ARTICLE AD BOX
يواجه المغرب معضلة اقتصادية صارخة، حيث تتصادم الأرقام الإيجابية الظاهرية مع واقع مالي ينذر بتفاقم العجز. ففي الوقت الذي تشهد فيه مداخيل الدولة ارتفاعاً غير مسبوق، يرتفع العجز المالي بوتيرة مقلقة، مما يثير تساؤلات جدية حول فعالية السياسات الاقتصادية المتبعة.
فقد كشفت الأرقام الرسمية عن تحقيق مداخيل قياسية بلغت 144.1 مليار درهم حتى نهاية أبريل 2025، بزيادة قدرها 19% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
ومع ذلك، قفز العجز المالي إلى 11.7 مليار درهم، مقابل 1.2 مليار درهم فقط في الفترة ذاتها من عام 2024.
ويكشف تحليل هذه الأرقام عن اختلالات هيكلية في إدارة المالية العامة، حيث تعزى الزيادة في الإيرادات بشكل أساسي إلى ارتفاع الضرائب المباشرة بنسبة 35.5% والضرائب غير المباشرة بنسبة 12.1%، مما يشير إلى تحميل العبء الأكبر على كاهل المواطنين والشركات الصغيرة والمتوسطة.
وفي المقابل، ارتفعت النفقات العامة بنسبة 24.7% لتصل إلى 195.5 مليار درهم، مع تركيز ملحوظ وغير مبرر على نفقات التسيير التي سجلت زيادة حادة بنسبة 30.3%، بينما لم يتجاوز نمو الاستثمارات 17.6%.
والأكثر إثارة للقلق هو أن هذا النمو الظاهري في المداخيل لم يترجم إلى تحسين ملموس في جودة الخدمات العمومية أو في القدرة الشرائية للمواطنين.
بل على العكس، شهدت الأسواق ارتفاعاً مستمراً في أسعار المواد الأساسية، في ظل غياب أي دعم فعلي لمخصصات المقاصة، مما يزيد من معاناة الفئات الأكثر هشاشة.
وتطرح هذه المعطيات تساؤلات جوهرية حول أولويات الحكومة وتوازن قراراتها الاقتصادية، خاصة وأن المواطن العادي لم يلمس أي فوائد حقيقية من الإصلاحات المعلنة، بل يواجه تدهوراً مستمراً في مستوى معيشته.
وبعد مرور ثلاث سنوات على تولي حكومة رجال الأعمال زمام الأمور، يبدو أن النموذج الاقتصادي المأمول لم يحقق أهدافه، حيث تتفاقم الفوارق الاجتماعية وتتراجع الثقة في السياسات الحكومية، بينما تتصاعد الأصوات المنتقدة داخل البرلمان وخارجه.
يبقى السؤال المحوري: متى ستبدأ هذه المداخيل الضخمة في تحسين ظروف المواطنين؟ وهل ستستمر الحكومة في تحميل المواطنين أعباء الإصلاحات دون أن يحصلوا على أي مكاسب ملموسة؟ الإجابة عن هذه التساؤلات ستكون حاسمة في تحديد مستقبل السياسات الاقتصادية والاستقرار الاجتماعي في المغرب.
وإلى جانب ذلك، يمكن إضافة بعض النقاط لتوضيح الصورة بشكل أكبر:
تأثير التضخم: يجب الأخذ بعين الاعتبار تأثير التضخم على القدرة الشرائية للمواطنين، حيث أن ارتفاع الأسعار يقلل من القيمة الحقيقية للمداخيل.
توزيع الثروة: من الضروري تحليل كيفية توزيع الثروة الناتجة عن النمو الاقتصادي، وهل يستفيد منها جميع فئات المجتمع بشكل عادل.
الاستدامة المالية: يجب تقييم مدى استدامة السياسات المالية الحالية، وهل يمكن الحفاظ على هذه المستويات من المداخيل والنفقات على المدى الطويل.
الشفافية والمساءلة: من الضروري تعزيز الشفافية والمساءلة في إدارة المالية العامة، لضمان استخدام الموارد بشكل فعال ووفقاً لأولويات التنمية.
الاستثمار في القطاعات الاجتماعية: يجب زيادة الاستثمار في القطاعات الاجتماعية الحيوية مثل الصحة والتعليم، لتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.