جامعات العراق تحت ضغط الانتخابات.. دعوات لإبعادها عن السياسة

5 hours ago 1
ARTICLE AD BOX

وجّهت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في العراق، الأساتذة والموظفين في عموم الجامعات الحكومية والأهلية، بتحديث بياناتهم الانتخابية، في خطوة هي الأولى من نوعها، وما أثار انتقادات واسعة حيال تدخل الوزارة في ملف الانتخابات وتوجيه الموظفين لتحديث بطاقاتهم الانتخابية، وتأثير ذلك على حرية الإدلاء بالأصوات في الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.

وتواجه الوزارة انتقادات متزايدة حيال تسييس عدد من مقررات المناهج الدراسية، وإتاحة المجال للعمل الحزبي والديني في الوسط الجامعي، منذ تولي القيادي في جماعة "عصائب أهل الحق"، المسلحة نعيم العبودي، مسؤولية الوزارة قبل عامين ونصف العام.

ويعد تحديث بطاقة الناخب شرطاً أساسياً يتيح للعراقي الإدلاء بصوته يوم الاقتراع، علماً أن نسب التحديث لا تزال ضعيفة جداً بحسب مصادر رسمية وغير رسمية، الأمر الذي يؤجج المخاوف من أن نسب المشاركة في الانتخابات المقبلة ستكون متدنية كالتي سبقتها.

ووفقاً لخطاب صادر عن الوزارة في 14 من الشهر الجاري، والذي وجّه إلى الجامعات الحكومية والأهلية، فإنه "لأهمية العملية الانتخابية، كونها مهمة وطنية تقع على عاتق جميع المواطنين من دون استثناء، واستكمالاً لجهود الوزارة في هذا المجال في الفترة السابقة، يرجى بذل أقصى الجهود في حث المدرسين والموظفين والطلبة على تحديث بطاقاتهم الانتخابية".

وشدد على "عمداء الكليات كافة في متابعة عمليات التحديث التي ستجرى داخل الجامعات، وإرسال نسب التحديث بشكل يومي إلى الوزارة"، مؤكداً على "ضرورة عقد عمداء الجامعات اجتماعات يومية مع فرق مفوضية الانتخابات للوقوف على نسب التحديث، والتعاون معها". ودعا الجامعات إلى "الترويج الإعلامي المكثف في مواقع الجامعات الرسمية ومواقع التواصل الاجتماعي لحث الفئات المشمولة على تحديث بياناتها".

وعلى مدى الدورات الانتخابية التي شهدها العراق بعد عام 2003، لم تبادر أي من الوزارات الحكومية إلى إجبار موظفيها "بشكل رسمي" على تحديث بياناتهم أو الإدلاء بأصواتهم. واليوم الاثنين، بدأت الجامعات العراقية عملية التحديث بالتعاون مع فرق مفوضية الانتخابات، وقد أصدرت مكاتب العمداء توجيهات للأساتذة والموظفين بضرورة إجراء التحديث من دون استثناء.

من جهته، انتقد عضو نقابة الأكاديميين العراقيين، سنان الزيدي، إشغال الجامعات بملف الانتخابات، وقال لـ"العربي الجديد" إن "الجامعات مؤسسات تعليمية يجب أن تكون بعيدة عن السياسة"، مؤكداً أن "التوجيه من قبل الوزارة وبكتاب رسمي، هو إجبار للجميع أن يحدثوا بياناتهم، وأن هذه الخطوة بحد ذاتها تمثل تجاوزاً على حرية الفرد. ولا يستبعد أن يتم لاحقاً الضغط باتجاه قوائم معينة ومرشحين معينين، خصوصاً وأن وزاراتنا تقاد من قبل جهات سياسية تحرص على تحقيق مكاسب انتخابية".

وسأل: "هل تنشغل الجامعات بالترويج الإعلامي للانتخابات، أم تكون مؤسسات مهنية تهتم بجانب العلم والتعليم؟".

وأكد الأستاذ في جامعة بغداد، مهند الشمري، أن التوجيه غير مبرر مهنياً، كما أنه استعمال سلطة الوزارة على منتسبيها، مبيناً لـ"العربي الجديد": "كعراقي كفل لي الدستور حق الاختيار وحق التعبير والحرية، لي أن أحدث بياناتي الشخصية أو لا أحدثها. وهذا الرأي يفترض أن يكون مكفولاً دستورياً وقانونياً، وأن أي ضغط من قبل الوزارة بهذا الجانب هو تخط لحدود مسؤولياتها وتجاوز للقانون والدستور".

وأشار إلى أن "تكليف العمداء بمتابعة الملف وتقديم تقرير يومي للوزارة، هو ضغط على جميع منتسبي الوزارة بالتحديث"، مشدداً على أن "المشاركة الانتخابية يجب أن تكون نابعة من حرية الشخص، وألا تأتي نتيجة ضغط حكومي وسياسي".

وكان مراقبون عراقيون قد توقعوا تدنياً بنسب المشاركة في الانتخابات المقبلة إلى ما دون الـ 20%، وعزوا ذلك إلى استمرار القوى والأحزاب التقليدية في التحكم والهيمنة على المشهد السياسي في البلاد. ويعتبر تحديث بيانات الناخبين من أهم مؤشرات المشاركة في الانتخابات، فمن دونه لا يمكن للمواطن ممن لم يحدث سجله سابقاً المشاركة والإدلاء بصوته.

وتحاول الحكومة طمأنة القوى العراقية والجماهير الشعبية بشأن تأمين أجواء الانتخابات المقبلة، وتبديد المخاوف بشأن نزاهتها وعدم التأثير على النتائج من قبل أطراف معينة، سعياً لتأمين مشاركة أوسع. وسبق أن طرحت قوى عراقية مشروع قانون تحت مسمى "الحوافز الانتخابية"، يحصل بموجبه المشاركون في الاقتراع على امتيازات مالية ومعنوية، في خطوة تأتي لتلافي تدني نسب المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، نتيجة لاستياء المواطنين بشكل عام من العملية السياسية، وعدم ثقتهم بالقوى السياسية ووعودها، ما يدفع باتجاه العزوف عن التصويت.

وفي الانتخابات التشريعية العراقية للدورة البرلمانية الخامسة التي أجريت عام 2021، سجلت النتائج أدنى نسبة مشاركة منذ عام 2005، بلغت 41%، إلا أن مراقبين ونشطاء اعتبروا أن هذه النسبة على الرغم من انخفاضها، إلا أنها تمثل وجهة نظر السلطات التي لا تنسجم مع الواقع. ويشير الواقع إلى أن نسبة المشاركة لم تتجاوز 25% من مجموع المؤهلين للمشاركة في الانتخابات، وهذا في أحسن الأحوال.

Read Entire Article