تفاصيل جلب عملاء الموساد رفات الجندي فلدمان من اليرموك في سورية

1 week ago 6
ARTICLE AD BOX

تفاصيل جديدة تشوبها تناقضات جمّة تكشّفت، اليوم الاثنين، حول استعادة سلطات الاحتلال الإسرائيلي رفات الجندي تسيفي فلدمان من سورية، بين هذه التفاصيل أنه "قبل أيام وصلت مجموعة من عملاء الموساد إلى العمق السوري، مزوّدةً بعتاد للحفر، ومستعدةً في الوقت ذاته لأخذ موجودات بحجم نعش". 
غير أن وسائل الإعلام العبرية ذكرت أمس أن عملاء الموساد أقاموا مدّة خمسة أشهر في سورية، وظلّوا هناك حتّى أكّدت نتائج فحوصات "دي أن إيه" التي أُجريت في إسرائيل أن الرفات مطابق للجندي فلدمان.
سافر العملاء، وفقاً لمحلل الشؤون الاستخبارية في صحيفة يديعوت أحرونوت، رونين بيرغمان، المقرّب جداً من الأوساط الأمنية، "عبر طريق ملتوٍ حتّى وصلوا إلى المقبرة التي دفنت فيها منظمة التحرير جزءاً من مقاتليها" الذين استشهدوا في معارك وحروب مختلفة، معظمها في سورية ولبنان. المقبرة ذاتها، كما هو معروف، أصبحت خراباً، بفعل الضربات الجوية والهجمات التي شنّها النظام السوري السابق على مبانٍ خارج أسوارها، ما أدى إلى تحطم هذه المباني وانهيار أجزاء منها داخل المقبرة. وإلى هناك بالضبط اتجه عملاء الموساد، وفقاً لبيرغمان.
وعلى الرغم من أن جزءاً من شواهد القبور كانت مغطّاة بالردم "عرف العملاء بالضبط إلى أين عليهم التوجّه"؛ حيث وقفوا، بحسب الصحيفة، أمام قبر مغطّى بالحجارة والغبار وأنقاض البيوت. وهناك شرعوا في عملية الحفر، حتّى وصلوا إلى رفات مدفون ثم "جمعوا العظام وحملوها بطريقة لا تُثير الشبهات، مغادرين المكان".

وبحسب الصحيفة، فإن صحّت الأنباء التي نُشرت في وسائل الإعلام الأجنبية حول العملية أمس، فالحديث عملياً يدور حول "مقبرة الشهداء القديمة"، المعروفة أيضاً باسم "المقبرة العسكرية لمنظمة التحرير"، التي تقع بالقرب من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب شرقي دمشق. 
وطبقاً لما ينقله بيرغمان، فإنهم في إسرائيل كانوا على يقين بأنه في هذا المكان دُفنت جثّتا اثنين من المفقودين في معركة السلطان يعقوب، وهما الجنديان الإسرائيليان زكريا باومل وتسيفي فلدمان، غير أن غالبية المحاولات التي امتدت عقوداً للوصول إلى هناك قد باءت بالفشل، وحتّى بعض محاولات الوصول التي نجحت أفضت إلى فشل عمليات الحفر. وفي العقد الماضي فقط "تحققت اختراقةٌ"، على إثرها عُثر على جثة باومل، في عام 2019. وهو ما فسّره بيرغمان بأنّ إسرائيل استندت هذه المرّة إلى نقطة انطلاق مفادها بأن الجنديين دُفنا في المكان نفسه، بناء على شهادة حفار قبور، والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ونائبه أبو جهاد.
أخيراً وصل الرفات إلى إسرائيل، ولم تكن هذه المرّة الوحيدة التي يُسرق فيها رفات من قلب سورية، لإجراء فحوصات عليه والتأكد من هويته في تل أبيب، ولكن هذه المرة كانت نتائج الفحوصات الخارجية إيجابية، إذ استند الفحص الخارجي إلى شهادات آخر الجنود الذين رأوا فلدمان، وأكدوا أنه قُتل نتيجة تلقيه إصابةً شديدةً في رأسه، وهو ما ظهر على الرفات أيضاً. فضلاً عن ذلك، فإن فلدمان كان يلبس بزّة عسكرية لا تزال آثارها بعد كل هذه العقود تؤكد أنها تعود لجندي في كتيبة الدبابات.
بعد ذلك أجريت فحوصات "دي أن إيه" في إسرائيل، وهو ما أسهم في غلق حلقة أخرى مما يُعرّف في مجتمع المخابرات باسم "سلسلة الجبال"، في إشارة إلى إحدى القضايا الاستخبارية - العملياتية وأكثرها إحباطاً وإهداراً للموارد البشرية والمادية، والتي شابتها مخاطر كثيرة، على مدى تاريخ الاستخبارات الإسرائيلية. وذلك في إشارة إلى عملية البحث عن الأسرى والمفقودين، ومحاولة العثور عليهم وجلبهم لدفنهم في إسرائيل، وهم الجنود الثلاثة الذين سقطوا في معركة السلطان يعقوب، وقد تبقّت جثة واحد منهم فقط حتّى اللحظة تعود إلى الجندي يهودا كاتس.

 
طبقاً للصحيفة، فإن وراء جلب رفات تسيفي فلدمان "جهوداً استخبارية دولية ومتعددة الأذرع امتدت على مدى أكثر من أربعة عقود. بالإضافة إلى إصرار غير معهود من قادة وخبراء"، وبحسبها فقد قاد إصرار رئيس قسم الأسرى والمفقودين في شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، في حينه، آفي كالو، إلى إنشاء فريق جديد في عام 2014؛ إذ قرّر في ذلك الوقت تجاهل عقود من المنافسات والخصومات الشخصية، ودعا جميع الأشخاص ذوي العلاقة بالقضية، من مسؤولين في شعبة الاستخبارات وآخرين في الموساد والشاباك، وبينهم قادة سابقون كبار عملوا على القضية وتقاعدوا، ليجلسهم على طاولة واحدة حتّى يفهموا أين أخطأوا في كل هذه السنوات. وإثر ذلك عيّن ضابطاً أشير إليه بالحرف "أ" من الاستخبارات العسكرية لقيادة عملية البحث.
في ذلك الوقت، تأكّد المسؤولون في إسرائيل من أنهم وصلوا إلى الحل الصحيح، وأنهم باتوا يعرفون أين دفن كل من فلدمان وباومل. ومع ذلك فإن جميع الجهود التي بُذلت حتى ذلك الحين باءت بالفشل. غير أن كالو وفريقه أصرّوا على المحاولة مرّة تلو أخرى والعودة مجدداً إلى المكان الذي بحثوا فيه مرات كثيرة، وهو ما أفضى في النهاية إلى الاستعانة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي قاد، وفقاً للصحيفة، جهوداً حثيثة لمعرفة اللغز الذي أحاط بـ"مقبرة الشهداء".
وعندما عُثر على رفات باومل واستخرجته من هناك قوات خاصة روسية، ليُجلب إلى إسرائيل في عام 2019، بدأ جهد موازٍ للعثور على فلدمان، إذ عمل عشرات الخبراء على التحقق من الخطأ التاريخي، المتمثل في التفسير الخاطئ لشهادة حفار القبور الذي انتدبه أبو جهاد لنقل الجثث ودفنها. ومع ذلك "تفكك الفريق الإسرائيلي الذي قاده كالو، ومعه الخطة العملياتية". وبحسب ما تزعم الصحيفة "فقط مع سقوط نظام بشار الأسد، أتاحت الظروف لعملاء الموساد في سورية القدرة على العمل في المكان من دون تشويش".

Read Entire Article