تهريب النمل

2 weeks ago 5
ARTICLE AD BOX

نجد لتهريب الثدييات الكبيرة، كالأفيال والزرافات ووحيد القرن والنمور والأسود، وأنواع أخرى من الحيوانات البريّة، جذوراً تاريخية يُشبّهها البعض بما كان يجري من تهريب قسري للبشر في العقود المظلمة، خاصة من دول أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية. لكن حين أصبحت الهجرة بإرادة البشر بات الأمر يقض مضاجع دول ما يطلق عليه العالم الأول.
وشارك في بعض الجرائم ملوك ورؤساء من دول العالم الثالث في إطار الهدايا الدبلوماسية، محبة واحتراماً وتقديراً للضيف، أو طلباً للود، وغالباً ما تكون من تراث الدولة، أو من مواردها النادرة، كالحيوانات البرية. يقومون بها من دون دراية بما يترتب على ذلك من زعزعة للنظم البيئية.
وانفتح باب التهريب لتظهر الحيوانات الأفريقية والآسيوية ضمن حيوانات الحدائق، ونجوم السيرك في كل بقعة من أوروبا وأميركا، ومن بعدها طاولت الجرائم الحيوانات الأليفة، وحتى بعض الحشرات.
قد يذكر قراء الزاوية حكايات تهريب العقارب، أما الآن، فقد وصل الأمر إلى مملكة النمل، ففي كينيا، تم العثور في 5 إبريل/نيسان الماضي، على خمسة آلاف نملة معبأة في أنابيب اختبار بحوزة مراهقين من إحدى الدول الأوروبية، لتوجه لهما تهمة قرصنة الحياة البرية، بينما ادعى الشابان أنهما يجمعان النمل من أجل المتعة، ولا يعرفان أن ذلك غير قانوني، فيما قالت السلطات الكينية إن الأمر جزء من اتجاه لتهريب الأنواع الصغيرة والأقل شهرة.
لم يتوقف الأمر عند الأوروبيين، فقد تم توجيه الاتهام كذلك إلى مواطن كيني، وآخر فيتنامي وجد بحوزتهما 400 نملة. وقالت خدمة الحياة البرية في كينيا إن الرجال الأربعة كانوا متورطين في تهريب النمل إلى أسواق في أوروبا وآسيا، وقدرت السلطات قيمة النمل بأكثر من سبعة آلاف دولار، ما يعادل مليون شلن كيني.

وللنمل فوائده في بيئته، إذ يقوم بحفر الأنفاق داخل التربة، ما يساعد على تهويتها وتحسين نفاذ الماء والهواء، كما يساهم في تحلُّل المواد العضوية وتحويلها إلى عناصر غذائية تفيد النباتات، وتتغذى بعض أنواع النمل على الحشرات الضارة، مثل اليرقات والعناكب، ما يساعد في السيطرة على عددها، وحماية المحاصيل، مثلما يساهم في نقل وتوزيع بذور النباتات، وفي تنظيف البيئة من خلال جمع بقايا الطعام والحيوانات الميتة وتحليلها، إلى جانب أن النمل جزء من سلسلة الغذاء، إذ يشكل غذاءً لكائنات من بينها الطيور والزواحف، ما يساعد في الحفاظ على التوازن البيئي.
فهل هناك دور مغاير منتظر للنمل الأفريقي في أوروبا وآسيا حتى تظهر مغامرات التهريب؟
وذكرت خدمة الحياة البرية الكينية أن "التصدير غير القانوني للنمل لا يقوض حقوق كينيا السيادية على تنوعها البيولوجي فحسب، بل يحرم أيضاً المجتمعات المحلية والمؤسسات البحثية من فوائد بيئية واقتصادية محتملة".
(متخصص في شؤون البيئة)

Read Entire Article