تهديدات ترامب الجمركية تعيد رسم ملامح العلاقة الاقتصادية مع أوروبا: من الأكثر تضرراً؟

في تصعيد جديد للتوترات التجارية عبر الأطلسي، لوّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية باهظة بنسبة 50% على كافة الواردات القادمة من الاتحاد الأوروبي، بدءاً من 1 يونيو المقبل.

وتأتي هذه التهديدات وسط اتهامات بعدم إحراز أي تقدم في المفاوضات التجارية بين الطرفين، مما يثير مخاوف جدية بشأن تداعيات اقتصادية أوسع، لا سيما على بعض الدول والقطاعات داخل التكتل الأوروبي.

حتى الآن، تخضع الواردات الأوروبية لتعريفة موحدة بنسبة 10% وفقاً لقرار سابق أصدره ترامب في أبريل، قضى بتجميد الرسوم الأعلى لمدة 90 يوماً.

إلا أن الإعلان الأخير، في حال تطبيقه، يعني قفزة حادة في الرسوم الجمركية قد تُحدث اضطراباً في العلاقات التجارية بين الجانبين.

وتُعد الولايات المتحدة الشريك التجاري الأكبر بشكل منفرد للاتحاد الأوروبي، إذ تجاوزت صادرات التكتل إلى أمريكا 530 مليار يورو (نحو 601.8 مليار دولار) في عام 2024، وهو ما يعادل أكثر من 20% من إجمالي صادرات الاتحاد.

وبحسب تقديرات المفوضية الأوروبية، فإن فرض رسوم جمركية بنسبة 20% كان من شأنه تقليص نمو الناتج المحلي الإجمالي للتكتل بنحو 0.20%.

أما في حال تطبيق التعرفة الجديدة بنسبة 50%، فقد يصل الأثر السلبي على النمو إلى 0.50%، مما قد يزيد من ضغوط الركود في ظل بيئة اقتصادية عالمية هشّة.

ورغم أن التأثير على التكتل الأوروبي ككل قد يبدو محدوداً نسبياً، إلا أن بعض الدول الأعضاء ستكون أكثر عرضة للخطر. أيرلندا، على سبيل المثال، تعتمد بشكل كبير على الصادرات إلى السوق الأمريكية، ما يجعل اقتصادها أكثر انكشافاً على التداعيات المحتملة.

من جهة أخرى، لا تزال التفاصيل غامضة بشأن نطاق التطبيق الفعلي للرسوم. إذ لم يتضح بعد ما إذا كانت جميع السلع الأوروبية ستُخضع للرسوم الجديدة، أم أن بعض القطاعات، مثل صناعة السيارات – التي تخضع حالياً لرسوم بنسبة 25% – قد تُستثنى.

هذا التصعيد من شأنه أن يعمّق الهوة التجارية بين واشنطن وبروكسل، ويدفع بعض دول الاتحاد إلى إعادة النظر في استراتيجياتها التجارية وتنويع أسواق التصدير. كما أنه يعكس عودة النهج الحمائي في السياسة الاقتصادية الأمريكية، في وقتٍ يسعى فيه الاقتصاد العالمي إلى استعادة التوازن بعد موجات متتالية من الأزمات.

في حال نفذ ترامب تهديداته، فإن أوروبا ستواجه اختباراً صعباً على صعيد وحدة مواقفها الاقتصادية، وقد تكون بعض الدول على خط المواجهة الأول.