتاجان، ل"العربي الجديد" إن قمة الطاقة كانت فرصة لجميع الدول المشاركة، لكن للوفد السوري أهمية خاصة نظراً لما يعانيه القطاع بسورية من تهديم وحاجة سورية للنفط والغاز، كاشفاً أن تركيا "ستتريث بالاستثمارات المباشرة بسورية" خاصة بقطاع النفط، لأن ذلك برأيه، سيشكل ربما ردود أفعال من دول عدة بالمنطقة، فربما تزيد من العدوان الإسرائيلي بعد الاتهامات أن تركيا تريد أن تسيطر على سورية، أو من بعض الدول الخليجية التي قد تتحسس من الدور التركي بالقطاعات الحيوية بسورية. واستدرك الباحث أتاجان أن بلاده مستعدة لمد سورية بالكهرباء "بأسعار ودفع خاصيّن" لتحسين الخدمة للشعب أو تأمين الطاقة والكهرباء للمنشآت الإنتاجية، وهناك مشروعان بهذا الصدد وسينعكسان على الأرض قريباً، ولكن لجهة دعوة الوزير السوري للتنقيب بالبحر واستثمار حقوق النفط، فعلى الأرجح هذه الخطوة مؤجلة ريثما تهدأ الصراعات على سورية. 

ويقول الاقتصادي السوري، عماد الدين المصبح لـ"العربي الجديد" إن اتفاق اليوم "أولي وستتم زيادة الكمية سواء من تركيا أو أذربيجان أو من قطر" لأن هدف الحكومة السورية زيادة ساعات التغذية الكهربائية التي زادت بعد تشكيل الحكومة وباتت ساعتين تشغيل مقابل أربع ساعات قطع قطع، والآمال أن تصل ساعات التشغيل إلى 12 ساعة يومياً بعد استيراد الغاز. ويشير المصبح إلى أن استيراد سورية، من الغاز والنفط الخام "لن يطول" متوقعاً استثمارات عدة أجنبية بقطاع الطاقة "قريباً" كما أن إعادة تأهيل الحقول المهندمة بسورية، سيرفع الطاقة الإنتاجية إلى أكثر من حاجة سورية اليومية التي يقدرها بنحو 200 ألف برميل نفط، كما أن إمكانية تنفيذ اتفاقات عبور الطاقة من الأراضي السورية ستزيد من كمية الغاز والنفط، غير مستبعد تصدير النفط والغاز السوري بعد استثمار الحقول بالبر والبحر. 

ويلفت الاقتصادي السوري أن رفع العقوبات الامريكية ومن ثم الأوروبية عن سورية، سيزيد من قدوم الاستثمارات، خاصة بقطاع الطاقة، لأن سورية واعدة بالثروات الباطنية، سواء بمنطقة الجزيرة "شمال شرق" أو بالبحر الأبيض المتوسط. وقد يولى لشركات تركية استثمارات تنقيب واستخراج، نظراً للعلاقات الجيدة وخبرة تركيا بقطاع الطاقة الذي يتجلى بالاستكشاف بالبحر والبر وأيضاً استثماراتها بدول كثيرة. وتعاني سورية من واقع طاقة سيئ بعد تراجع الإنتاج من نحو 385 ألف برميل نفط إلى أقل من 20 ألف برميل تسيطر عليها الحكومة اليوم، جراء تهديم الآبار وتبدل خريطة السيطرة على مواقع وآبار الإنتاج مرات عدة، منذ اندلاع الثورة السورية في آذار/مارس عام 2011، وتحكم ما تسمى "قوات سورية الديمقراطية" منذ عام 2016 بالإنتاج في مدن الحسكة والرقة وشرقي دير الزور، التي تضم أكبر 11 حقل نفط وغاز بالبلاد. 

وكانت سورية قبل الحرب (ما قبل 2011) تنتج معظم احتياجاتها من الكهرباء محلياً، وتعتمد على الغاز الطبيعي المحلي لتشغيل محطات التوليد. وخلال الحرب وقع تدمير واسع لشبكات الكهرباء والبنية التحتية، وحصل تراجع حاد في إنتاج الغاز، ما أدى إلى تقنين حاد في الكهرباء وصل إلى أكثر من 20 ساعة قطع يومياً في بعض المناطق. وحالياً، تعتمد سورية جزئياً على واردات الوقود من إيران وروسيا، لكنها لا تكفي لتلبية الطلب المحلي المتزايد، خصوصاً في الصيف. وفي المقابل، تمتلك تركيا بنية تحتية قوية للغاز عبر خطوط الأنابيب القادمة من روسيا، أذربيجان، وإيران، بالإضافة إلى محطات الاستيراد عبر الغاز المسال (LNG). وفي 2023، بدأت تركيا رسمياً تصدير الغاز الطبيعي إلى بلغاريا، وتوسع لاحقاً نحو رومانيا ومولدوفا، ثم مصر أخيراً عبر وحدات FSRU. كذلك ترتبط تركيا كهربائياً بكل من اليونان وبلغاريا، وتبحث عن ربط جديد مع العراق وسورية ومصر.

Read Entire Article