توقف مفاجئ لتنسيق المعارضة المغربية لحجب الثقة عن حكومة أخنوش

1 week ago 4
ARTICLE AD BOX

أعلن الفريق الاشتراكي - المعارضة الاتحادية بمجلس النواب المغربي في خطوة مفاجئة، اليوم الجمعة، عن إيقاف التنسيق مع باقي أطراف المعارضة، أحزاب: التقدم والاشتراكية والحركة الشعبية والعدالة والتنمية، بخصوص ملتمس الرقابة على حكومة عزيز أخنوش. وهو الملتمس الذي كان يُفترض أن يكون أداة ضغط أخلاقية وسياسية أكثر منها قانونية على الحكومة، ووسيلة لترميم صورة المعارضة في المغرب وتعزيز حضورها الرقابي استعداداً للانتخابات التشريعية المنتظر إجراؤها العام المقبل.

وفي بيان شديد اللهجة، حمل الفريق الاشتراكي- المعارضة الاتحادية مسؤولية إفشال التنسيق بشأن تقديم "ملتمس الرقابة"، الذي كان من المنتظر تقديمه خلال الأيام المقبلة، إلى بعض مكونات المعارضة، وقال إنه لم يلمس "أي إرادة حقيقية وصادقة لإخراج المبادرة إلى حيز الوجود" نتيجة ما وصفه بـ "الدخول في تفاصيل ذاتية وتقنية لا علاقة لها بالأعراف السياسية والبرلمانية المتوافق عليها والمعمول بها". وانتقد الفريق النيابي ما اعتبره "تشويشاً متعمداً على المبادرة من خلال التسريبات الإعلامية"، والتي قال إنها "تخدم أجندات ضيقة وتضلّل الرأي العام، وتغرق المبادرة في الانتظار وهدر الزمن السياسي، بعيداً عن أخلاقيات التنسيق والتداول المسؤول بين مكونات المعارضة".

وبحسب مصادر برلمانية، فإن قرار الانسحاب جاء بعد تمسك الاتحاد الاشتراكي، المبادر بتقديم ملتمس الرقابة، بما اعتبره حقه في تلاوة النص، استنادًا إلى منطوق النظام الداخلي للمجلس، الذي يمنح هذه الأولوية للجهة التي أودعت الطلب، واعتبر أن احترام المساطر ليس مجرد شكليات، بل ضمان لجدية الفعل الرقابي ومصداقيته في مواجهة الحكومة. في وقت بدا لافتا تمسك حزب الحركة الشعبية بشرعية تقديم الملتمس والحديث باسم المعارضة على اعتبار أنه الحزب الوحيد الذي يوجد أمينه العام ضمن نواب المعارضة.

إلى ذلك، ربط مصدر قيادي في حزب العدالة والتنمية في حديث مع "العربي الجديد" انسحاب الاشتراكيين من المبادرة بـ "تخوف" قيادتهم من استفادة الحزب الإسلامي من العائد السياسي المفترض لهذا الملتمس. وقال المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، موضحاً: "إدريس لشكر (الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية) بحكم تجربته وخبرته اتخذ خطوة الانسحاب لكي لا يسجل الملتمس أصلاً"، خاصة أن إعادة تحريك ملتمس الرقابة جاءت بعد المؤتمر الوطني التاسع لحزب العدالة والتنمية، وبالتالي سيظهر أنه امتداد لنجاح المؤتمر، وأن هذا الأخير حرك الحياة السياسية وليس فقط الحياة الداخلية". ولفت إلى أن تقديم ملتمس الرقابة حدث تاريخي يدخل الذاكرة السياسية في المغرب باعتباره الثالث في المغرب منذ الاستقلال والأول في عهد الملك محمد السادس.

ويعيد انسحاب الفريق الاشتراكي إلى الأذهان ما وقع في 7 إبريل/ نيسان 2024 من إجهاض لتفعيل ملتمس الرقابة، بعدما خرج أحد أطراف المعارضة ليعلن رفضه التنسيق بشأنها، وبينما كانت المعارضة تراهن من خلال الملتمس على الضغط السياسي والإعلامي لإبراز "عجز الحكومة عن مجابهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية"، يضع إعلان الفريق الاشتراكي انسحابه المفاجئ المعارضة البرلمانية في المغرب في موقف حرج بعد فشلها في مسعاها لإطاحة حكومة عزيز أخنوش، كما يكشف مدى تشرذمها وغياب الانسجام بين مكوناتها في مقابل أغلبية قوية ومنسجمة.

ويمنح الفصل 105 من الدستور الحق لمجلس النواب في أن يعارض مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها، بالتصويت على ملتمس للرقابة، ولا يقبل هذا الملتمس إلا إذا وقعه على الأقل خُمس الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس. ويشير الدستور إلى أنه لا تصح الموافقة على ملتمس الرقابة من مجلس النواب، إلا بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم. وتؤدي الموافقة على ملتمس الرقابة إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية. 

وتعليقا على انسحاب الاتحاد الاشتراكي من مبادرة ملتمس الرقابة، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الحسن الأول بسطات (وسط البلاد) عبد الحفيظ اليونسي لـ "العربي الجديد"، إن الخطوة كانت متوقعة في ظل عدم وضوح موقف الحزب من الحكومة، إذ في حالات أخرى دافع عنها أو التزم الصمت ولم يحدد موقفا كما كان الأمر في ملف دعم المواشي.

وربط اليونسي الانسحاب من مبادرة تقديم ملتمس الرقابة بـ "تنافر المعارضة وانحسارها العددي والثقافة المحافظة التي تستند إليها الممارسة المؤسساتية في بلادنا، حيث هناك ركون دائم نحو الاستقرار وعدم القيام باجراءات قد تربك السير العادي لمختلف المؤسسات". وأوضح أن الحكومة بالمغرب هي ائتلافية وتستند إلى أغلبية عددية مريحة، وأن ملتمس الرقابة رغم الاستحالة الموضوعية لإنجاحه كان سيبصم سلبيا تاريخ هذه الحكومة".

بالمقابل، اعتبر رئيس مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية (المغرب)، رشيد لزرق، أن ما وصفها بـ"أحزاب الأفراد" تشكل تهديداً حقيقياً لتفعيل الآليات الرقابية البرلمانية كما يتجلى في تعثر مبادرة ملتمس الرقابة ضد الحكومة الحالية وانسحاب الفريق الاشتراكي من التنسيق مع باقي مكونات المعارضة. ورأى لزرق، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "عقلية الزعامة المهيمنة على هذه الأحزاب، والتي تغلب المصالح الشخصية والحسابات السياسية الضيقة على المصلحة العامة، تتعارض جوهرياً مع متطلبات العمل المؤسساتي القائم على التوافق وتغليب المصلحة الوطنية". 

وأوضح لزرق أنه "بدلاً من تنسيق الجهود لتفعيل الأدوات الدستورية للمراقبة والمحاسبة، تنغمس هذه الأحزاب في صراعات جانبية وتجاذبات سياسية تفرغ العمل البرلماني من محتواه الديمقراطي، وتضعف قدرة المعارضة على أداء دورها الرقابي المنشود". ولفت إلى أن تجاوز هذا المأزق يتطلب انتقالاً حقيقياً نحو ثقافة المؤسسات التي تُعلي من شأن البرامج والمبادئ وتتجاوز منطق الولاء الشخصي والحسابات الفئوية، بما يضمن تفعيلا حقيقيا للأدوات الدستورية وتكريسا للممارسة الديمقراطية في بعدها المؤسساتي.

Read Entire Article